2024-08-15

جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة: صفقة التبادل.. شروط جديدة لنتنياهو وأساليب لإفشال المفاوضات

الصحافة اليوم (وكالات الانباء) تتجه الأنظار من جديد إلى الدوحة حيث ينتظر أن تعقد جولة جديدة من مفاوضات تبادل الأسرى اليوم وسط شروط يضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتتجدد مع كل مفاوضات.

بيد أن الجولة الجديدة تأتي خلافا لسابقاتها في سياقات أكثر حساسية وتعقيدا وتبدو مختلفة جذريا عن الأجواء والسياقات التي انعقدت فيها جولات التفاوض الماضية سواء تعلق الأمر بطرفي التفاوض غير المباشر (حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والكيان الصهيوني) أو حتى بالولايات المتحدة التي تدعم الكيان بشكل مطلق وفي الوقت ذاته تشارك في جهود الوساطة.

ولأجل ذلك وصفت وسائل إعلام صهيونية اجتماع اليوم بأنه «لقاء الفرصة الأخيرة لإعادة الأسرى أحياء» بينما لا تعول أطراف كثيرة على حصول اختراق في هذا الاجتماع مع استمرار تعنت نتنياهو ووضعه مزيدا من الشروط والعراقيل أمام جولة اجتماع أو جولة مفاوضات.

وقبل أيام دعا قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر كلا من حماس والكيان إلى الاجتماع لإجراء مفاوضات في 15 أوت  إما في القاهرة أو الدوحة لوضع اللمسات النهائية على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين.

السياقات الصعبة

وبالنسبة لحركة حماس وللمقاومة وحلفائها بشكل عام ينعقد هذا اللقاء في سياق تصعيد صهيوني وصل إلى درجات غير مسبوقة منذ بداية العدوان على قطاع غزة قبل أزيد من 10 أشهر وتمثل ذلك في الاغتيالات الأخيرة التي طالت كلا من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر.

وبالتزامن مع تلك الاغتيالات النوعية تواصل آلة الحرب الصهيونية سحق مظاهر الحياة في غزة وحرق عشرات الأرواح البريئة كل يوم مع محو أحياء كثيرة من خارطة الحياة، وتدمير المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء.

ونتيجة لذلك طالبت حماس الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قبلته في الثاني من جويلية الماضي استنادا إلى رؤية الرئيس الأميركي جو بايدن وقرار مجلس الأمن 2735 وإلزام إسرائيل بذلك بدلا من الذهاب إلى جولة مفاوضات جديدة.

وحذرت حماس -في بيان- من أن الدخول في جولات مفاوضات أو مقترحات جديدة سيوفر الغطاء لإسرائيل للاستمرار في عدوانها ويمنحها مزيدا من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وأكدت الحركة حرصها منذ البداية على إنجاح جهود الأشقاء الوسطاء بقطر ومصر للوصول إلى اتفاق وقف النار ينهي حرب الإبادة الجماعية بغزة مشيرة إلى أنها خاضت جولات مفاوضات عديدة وقدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية لتحقيق أهداف ومصالح الشعب الفلسطيني وحقن دمائه.

مأزق الاحتلال

أما بالنسبة إلى دولة الاحتلال فهي في مأزق حقيقي يتعاظم كل يوم فجيشها عالق في غزة لا هو قادر على تحقيق أهداف الحرب ولا حتى على الحصول على صورة نصر ولا هو أيضا قادر على إنهاء الحرب بحكم تعنت نتنياهو واستمراره في وضع شروط جديدة في كل مرة..

على أن الجولة الجديدة من التفاوض تأتي وقد تعمق المأزق وتعاظمت المخاطر وباتت دولة الاحتلال كلها تقف على «قدم واحد» في انتظار رد متعدد الجبهات من إيران وحزب الله وأنصار الله (الحوثيين) على اغتيال هنية وشكر وقصف ميناء الحديدة.

ومع مأزق غزة والتحديات الإقليمية تفرض التباينات والانقسامات الداخلية إيقاعا جديدا على الوضع الداخلي في الكيان بعد تصعيد وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت ضد نتنياهو واعترافه لأول مرة وبشكل علني بأن دولة الاحتلال هي سبب تأخير إبرام صفقة إعادة «المختطفين» وأن الحديث عن انتصار مطلق «محض هراء».

وفتحت تصريحات غالانت تلك التي أدلى بها في اجتماع مغلق بالبرلمان (الكنيست) السجال بشأن الصفقة وأهداف نتنياهو من استمرار الحرب، كما قادت إلى رد سريع من مكتب نتنياهو اتهم فيه وزيره للدفاع ضمنيا بالخيانة حسب قراءة إحدى الصحف الصهيونية لمضامين ذلك التصريح.

