المجلس الأعلى للتربية والتعليم: أي دور للأولياء..؟
لعلّ إصلاح المنظومة التربوية العمومية يعدُّ أولوية قصوى تعمل كل الأطراف المتدخلة في القطاع على تحقيقها وتجسيدها على ارض الواقع من خلال البناء على أسس وقواعد صحيحة من خلال التكامل الفعلي بين كل العناصر المكونة للمجال وتشريكها في كل مراحل الإصلاح وباعتبار ان الولي يمثل احد اهم العناصر المكونة للمنظومة التربوية فإلى اي مدى يمكن القول انه شريك فاعل في عملية الإصلاح وأي دور له في المجلس الأعلى للتربية والتعليم؟
يقول في هذا السياق رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني ان الولي هو المكلف قانونيا بالسهر على تأمين كل حاجيات الطفل العاطفية والمادية والمعنوية والضامنة لنموه بصفة طبيعية وذلك في كلّ ما يتعلق بصحته وكرامته ورعايته وسلامته واكتماله المعنوي والبدني. وهي مسؤولية يتحملها الاولياء الطبيعيون والاولياء بالتبني او بالكفالة وهو دور يمكن ان يلعبه ميدانيا كل قريب يسعى الى تقديم الإضافة في ما يتعلق بظروف التعليم والتعلم للتلميذ بالمحيط العائلي والمحيط المدرسي.
ويقول الزهروني ان الولي هو في واقع الامر صاحب رأس المال البشري والمالي في ما يتعلق بالشأن التربوي فالتلميذ الذي يمثل محور العملية التربوية هو ابنه وابنته والولي هو الذي يتحمل المصاريف التي يتطلبها تعليمهما طيلة مسارهما الدراسي في مستوى العائلة وهو الذي يساهم من خلال تسوية وضعيته الجبائية في تمويل جزء من الاعتمادات المخصصة لقطاع التعليم.
وفي ما يتعلق بالجانب القانوني الصرف نذكر بانّ الفصل 52 من دستور 25 جويلية 2022 ينصّ على أنّ ا حقوق الطّفل مضمونة. وعلى أبويه وعلى الدّولة أن يضمنوا له الكرامة والصّحة والرّعاية والتّربية والتّعليمب وهي الحقوق نفسها في مضامينها ومقاصدها والتي تنص عليها المادة 26 من الإعلان الدولي لحقوق الأنسان والمادة 18 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
نذكر أيضا بأنّ الفصل 47 من القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 المؤرخ في 23 جويلية 2002 والمتعلق بالتربية والتعليم المدرسي أكد على أن اتضطلع الأسرة التربوية في كنف التعاون والتكامل، بالمهام الموكولة إليها في نطاق الوظائف الأساسية للمدرسة… وتتكون الأسرة التربوية من إطار التدريس وإطار الإشراف الإداري والبيداغوجي ومرشدي الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي والمرشدين التربويين والقيمين. كما تضم الأسرة التربوية الأولياء والتلاميذ والجمعيات ذات العلاقة من خلال ممثليهم بمجالس المؤسسات التربوية..ب
ونذكر في الأخير بأنّ الفصل 11 من الأمر عدد 2437 لسنة 2004 المؤرخ في 19 أكتوبر 2004 والمتعلق بتنظيم الحياة المدرسية (والذي تمّ إتمامه وتنقيحه بالأمر عدد 827 لسنة 2012 المؤرخ في 11 جويلية 2012 في العنوان المتعلق بالأطراف المتدخلة في الحياة المدرسية) ينص على أنّه ايقصد بالأطراف الفاعلة في الحياة المدرسية من خارج المؤسسة التربوية الأشخاص الماديون والمعنويون الذين تربطهم بالمؤسسة علاقات تعاون وتكامل ومشاركة … ومن ضمنهم الأولياءب والذين يمثلون ا طرفا تربويا وسندا للمدرسة في تربية الناشئة وتعليمهمب … والمؤسسة التربوية مدعوّة إلى… ا اطلاعهم على المشاريع التربوية وأهدافها. والأولياء مطالبون من جهتهم بمعاضدة مجهود المؤسسة التربوية في متابعة منظوريهم وتأطيرهم مع واجب احترام التنظيمات البيداغوجية للمدرسة ومكانة المدرّس العلميةب …
ويتمثل الهدف من الانطلاق بوضع الموضوع في اطاره العام والقانوني وفق الزهروني في التأكيد على الدور الأساسي والمحوري للولي عندما نريد إنجاح العملية التربوية في كلّ مراحلها على غرار كل الأنظمة العالمية ذات الأداء المتميز. فاستقالة الاولياء أو تعمّد إقالتهم كما هو الحال اليوم ومنذ سنوات عديدة كان ومازال من ضمن الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى تراجع مستويات اداء المدرسة التونسية وخاصة المدرسة العمومية.
