2024-08-20

بعد ماراطون متواصل من المواسم الاستهلاكية : الأسر التونسيّة على أبواب عودة مدرسية «صعبة»

تعيش أغلب الأسر التونسية خلال هذه الفترة التي تتزامن مع اقتراب العودة المدرسية والجامعية أجواء مشحونة بالعديد من الضغوطات بسبب ارتفاع تكلفة مستلزمات الدراسة التي قدرتها المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك بنحو700 دينار (228 دولار) وتشمل الأدوات المدرسية والأزياء والمحفظات ورسوم التسجيل وغيرها وهي تكلفة تفوق قدرة الكثير من أولياء التلاميذ .

لقد اصبحت العودة المدرسية صعبة إلى أقصى الحدود و تمثل  للعديد من العائلات «كابوسًا» لاسيما  بعد ماراطون من المواسم الاستهلاكية المتواصلة من مناسبات الأعياد مرورا  بالعطلة الصيفية وما تحتويه بدورها من مناسبات عائلية وأفراح واصطياف  وصولًا إلى العودة المدرسية، مما يضطر العديد من الأولياء إلى الاستدانة لمواجهة ارتفاع الأسعار.

ونتيجة لتراجع المقدرة الشرائية وتواصل المنحى التصاعدي للأسعار، يزيد مجرد التفكير في  الاستعداد للعودة المدرسية من الإرهاق النفسي لأولياء التلاميذ الذين يعجزون عن توفير الاموال لشراء اللوازم المدرسية التي تنفجر أسعارها من موسم دراسي الى اخر بشكل كبير ، فضلًا عن ارتفاع  تكاليف المحاضن المدرسية التي تعد الفضاء الوحيد لاحتواء التلاميذ ممن أولياؤهم يشتغلون  وإلى غير ذلك من النفقات التي ترهق كاهل الاسر لاسيما وأن نهاية  عطلة فصل الصيف ،غالبًا ما تتزامن مع وصول فواتير استهلاك الطاقة والماء .

كما تتزامن العودة المدرسية هذا العام  مع ارتفاع  مهول في  أسعار المواد الاستهلاكية وقد أشار معهد الإحصاء، إلى أنّ مؤشر أسعار الاستهلاك شهد خلال شهر جوان المنقضي ارتفاعًا بنسبة 0.5 %. ويعود هذا الارتفاع بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.4 % وأسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 1.7 % وأسعار مجموعة المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 0.9 %.

اللجوء إلى التداين

لقد ساهم الارتفاع المستمر في المعيشة في تقهقر الأوضاع المادية للكثير من الأسر التونسية التي باتت تجد متنفسا وحيدا في اللجوء إلى التداين والاقتراض وقد بين في هذا السياق تقرير أصدره  المنتدى الاقتصادي والاجتماعي في تونس حول أزمة التمويل العام وانعكاس ذلك على تراجع الاستثمار والقدرة الشرائية للمواطن أن  معدل الادخار الأسر ي في تونس تراجع بأكثر من عشرة في المائة بسبب انخفاض مستوى الدخل للمواطنين وارتفاع معدل الضرائب. مبينا  بأن المواطن أصبح يستهلك أكثر من ثمانين في المائة من دخله الشهري بعيدا عن التفكير في الادخار بسبب حالة الغلاء المسيطرة على الأسواق ،كما انتقد ذات  التقرير غياب التشريعات التي تدعم الاستثمار فضلا عن غياب المشاريع الصغرى والمتوسطة ما ساهم في تفاقم أعداد العاطلين عن العمل  في ظل تراجع فرص العمل في البلاد.

ونتيجة لهذه الضغوطات المتراكمة بسبب اتساع رقعة الإنفاق وتراجع المقدرة الشرائية تعتبر حوالي ثلثي العائلات التونسية (حوالي 1.8 مليون أسرة) أنه لا يمكن الاستغناء عن التداين بجميع أصنافه وأنواعه ولا يمكنها أن تعيش من دون ذلك ،  بحسب ما كشف عنه بحث ميداني أنجزه المعهد الوطني للاستهلاك  مع العلم وأن عدد الأسر التونسية يناهز  2.8 مليون أسرة مكونة في المعدّل من أربعة أفراد كما أظهر البحث، أن 27 بالمائة من الأسر التونسية (757 ألف أسرة) تعتقد أن التداين ضرورة يمليها ضعف القدرة الشرائية و27 بالمائة تعتقد أنه  ورطة يصعب الخروج منها و20 بالمائة ترى فيه  حلا لتحسين ظروف العيش..

ولتجنب مشكلة التداين وايمانا منها بانه اصبح عبءا وليس حلا تخير العديد من الاسر حلولا اخرى اكثر عقلانية على غرار التخلي على الترفيه خلال  العطلة الصيفية والاصطياف وتخصيص تكاليفها  لشراء مستلزمات العودة المدرسية. كما يعمد البعض من  الأولياء ممن لم يعد بإمكانهم   سداد كلفة دراسة أبنائهم في المدارس الخاصة لارتفاع أسعارها إلى التخلي عن هذه المدارس وتغيير وجهتهم إلى المدرسة العمومية فهي ستكون بالنسبة إليهم أقل وطأة من حيث التكاليف التي يتكبدونها في هذه  المدارس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في آخر فترة من السنة أجواء شتوية بامتياز وتدخلات لإزالة الثلوج

تعيش مختلف مناطق البلاد خلال هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن نهاية السنة الادارية أجواء …