2024-08-22

باعتباره من أولويات المرحلة.. هل يرى المجلس الأعلى للتربية النور قريبا؟

لم يعد خافيا على أحد، أن العمل داخل الوظيفة التنفيذية لم يكن بالنسق والجودة والفاعلية التي يريدها رئيس الجمهورية قيس سعيد لذلك أقدم في مناسبتين على تغيير ساكن القصبة وها هو رئيس الحكومة الجديد كمال المدّوري يلتقط على ما يبدو رسائل التكليف ويشرع في إيلاء العناية الضرورية والأولوية المستحقّة للمشاريع التي يعطيها ساكن قرطاج الأسبقية وأشرف في هذا السياق السبت الماضي على مجلس وزاري مضيّق خُصّص لاستكمال النظر في بقية أحكام مشروع القانون المتعلق بإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

وكما هو معلوم فان هذا المجلس منصوص عليه في الباب التاسع، الفصل 135 من الدستور الجديد الذي يقول «يتولّى المجلس الأعلى للتربية والتعليم إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق التشغيل» ويضيف «يضبط القانون تركيبه هذا المجلس واختصاصاته وطرق سيره».

وكما هو معلوم دائما، فقد سبق وأن نُظمت استشارة وطنية حول الإصلاح التربوي خلال السنة الدراسية المنقضية، ورغم أن المشاركة فيها لم تكن مكثفة غير أنها وفق وزارة التربية التي كانت الطرف الأكثر حماسا وانخراطا فيها حملت تقييمات واقتراحات وجيهة للنهوض بالقطاع.

والسؤال المطروح اليوم كيف ستتم الاستفادة من مخرجات هذه الاستشارة وهل ستعتمدها الحكومة في مرحلة أولى ثم نواب الشعب في مرحلة ثانية عند النظر في القانون المحدث للمؤسسة الدستورية التي سترعى مبدئيا التربية والتعليم في بلادنا؟

وبما أننا نعيش لحظة تقاطع للأزمنة السياسية والانتخابية والاجتماعية والتربوية، فلا مناص اليوم من التأكيد على ضرورة استعجال صدور القانون وإرساء المجلس الأعلى للتربية والتعليم حتى يشرع في مهامه، لعل ذلك يكون أفضل دواء لقطاع عليل شخّصه رئيس الجمهورية نفسه مرارا وتكرارا وأخيرا خلال الإشراف على إحياء يوم العلم حيث أكد على المكاسب والانجازات في دولة الاستقلال ثم الردّة التي بدأت منذ ثمانينات القرن الماضي وتواصلت إلى اليوم.

ورغم شحّ المعلومات حول الاجتماع الوزاري المضيّق ليوم السبت 17 أوت 2024 فإنّ حضور الوزارات المعنية بالموضوع مؤشر ايجابي لأن التربية والتعليم هي في نهاية المطاف جوهر العمل الحكومي بل جوهر منظومة الحكم برمّتها، وبناء المواطن ينطلق من الأسرة والبيئة الطبيعية ثم المدرسة والمعهد والجامعة فسوق الشغل علاوة على الشارع بطبيعة الحال وغيره من مجالات حراك الناشئة لذلك فإن بصمة وزارات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والمرأة والشباب والرياضة والثقافة وغيرها يجب أن تكون موجودة في روح وفي صياغة القانون.

والأكيد أيضا أن نواب الشعب سيكونون في الفترة القادمة مطالبين بالتسريع في المصادقة على هذا القانون ولكن بعد الدراسة والتمحيص وتقديم الإضافة والاستفادة من الكفاءات الوطنية التي لها ما تقدم وما تقول في مجالات التربية والتعليم، فالنصوص القانونية الجيّدة والقابلة للتنفيذ هي التي تنبني على مبدإ التشاركية والمشاركة الواسعة للأطراف المعنية بالعملية التربوية والتعليمية.

صحيح أن الدستور هو العقد الاجتماعي العام الذي يضبط العلاقات والأدوار داخل المجتمع، لكن قانونا من هذا القبيل يمكن اعتباره أيضا عقدا اجتماعيا قطاعيا لابد ان يعكس التوافق المجتمعي وينبني على أسس الحداثة والتقدم في مجتمع دولي يعيش تغيرات جمّة على مدار الساعة في كل المجالات.

بقي أن ما يمكن التأكيد عليه الآن هو أن إصدار القانون وإرساء المجلس في حد ذاته ليس سوى خطوة على درب الإصلاح والتطوير، فهو كما جاء في نص الدستور يبدي الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق التشغيل وبالتالي نحن في انتظار هذه الخطط الوطنية الكبرى حتى يدلي فيها المجلس بدلوه.

ثانيا، إن إبداء الرأي يتطلب خصالا يجب توفّرها في أعضاء المجلس وهو ما يجب أن ينجح في ضبطه القانون لإضفاء نجاعة على أداء المجلس وحتى لا يكون عائقا أمام التقدّم في الاقتراح والتنفيذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس تفي بتعهداتها وتتكبّد تكاليفها أكثر من شركائها: المقاربة الشاملة في مقاومة الهجرة غير النظامية متعثّرة

استبشر الجميع قبل سنة ونيف بالتوافق الواسع بين شركاء الجغرافيا في حوض البحر الأبيض المتوسط…