فالأولياء لهم مسؤوليات تجاه أبنائهم وبناتهم وتجاه المؤسسة التربوية من جهة ويمكنهم من جهة ثانية المساهمة في الرفع من أداء المنظومة التربوية والمشاركة في كل ما يتعلق بصياغة المشاريع المدرسية وتنفيذها وفي كل ما هو متصل بضبط السياسات الوطنية المتعلقة بالنهوض بالقطاع، بمسؤوليات تنطلق من البيت وتتمثل في توفير المتطلبات الاساسية للمتعلّم والمتابعة المتواصلة للحياة المدرسية للأبناء وتفادي التصرفات التي تعيق تدرجهم العادي في مساراتهم الدراسية أو تثني سعيهم إلى النجاح والتميز وخاصة منها المتصلة بالمشاكل العائلية بمختلف مظاهرها.
ومسؤوليات تجاه المؤسسات التربوية وتتمثل في إرساء علاقات ثقة واحترام متواصلة مع أعضاء الاسرة التربوية مدرسين ومربين ومسيرين على أساس احترام القوانين والإجراءات المنظمة للقطاع واحترام المسؤوليات والاختصاصات والمحافظة على هيبة المؤسسة التربوية وكرامة الإطار العامل ونبذ العنف بمختلف مظاهره ونبذ التطرف والأقصاء والتمييز والنأي بالمدرسة عن اي توظيف شخصي او سياسي او أيديولوجي.
ويبقى الحق للولي وفق الزهروني في النفاذ إلى المعلومة المتصلة بالمسار الدراسي للأبناء والمتصلة بمشروع المدرسة في أفضل الآجال وبالدقة المطلوبة والحق في إبداء الرأي والاقتراحات بخصوص الحياة المدرسية من خلال تمثيل الاولياء بكل الهيئات ذات العلاقة بالشأن التربوي.
ويمكن تصنيف الاولياء حسب تدرج مستوياتهم التعليمية وحسب تنوع مهنهم واختصاصاتهم واختلاف انتماءاتهم الاجتماعية لكنّ مصالحهم جميعا تتلاقى في النهاية مع نفس مصالح المنظومة التربوية عموما ومع المدرسة العمومية بالخصوص ومع متطلبات تطور المجتمع ونموه وأمنه واستقراره وازدهاره والمتمثلة في ضمان نجاح ابنته وابنه في مسارهما الدراسي. وهو ما يتطلب ضمان تمثيل الاولياء صلب المجلس الأعلى للتربية والتعليم بهدف المساهمة في بلورة السياسات والاستراتيجيات الهادفة الى النهوض بالقطاع خاصة ونحن اليوم على أبواب اصدار القانون المنظم لعمل هذه المؤسسة الدستورية.
ويتطلب أيضا إرساء شراكة فاعلة وبناءة مع الاولياء من خلال تفعيل مجالس المؤسسات التربوية بهدف المساهمة في الرفع من أداء المنظومة في مستوى كل مدرسة ابتدائية ومدرسة إعدادية وكل معهد ثانوي من خلال تشجيع بعث جمعيات أولياء التلاميذ بكل مؤسسة تربوية تشريعا وممارسة على غرار كل الأنظمة التربوية المتطورة. فمثل هذه الجمعيات تبقى التنظيم الأمثل لتأطير الاولياء بهدف الرفع في درجة وعيهم بواجباتهم وبحقوقهم وعندما يتعلق الامر بانتخاب ممثليهم في مجالس المؤسسات وبالمجلس الاعلى للتربية والتعليم.
ويؤكد الزهروني انه من الضروري اليوم الوعي بأهمية التشجيع على ارساء شراكة بناءة بين كل أعضاء الاسرة التربوية خاصة عندما تبنى على الثقة المتبادلة واحترام القوانين والأهداف والاختصاص لتصبح ممارسات فعلية وتقاليد وطنية. فسياسة الثقة تأتي بثمارها مهما طالت المدة ومهما كانت درجة الخطورة وسياسة انعدام الثقة تبقى على الدوام منعدمة الثمار.
فالعائلة التربوية من وجهة نظر الزهروني كالمثلث متساوي الاضلاع يحتلّ قممه الثلاث إطارات الإدارة والتسيير ثم إطارات التدريس والاولياء ويحتل مركز ثقله التلاميذ. وكلما اقتربت القمم من بعضها الا وكان التلميذ هو المستفيد الأساسي وكلما ابتعدت القمم عن بعضها او ادخل اختلال في مستوى مقاييس المثلث إلا وكان التلميذ الأكثر تضررا.
الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل : المراهنة على البحث العلمي آلية للبناء على أسس صلبة
نظم أمس الأربعاء الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل مسيرة انطلقت من وزارة التعليم العالي…