2024-08-22

الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي لـ «الصحافة اليوم» : تعزيز التعاون الأمني بين تونس وأمريكا يهدف إلى مجابهة المخاطر التي تتهدّد المنطقة

تربط تونس والولايات المتحدة الأمريكية علاقات دبلوماسية وثيقة تعود إلى أكثر من 200 سنة أي منذ أن وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية أول اتفاق صداقة وتجارة لها مع تونس، ما مكّن من بعث أول قنصلية أمريكية بتونس سنة 1800. وقد عمل البلدان منذ ذلك التاريخ على دعم أواصر التعاون بينهما.

وقد تعززت هذه العلاقات مع دعم التعاون المشترك على أكثر من مستوى وفي مقدمتها التعاون العسكري والأمني نظرا لما تمثله تونس في منطقة شمال إفريقيا و حوض المتوسط من موقع جيو استراتيجي خاصة في ظل تسارع المتغيّرات إقليميا ودوليا.

ومثّل اللقاء الذي جمع أول أمس وزير الدّاخلية خالد النوري، مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس جوي هود والوفد المرافق له، متابعة لتعزيز هذا التعاون المشترك خاصة وأنه تم التباحث حول عدد من مشاريع التعاون المشتركة ذات الصلة بمجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غيرالنظامية.

ومن جهة أخرى قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أول أمس إنّ الولايات المتحدة وافقت على صفقة محتملة لبيع قوارب من طراز سيف أركانجل ومعدات مرتبطة بها إلى تونس بتكلفة تقدر بنحو 110 ملايين دولار.

وللوقوف على أبعاد هذه اللقاءات والمباحثات تحدثت « الصحافة اليوم» إلى المحلل والديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي الذي أكد أن الولايات المتحدة تبحث عن تعزيز هذا التعاون الأمني والعسكري ضمانا لمصالحها في المنطقة كما أنها تعمل على تدعيم علاقاتها الاستراتيجية في المنطقة خاصة في ظل التوتّرات الأخيرة في المنطقة كما أشار إلى وجود تخوّف من «زحف» صيني محتمل على منطقة شمال إفريقيا نتيجة الحضور المكثف للصين عن طريق المشاريع الاستثمارية والتنموية في المنطقة وتحديدا في تونس.

تونس في المقابل تبحث على تنويع علاقاتها وشراكاتها بمختلف القوى الفاعلة في المنطقة فبالتوازي مع اللقاء الذي جمع وزير الداخلية بالسفير الأمريكي كان هناك لقاء جمع رئيس الحكومة بالسفير الصيني.

واعتبر العبيدي أن العلاقات التونسية الأمريكية على مستوى التعاون العسكري والأمني والثقافي والاقتصادي هي علاقات قديمة واستراتيجية وأن هناك عملا من جانب الدولتين على تعزيزها وإثرائها مستقبلا خاصة وأن تونس تستعد لتنظيم استحقاق انتخابي مهم  كما أنها تحتاج لنوع من الدعم في علاقة بمعالجة ملف الهجرة غير النظامية و التوافد غير المسبوق من المهاجرين من دول جنوب الصحراء الافريقية على التراب التونسي.

وتعمل تونس والولايات المتحدة على مستوى اللجنة العسكرية التونسية الأمريكية المشتركة منذ سنوات على تعزيز القدرات والكفاءات العسكرية التونسية وقد أتاحت اجتماعات اللجنة الأخيرة في ماي الفارط فرصة لإعادة تأكيد التزام البلدين بتعزيز أهداف الدفاع والأمن المشتركة.

ومن بين المواضيع التي تم تناولها التعاون الأمني وبناء القدرات المؤسسية وأمن الحدود ومراجعة برامج بناء القدرات الدفاعية لتونس التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات والتي تموّلها الولايات المتحدة. كما سلطت المناقشات الأخيرة الضوء على نجاح التدريبات العسكرية المشتركة الأخيرة، والتزام الولايات المتحدة بتعزيز أمن الحدود التونسية ومكافحة التهديدات الإرهابية، فضلا عن التحديات الدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك عدم الاستقرار في منطقة الساحل وخارجها.

واتفق البلدان على مواصلة العمل معًا بشكل وثيق لتعزيز شراكتهما الاستراتيجية الثنائية وتحقيق المصالح الاستراتيجية المتبادلة وفقًا لأهداف خارطة الطريق الأمريكية التونسية للتعاون الدفاعي والتي تشمل بناء القدرات وقابلية التشغيل العسكري المشترك ودرجة استعداد القوات والمساهمات الأمنية الإقليمية.

وعلى هامش اجتماعات اللجنة تسلّمت تونس سادس طائرة نقل عسكرية من طراز C-130 تم اقتناؤها في إطار برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية وتدخل الخدمة ضمن أسطول تونس النشط.

كما ناقش المشاركون في اللجنة مجموعة واسعة من المبادرات للمساعدة في بناء القدرات المهنية، والرفع من القدرة العملياتية المشتركة، وتوسيع نطاق الأمن الإقليمي. وتضمنت المناقشات الاستراتيجية تبادل الأفكار حول سبل تنمية الشراكة العسكرية خلال السنوات المقبلة من خلال برنامج الشراكة الحكومية والتدريب المشترك والتكوين المهني والتمارين الثنائية ومتعددة الأطراف، بما في ذلك تمارين الأسد الإفريقي وفينيكس إكسبرس.

وإلى جانب التعاون الأمني والعسكري يؤكد مسؤولون أمريكيون على أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بدعم جهود تونس الرامية إلى تحقيق نمو اقتصادي صلب ومستدام وشامل وذلك من خلال تحسين مناخ الأعمال وخلق فرص العمل ودفع التبادل التجاري بين البلدين.

كما تعمل كل من الولايات المتحدة وتونس من أجل المحافظة على الموروث الثقافي التونسي الثري والترويج له إلى جانب توسيع مجالات التعاون الأخرى في الميادين التربوية والثقافية والتبادل المهني وتطوير الشراكات في مختلف المجالات والقطاعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

نبيه ثابت رئيس لجنة الصحة في البرلمان في حوار لـ«الصحافة اليوم» : قطاع الصحة يحتاج إلى إصلاح يشمل أربعة محاور

تجمع جميع الأطراف المتداخلة في القطاع الصحي أن القطاع بحاجة إلى مراجعة هيكلية على المستوى …