مشاركة تونس في المنتدى الصيني الإفريقي.. المصلحة المشتركة.. المستقبل المشترك
استقبل رئيس الحكومة كمال المدّوري مطلع الأسبوع الجاري سفير الصين بتونس، وان لي، في قصر الحكومة بالقصبة وتمحور اللقاء حول مشاركة تونس في منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي سينعقد بالعاصمة بيكين من 4 إلى 6 سبتمبر 2024. وينتظر أن يشارك في هذا المنتدى الدوري الذي تأسس منذ العام 2000، والذي سيحمل هذا العام عنوان، «التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني/إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك»، رؤساء الدول والحكومات الافريقية.
وكما هو معلوم، فإن بلادنا دأبت على الحضور في هذا المنتدى في أغلب نسخه السابقة وبتمثيل متقدّم في أغلب الأحيان لكن العلاقة والتعاون بين البلدين، وإن كان يسير بثبات وتكافؤ يعكس المصلحة المشتركة والانسجام النسبي في أغلب المواقف من القضايا الإقليمية والدولية، فإنه ظل دون المأمول خصوصا في ظل ما يكتنزه البلدان من قدرات واستعدادات للذهاب بعيدا في الشراكة.
ومن هذا المنطلق، تكتسي مشاركة تونس هذا العام في المنتدى الصيني الإفريقي الشهر القادم أهمية كبيرة لأربعة أسباب وجيهة على الأقل، أولها الأهداف التي وضعتها الدولة المنظمة للتظاهرة، وثانيها الأوضاع الراهنة التي تفرض تقاربا جنوب جنوب، وثالثها زيارة الدولة التاريخية التي أدّاها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جمهوريّة الصين الشعبية نهاية ماي الماضي للمشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني آنذاك وتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع بكين ورابعا الاحتفال بمرور ستة عقود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين سنة 1964.
ومهمّ في تقديرنا أن يؤكد رئيس الحكومة للسفير الصيني حرص تونس على مزيد تطوير هذه العلاقات والاستفادة من فرص التعاون خاصّة في المجال الاقتصادي وهو مجال خصب من شأنه أن يخدم «مصلحة البلدين والشعبين الصديقين» باللغة الدبلوماسية.
وبدوره نوّه السفير الصيني بمستوى التعاون القائم بين تونس والصين وأكد استعداد بلاده لمواصلة العمل المشترك والارتقاء بمستوى التعاون بين البلدين ودعم آفاقه المستقبلية.
هذا اللقاء، وهذه التصريحات، يمكن اعتبارها مقدّمات إيجابية وجريئة من الجانب التونسي على الأقل باعتبار أن الصين ومقاربتها للعلاقات الدولية بوصفها «قوة عظمى» معلومة وهي تخوض صراعا ومنافسة دولية مع القوى النافذة في العالم ولها مشروع وطني قومي ذي أبعاد إنسانية تريد تحقيقه من خلال إعادة إنجاز ما يعرف بطريق الحرير، وترسم بكين علاقاتها مع من ترى فيه صديقا بنعومة كبيرة.
أما بالنسبة إلى بلادنا، والتي تقف على تركة ثقيلة من أخطاء منظومات الحكم السابقة في اختيار الأصدقاء والشراكات، فإنها أمام لحظة إدراك مفصلية واقتناع بتعاظم قوة ودور العملاق الآسيوي كفاعل رئيسي في المشهد الدولي وكأول اقتصاد في العالم بعد هيمنة أمريكية وغربية مطلقة استمرت عقودا من الزمن.
إن مجالات التعاون والعمل المشترك اليوم بين تونس والصين هي في أغلبها مجالات اجتماعية وعلمية وثقافية وإنسانية بخلاف ما يحدث في الشراكة مع غيرها من الأصدقاء.
ويمكن هذا العام، ونحن نحتفي بمرور ستة عقود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أن نقيم جملة من الفعاليات الثقافية والاقتصادية والسياحية والسياسية أيضا وغيرها سواء لتقييم المنجز أو للدفع باتجاه مستقبل مشترك تتحقق فيه بالفعل المصلحة المشتركة.
وكما سبق أن أشرنا إلى ذلك في عديد المناسبات، فإن تونس بحاجة إلى جمهورية الصين الشعبية بقدر حاجة هذه الأخيرة وهي تنجز حلمها التاريخي في استعادة تثبيت طريق الحرير، إلى بلد يقع في قلب العالم وكان وما يزال عبر التاريخ ملتقى للحضارات وتواصل الشعوب ومراكمة التجارب الإنسانية.
ولسنا بحاجة هنا للتذكير بأن تونس بوابة افريقيا والشريك الذي يعوّل عليه للعب الأدوار المتقدمة في المنتدى الصيني الإفريقي القادم.
ولعل ما يساعد هذا التقارب الاشتراك في الموقف من عديد القضايا الدولية والقضايا المتصلة بحقوق الشعوب وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني وبمقدور جمهورية الصين الشعبية في تقديرنا تقديم المزيد من الدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي لشعبنا في فلسطين.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…