2024-08-18

وزارة السياحة تتحرّك: للتونسي حقّه في السياحة..!

تعتبر السياحة ركيزة من ركائز الاقتصاد التونسي، ونحن عندما نكرّر هذه الحقيقة البديهية فمن باب التنويه أولا، والتأشير ثانيا إلى ضرورة البحث الدائم عن أقوم المسالك من اجل أن ترتقي السياحة ببلادنا إلى أعلى المراتب خصوصا وأن تقييمات عديدة تفيد بتقدم تجارب خارجية غير بعيدة كانت إلى زمن قصير تستأنس بالتجربة التونسية.

ولا يمكن في تقديرنا الارتقاء بالسياحة دون احترام معادلة قد تكون شائكة وصعبة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لكنها بسيطة وعادلة ومنصفة لأبناء البلد ونعني هنا التوفيق بين السياحة الخارجية أي السياحة التي تهم ضيوفنا الأجانب من الأشقاء والأصدقاء والسياحة الداخلية التي تمثل متنفسا للتونسيين ومصدرا أيضا لاستقرار وثبات القطاع السياحي.

وفي باب الحقائق الثابتة دائما لا يختلف اثنان في أننا ما نزال نحتفظ بنفس الأسواق التقليدية وهي مسألة ايجابية من زاوية الاستقرار لكنها لا تنسجم مع تطلعات الانفتاح والتنوع الذي يحصّن هذا الركن الأساسي في الاقتصاد التونسي ويجعله في مأمن من انعكاسات المتغيّرات التي قد تطرأ بين الفينة والأخرى في العلاقات الثنائية والجماعية للدول.

كما أننا ما نزال تقليديين صراحة في التركيز على انواع الخدمات السياحية المسداة، ونختزل المخزون السياحي التونسي في أغلب الحالات في البحر والرمل وبعض التحف التقليدية والمعالم الأثرية، والحال ان مجالات أخرى واعدة يمكن ان تفتح مزيدا من الآفاق، ونتحدث هنا على سبيل المثال عن السياحة الصحراوية وعن السياحة الثقافية والفنية والعلمية وخصوصا السياحة الصحية ذات المردودية الكبيرة فالبنية التحتية والخبرات التونسية في مجالات بعينها كالتجميل والجراحة بكل أنواعها يمكن أن تدخل في باب الترويج لاستقطاب الزوّار الأجانب..

وبالرجوع إلى التاريخ البعيد والقريب على حد سواء، يتبين أن قطاع السياحة في بلادنا مرّ بأزمات حادّة ارتبطت بالأوضاع الإقليمية والدولية، وأثّر عزوف السياح الأجانب تأثيرا عميقا على نشاط النزل ووكالات الأسفار وشركات الطيران وكل الأطراف المتدخلة في الموضوع، ولولا هبّة التونسيين لكانت الضربة القاسمة لهذا القطاع الذي يقول عنه خبراء الاقتصاد انه قطاع هش لا يتحكم في مصيره بقدر ما تتحكم فيه الظروف الموضوعية.

ومن هذا المنطلق فان على أهل الحل والعقد في القطاع أن يأخذوا بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن وان يدركوا دور «السيّاح الداخليين» أو المحليين إن جاز القول، وأن لهم حقوق في نهاية المطاف، والسياحة هي حقّ من حقوق المواطن التونسي وليست منّة وهو ليس عجلة خامسة عند الضرورة.

وحسنا فعل وزير السياحة محمد المعز بلحسين قبل يومين حين قام بعملية تفقد غير معلنة لمنطقة سياحية بمدينة الحمامات وحث أصحاب الوحدات السياحية على توفير أفضل الخدمات للسائح التونسي والعمل على مزيد تشجيعه على الإقبال على المؤسسات السياحية عبر أسعار تفاضلية وخدمات راقية.

إنها مبادرة ايجابية في تقديرنا وربما كان الأفضل إطلاقها في وقت متقدم مع بداية العطلة الدراسية وكذلك خروج الأولياء في إجازاتهم الصيفية خصوصا وقد تواترت الأنباء في الفضاء الافتراضي وفي مواقع التواصل الاجتماعي حول خدمات دون المأمول وأسعار خيالية ومشطّة صدم بها أصحاب النزل العائلات التونسية.

وقد شجعت هذه الوضعية ما يمكن أن نسميها السياحة الموازية التي تعسّف فيها أصحاب المنازل القريبة من البحر على التونسيين وفرضوا عليهم أسعارا باهظة كذلك فوجد المواطن نفسه بين المطرقة والسندان في غياب رقابة حازمة لأصحاب المنازل وأصحاب النزل.

ولعله من المناسب الآن، استعدادا للمواسم القادمة التي هي ليست مرتبطة بالضرورة بالصيف فالعطل المدرسية هي على مدار العام وحاجة التونسي للراحة أيضا يمكن أن تكون في كل الفصول لذلك نقول إن السائح التونسي هو صمام أمان المداخيل المالية في القطاع السياحي وهو ما يجب أن تهتم به سلطة الإشراف دون أدنى شك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس تفي بتعهداتها وتتكبّد تكاليفها أكثر من شركائها: المقاربة الشاملة في مقاومة الهجرة غير النظامية متعثّرة

استبشر الجميع قبل سنة ونيف بالتوافق الواسع بين شركاء الجغرافيا في حوض البحر الأبيض المتوسط…