في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، بات من الضروري العمل على تضييق الخناق على الاقتصاد الموازي وتجفيف مستنقعات التهرب الضريبي الذي يمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، ويعزز من الفجوة بين الطبقات هذا ما اكدته الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة على صفحتها الرسمية كما في كل تصريحات ممثليها التي تؤيد جميع الإجراءات الصارمة التي تهدف إلى تنظيم السوق وضمان دفع المستحقات الضريبية باعتبار ان هذه الخطوات ليست مجرد قوانين وإجراءات،بل هي دعامة أساسية لدفع عجلة التنمية وتحقيق المساواة في الفرص.
تحويل الاقتصاد الموازي في تونس إلى اقتصاد منظم حسب الجمعية يتطلب جهودًا شاملة ومتعددة الأوجه ويستوجب أن تتعاون الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني معًا لتحقيق هذا الهدف الاقتصادي المهم ومعلوم أن عديد الجهات والهياكل إلى جانب الخبراء والمختصين من الاطراف الداعية طيلة السنوات المنقضية إلى ضرورة مكافحة التهرب الضريبي وادماج الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية المنظمة بالنظر الى انه أضر كثيرا بالبلاد وحرمها من موارد هامة كانت تغنيها عن اللجوء الى التداين وهذا ما اكدته وزيرة المالية في عديد المناسبات حيث شددت على ان معالجة هذه الظاهرة من شأنها أن تعزّز إمكانيات الدّولة بما يكرس سياسة التعويل على الذات والتقليص من اللجوء إلى المديونيّة، وقالت أن تنامي هذه الآفة في السنوات الأخيرة كلّف الاقتصاد الوطني خسائر فادحة حسب ما أقرّته كلّ الدراسات والإحصائيات.
كما سبق أن أعلنت وزيرة المالية أن سنة 2024 ستكون سنة إدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنّظمة ليقوم بواجباته الجبائية ويساهم في دعم موارد ميزانية الدولة، خاصة أمام تنامي هذه الظاهرة رغم الجهود المبذولة للتصدي لها. وتنسجم الدعوة إلى مكافحة الاقتصاد الموازي مع برنامج وزارة المالية التي رفعت هذا الشعار خلال سنة 2024. وقد تم القيام بخطوة عملية جديدة في هذا الصدد من خلال اعداد دراسة أوّلية أنجزتها اللجنة الفنيّة التي كلّفت من قبل وزيرة الماليّة بإعداد استراتيجية وطنيّة لمكافحة الاقتصاد الموازي. وتم عرضها في اجتماع المجلس الوطني للجباية يوم 12 اوت الجاري باشراف وزيرة المالية. وقد تضمّنت تشخيصا مفصّلا للظاهرة حسب القطاعات والاجراءات المتخذة للحدّ منها والدراسات المتواترة التي تمّ إعدادها في الغرض فضلا عن جملة من المقترحات ذات الطابع التشريعي وأخرى ذات طابع ميداني تمّ عرضها على أنظار المجلس الوطني للجباية للنقاش والتداول وبيّنت وزيرة الماليّة في افتتاح أشغال هذا المجلس، أنّ التصدّي لظاهرة الاقتصاد الموازي يأتي في إطار تكريس شفافية المعاملات والعدالة بين كلّ الناشطين الاقتصاديين وتعزيز المنافسة الشريفة، سيما وأنّ تكريس مبدإ الامتثال الضريبي واحترام القوانين والتراتيب الجاري بها العمل هو من مقوّمات الحسّ والوعي الوطني، مشدّدة في السياق ذاته على أنّ الحلول المقترحة لمقاومة هذه الظاهرة ستكون ضمن مقاربة شاملة تغطّي كلّ الجوانب وتعالج مختلف الأبعاد الاقتصاديّة وخاصّة الإجتماعيّة التي تضمن الإحاطة بالفئات الهشّة وذات الدّخل الضعيف.
الاكيد أن مقاومة الاقتصاد الموازي، هذه الظاهرة المعقدة والمتشابكة ليست يسيرة وتتطلب مزيد انخراط الجميع وتكاتف الجهود من أجل تفعيل الحلول العملية الناجعة لإدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنظّمة.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …