2024-08-17

رئيس الجمهورية يشرف على إحياء موكب الاحتفال بيوم العلم: «التربية» بحاجة إلى حلول نهائية..!

وضع رئيس الجمهورية قيس سعيد الأمور في نصابها يوم أمس الجمعة 16 أوت 2024، خلال إشرافه على موكب الاحتفال بيوم العلم بقوله أننا نحتفل بالفعل بيوم العلم لكن كل أيام السنة هي أيام علم ومن هذا المنطلق تتجلى ببساطة أهمية قطاع التربية والتعليم في حياة الشعوب وبناء الدول بأيادي الناشئة المتعلّمة.

ومرة أخرى يقدّم رئيس الجمهورية تشخيصا نتفق في أغلبه إن لم يكن في كلّه، ويقدّم عرضا إن لم نقل كذلك قراءة تاريخية للتربية في بلادنا قبل الاحتلال المباشر لبلادنا وبعده في دولة الاستقلال، وقد كان مطلب إصلاح التعليم مرتبطا بالحركات الإصلاحية وحركة التحرير الوطني إلى حدود ثمانينات القرن الماضي حيث توالت التغييرات والتعديلات تحت عناوين الإصلاح التي فُرض بعضها للأسف من الخارج فتراجعت المكتسبات بدل دعمها وتطويرها في ظل اختيارات وطنية خالصة.

على أن هذا التشخيص للواقع التربوي الذي هو ليس على ما يرام لم يمنع من توجيه رسائل إيجابية إلى الأطراف المشاركة في العملية التربوية والتي هيأت سبل النجاح سواء من العائلات أو الأساتذة والإداريين وحتى من قطاعات الخدمات كالنقل والصحة وغيرها فالنجاح ثمرة عمل جماعي صلب الدولة ومن لم يحالفه النجاح لا يستكين للفشل وهي في النهاية تجربة يمكن أن تمهّد للتميز في المستقبل.

إن أسباب الفشل التي عدّدها الرئيس ونتفق فيها معه عديدة،فيها عوامل ذاتية لكنها في أكثر الأحيان عوامل موضوعية تتصل بعناصر كثيرة أخرى ليس أقلها الأوضاع الاجتماعية وشظف العيش وصعوبة التنقل والوضع المتردي لعديد المؤسسات التربوية على حد قوله.

ولأن الثروة البشرية هي الثروة التي لا تنضب فإن المسؤولية الوطنية وواجب الدولة يقتضي توفير نفس الحظوظ للجميع للتعلّم والنجاح ولا يتحقق ذلك إلا بالإيمان العميق بضرورة الإصلاح الذي طال انتظاره.

وعندما يقول رئيس الجمهورية أن الأوان قد حان لنجد حلولا نهائية شاملة فالأمر في تقديرنا لا يقف عند حدود معالجة وضعية المعلّمين والأساتذة النواب وأصحاب الشهادات وإنصافهم وفق معايير موضوعية تحفظ حقوقهم وحقوق الناشئة في نفس الوقت، ولكن يتصل أيضا بضرورة إيجاد حلول جذرية دائمة لأزمة التربية والتعليم ببلادنا.

ونحن نودّع سنة دراسية ونحتفي بالمتفوقين فيها ونستعد لسنة دراسية جديدة ليس أمامنا متّسع من الوقت للإنتظار وإهدار الوقت والأمل أن يرى المجلس الأعلى للتربية والتعليم النور في أقرب الآجال دون تأخير خصوصا وقد جعل رئيس الجمهورية من هذه المؤسسة الدستورية محور وعنوان الإصلاح الذي يقطع مع التقلبات السياسية والاختيارات الخاطئة، بعبارة أخرى هو خيار استراتيجي سيحقق النقلة النوعية ويقطع مع الفشل.

والاستراتيجيا هنا تفرض مقاربة تشاركية قادرة على تحويل الفكرة التقدمية التي هي في الأصل فردية وصادرة عن رأس السلطة إلى فعل جماعي تفاعلي تتكامل فيه الأدوار رغم استقلالية كل طرف.

وقد سجلنا عند إعلان الفكرة قبل سنة ونيف ايجابية حضور أكثر من وزارة في الاجتماعات الأولى التي أشرف عليها رئيس الجمهورية نفسه، فتكوين الناشئة يبدأ مع وزارات الأسرة والطفولة والصحة ثم التربية والتعليم العالي والتكوين المهني مرورا بالشباب والرياضة والثقافة، في كلمة كل الوزارات تقريبا ..وبالتالي فإن الإصلاح التربوي يجب أن ينبني على رؤية متكاملة ومسترسلة ترافق الطفل من الولادة إلى التخرج من المؤسسة التعليمية ودخول عالم العمل والإبداع المواطني.

إن تاريخ البلاد زاخر كما قال رئيس الجمهورية بالانجازات والمكاسب التي وقع للأسف ضربها بفعل منظومات الحكم المتعاقبة الفاشلة، لكن المراكمة والاستفادة من الماضي والبناء عليه ضرورية للانطلاق من جديد في تحدّي مشكلات العصر وإكراهاته ومخاطره ولعل أبرزها ما يسمى الذكاء الصناعي الذي يريد صنّاعه أن يتحكم فينا بدل أن نتحكم ونستفيد منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس تفي بتعهداتها وتتكبّد تكاليفها أكثر من شركائها: المقاربة الشاملة في مقاومة الهجرة غير النظامية متعثّرة

استبشر الجميع قبل سنة ونيف بالتوافق الواسع بين شركاء الجغرافيا في حوض البحر الأبيض المتوسط…