أشرف رئيس الحكومة السيد كمال المدّوري أول أمس بقصر الحكومة بالقصبة على الاجتماع الخامس للمجلس الأعلى للاستثمار لسنة 2024 دعا خلاله  إلى ضرورة العمل على استقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، وخاصة المشاريع الكبرى وذات الأهمية الوطنية، وعلى الإحاطة بالمستثمرين، من خلال تذليل الصعوبات الإدارية التي تعترضهم، كما شدّد على ضرورة معالجة الإشكاليّات المتعلقة بالمشاريع التنموية لاستحثاث نسق إنجازها وفق ما جاء في الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة. ولم تكن المرة الأولى التي دعت فيها السلطة إلى العمل على توفير مناخ ملائم للإستثمار ومراجعة المنظومة الإدارية والإجرائية.

وفي الواقع بقيت البيروقراطية العائق الأبرز الذي عطل عديد المشاريع الإستثمارية رغم حاجة البلاد إليها باعتبارها أحد اهم محركات الاقتصاد ومصدرا مهما لخلق مواطن الشغل ورغم الدعوات المستمرة من مختلف الأطراف ذات الصلة خاصة خبراء الاقتصاد ومكونات المجتمع المدني لتذليل هذه الصعوبات ووضع منظومة إدارية مواكبة لمتطلبات العصر إلا أن هذه الخطوة ما تزال تشهد تعثرا إلى جانب الدعوات لتنقيح قانون الإستثمار علما أن مجموعة من النواب كانوا قد تقدموا في افريل الماضي  بمشروع قانون يهدف إلى تنقيح قانون الاستثمار، عدد 71 لسنة 2016 الذي يهدف إلى تبسيط ورقمنة الإجراءات الإدارية، من أجل الحد من التمشيات الإدارية ممّا من شـأنه أن يحد من بيروقراطية الإدارة التونسية ويقلّص من فترات إنتظار المستثمرين لإطلاق مشاريعهم إلى جانب نقاط أخرى تم تضمينها لهذا المشروع. وكما هو معلوم خسرت بلادنا عددا من الشركات الأجنبية بعد 2011 جراء الأوضاع السياسية والإجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد حينها اذ تقدر الأرقام مغادرة نحو 400 شركة اجنبية لتونس خلال السنوات الثلاث الأولى بعد الثورة مما تسبب في خسارة آلاف مواطن الشغل. وكان لابد من معالجة هذا الملف والعمل على إستعادة ثقة المستثمر الأجنبي لتحقيق تعاف تدريجي لواحد من أهم محركات الاقتصاد ولعل في الأرقام المسجلة خلال السداسي الأول من 2024 بوادر تحسن قد تؤشر لمزيد استقطاب رأس المال الأجنبي خاصة بعد إستكمال تنقيح الإطار التشريعي وتطوير المنظومة الإدارية والإجرائية.

مع الإشارة الى ارتفاع قيمة الإستثمارات الأجنبية في تونس بنسبة 13،8 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023 لتقدر بـ1388،9 مليون دينار خلال النصف الأوّل من 2024 وفق معطيات نشرتها  وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي. وتتوزّع هذه الاستثمارات بين استثمارات في البورصة، التّي شهدت تراجعا حادا بلغت نسبته 89،9 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023، لتقدر قيمته بـ13،6 مليون دينار  مقابل 134،4 م د في 2023، والإستثمارات الأجنبية المباشرة، التّي قدّرت قيمتها بـ1375،3 م د مسجلة زيادة بنسبة 26،6 بالمائة، مقارنة بـ2023، وبنسبة 9،8 بالمائة مقارنة بـ2019، ما قبل الجائحة الصحيّة.

وتجدر الإشارة إلى أن  الاستثمارات الخارجية المباشرة في تونس، مكنت  باستثناء الاستثمارات في المجال الطاقي، خلال النصف الأوّل من سنة 2024 من إنجاز 610 عمليّة استثمارية بقيمة جملية ناهزت 1057،2 م د سمحت بإحداث 4820 موطن شغل جديد.

وتعلّق 34 استثمارا من هذه الاستثمارات بانجاز مشاريع جديدة، بقيمة 77،2 م د، مكنت من احداث 783 موطن شغل جديد. اما في ما يتعلّق بـالـ576 استثمار المتبقية التي تمثل 94 بالمائة منها  مشاريع توسعة، بقيمة 980 م د، وأفضت إلى زيادة 4037 موطن شغل جديد.

ويظهر التوزيع الجغرافي لهذه الاستثمارات تفاوتا جهويا إذ تمركزت 52 بالمائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتونس الكبرى (553،5 م د)، وأساسا، بولاية تونس، بقيمة 314،9 م د وبمناطق الشمال الشرقي، بنسبة تجاوزت 26 بالمائة من هذه الاستثمارات (278،8 م د).

كما تتصدر  فرنسا  قائمة البلدان، التّي تأتت منها الاستثمارات الاجنبية المباشرة نحو تونس، بقيمة 344،2 م د، ما مثل أكثر من 32 بالمائة من هذه الاستثمارات الأجنبية، باستثناء الاستثمارات في المجال الطاقي، تلتها إيطاليا بقيمة 141،3 م د، فألمانيا بقيمة 115،3 م د وإسبانيا، بقيمة 79،6 م د، فيما احتلت قطر المرتبة الخامسة ضمن القائمة ذاتها بقيمة 72،5 م د.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا

تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…