فقد قال مكتب نتنياهو إنه «عندما يتبنى غالانت الخطاب المناهض فإنه يضر بفرص التوصل لصفقة وكان عليه مهاجمة (رئيس حركة حماس) يحيى السنوار الذي يرفض إرسال وفد للمفاوضات وما يزال العائق أمام الصفقة».

وقال المكتب «أمام الكيان خيار واحد هو تحقيق النصر وتوجيهات رئيس الوزراء هذه ملزمة للجميع بمن فيهم غالانت».

العجز الأمريكي

ولا تبدو الولايات المتحدة وهي الداعم الأكبر للكيان الصهيوني وأحد أبرز الوسطاء في صفقة التبادل في وضع سياسي أحسن من الكيان في ظل حالة الانقسام والانشغال بالحملات الانتخابية التي لا شيء يدانيها، ولا صوت يعلو عليها حاليا في الولايات المتحدة.

ويشير الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إلى أن نتنياهو رغم ضعفه السياسي داخل الكيان يبدو أقوى من الرئيس الأميركي جو بايدن داخل الولايات المتحدة لافتا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحدى فيها نتنياهو الإدارة الأميركية.

وأضاف أن سكوت الإدارة الأميركية المتكرر شجع نتنياهو على التمادي وهو يعتمد في ذلك على 3 عوامل الأول الانقسام داخل الإدارة الأميركية، والثاني قوة اللوبي اليهودي الذي يستخدمه نتنياهو للضغط على بايدن والثالث حالة الارتباك الشديد في الإدارة الأميركية وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة.

شروط نتنياهو الجديدة

في ظل تلك السياقات الصعبة بالنسبة للجميع يجد نتنياهو فرصة مثالية للاستمرار في «لعبته» المعهودة بمد آجال التفاوض ووضع المزيد من الشروط المرة تلو المرة سعيا لإطالة أمد الحرب وإفشال أي مسعى لإنهائها.

وقد نقلت شبكة إن بي سي الأميركية أمس الأربعاء عن مسؤولين أميركيين وأجانب قولهم نتنياهو قدم في ماي الماضي شروطا جديدة من شأنها تعقيد المفاوضات.

وذكرت أن من بين تلك الشروط استمرار الاحتلال بالسيطرة على حدود قطاع غزة مع مصر (محور فيلادلفيا).

وذكر هؤلاء المسؤولون أن الشروط الجديدة تشمل أيضا فرض قيود جديدة على الفلسطينيين الساعين للعودة لديارهم.

وبداية جوان الماضي طرح بايدن بنود صفقة عرضتها عليه دولة الاحتلال لوقف القتال والإفراج عن جميع المحتجزين وقبلتها حماس وقتها، لكن نتنياهو أضاف شروطا جديدة اعتبرها كل من وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت ورئيس الموساد دافيد برنياع معرقلة لجهود التوصل إلى صفقة.

وتضمنت هذه الشروط منع عودة من أسماهم بـ«المسلحين الفلسطينيين» من جنوب قطاع غزة إلى شماله عبر تفتيش العائدين عند محور نتساريم الذي أقامه الجيش الصهيوني قرب مدينة غزة ويفصل شمال القطاع عن جنوبه وبقاء الجيش الصهيوني بمحور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر الذي أعلن السيطرة عليه في 29 ماي الماضي.

ثم أضاف نتنياهو لاحقا شروطا أخرى بينها نفى أسرى فلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية إلى دول أخرى مثل قطر وتركيا.

كما نقلت هيئة البث الصهيونية عن مسؤول صهيوني مشارك في المفاوضات، أن لدى الاحتلال مطالب يعلنها لأول مرة، منها السيطرة على محور فيلادلفيا والتأكيد على غياب حماس في معبر رفح إضافة إلى المطالبة بزيادة عدد «الرهائن» الأحياء الصهاينة الذين سيفرج عنهم إلى الحد الأقصى.

ورغم كثافة الضغوط الداخلية وربما الخارجية التي يواجهها نتنياهو لإبرام اتفاق يعيد المحتجزين وينهي الحرب فإنه لا يعدم حيلة كل مرة للتنصل من تلك الضغوط مستخدما في ذلك عددا من الوسائل …

من المؤكد أن الظروف والسياقات الجديدة ستفرض أجواء مختلفة على الجولة المرتقبة من التفاوض ولكن لا أحد يدري إن كان نتنياهو سيواصل هذه المرة ما اعتاد عليه من وضع مزيد من العقبات في صفقة التبادل ووقف اطلاق النار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

اليوم الـ344 من العدوان على غزة: قصف صهيوني على القطاع و64 شهيدا في 48 ساعة

الصحافة اليوم (وكالات الانباء) واصل جيش الاحتلال الصهيوني قصفه الصاروخي والمدفعي في عديد ا…