ملف الفساد المالي والاداري بشركة “اسمنت قرطاج” مجددا أمام القضاء
ستنظر خلال شهر سبتمبر المقبل هيئة الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، في ملف “اسمنت قرطاج” ،الذي شملت الابحاث فيه رجل الاعمال لزهر سطا ونور الدين فرشيو وصهر بن علي بلحسن الطرابلسي وعدة مسؤولين اخرين .
ويفيد ملف القضية إنه بتاريخ 3 جوان 2006 وجه رجل الأعمال لزهر سطا مراسلة الى وزير الصناعة يعلمه فيها برغبته في تاسيس شركة “اسمنت قرطاج” بالشراكة مع شركة ألمانية بطاقة انتاج تبلغ مليون طن علما وأن الشركة الأجنبية “هيديلبرق” قد قامت منذ سنة 2006 بالأبحاث الجيولوجية والأعمال اللازمة لإعداد المقطع واقرت بإمكانية بعث معمل اسمنت باستعمال المواد الاولية المتوفرة بالمقطع وفي هذا الاطار تم الاتصال من قبل لزهر سطا بوزارة الصناعة لتقديم المستثمر وملامح المشروع.
وفي 19 سبتمبر 2007 قام لزهر سطا بتوجيه مراسلة جديدة الى وزير الصناعة يعلمه فيها بأنه قام بتأسيس شركة دراسات لتقوم بالدراسات اللازمة لتأسيس معمل الاسمنت وتأكيده أن انطلاق الإنتاج سيكون بداية من سنة 2009 وبطلب تدخل الوزير لدى وكالة النهوض بالاستثمار للحصول على التصريح بالاستثمار الذي طالب به منذ 26 ديسمبر 2006.
وفي ديسمبر 2007 قام وزير الصناعة بتوجيه مراسلة الى رئيس الجمهورية يعلمه فيها بأن القدرة الانتاجية لشركة اسمنت قرطاج يمكن أن تبلغ 5.2 مليون طن في سنة 2016 خصوصا وأن مشروع التمويل المالي لتمويل مشروع جبل الرصاص (اسمنت قرطاج) يتالف من 30 الى 35 بالمائة من شركاء أجانب ومن 30 الى 35 بالمائة من مؤسسات مالية عربية و30 الى 35 بالمائة تعود الى مجموعة “ماجوس” لصاحبها لزهر سطا ولمجموعة “كارطاجو” لصاحبها بلحسن الطرابلسي.
وفي 7جانفي 2008 وجه وزير الصناعة مراسلة الى شركة المقاطع الكبرى بالشمال لصاحبها لزهر سطا يعلمه فيها بموافقة رئيس الجمهورية على طلبه لتأسيس شركة “اسمنت قرطاج” علما وان هذا المشروع كان إنجازه مبرمجا بولاية قفصة بالشراكة بين شركة فسفاط قفصة وبين مجمع اسباني.
وبتاريخ 15 فيفري 2008 وجه لزهر سطا رسالة مباشرة الى رئيس الجمهورية وبدون المرور بوزير الصناعة يطلب فيها الترفيع في الطاقة الانتاجية لشركة “اسمنت قرطاج” من 1 مليون طن الى 1.76 مليون طن في السنة رغم أن قرار وزير الصناعة ووكالة النهوض بالصناعة ينص على انتاج مليون طن في السنة وفي 10 مارس 2008 صدر قرار عن وزير الصناعة بالترفيع في القدرة الانتاجية للشركة مع العلم ان شركة اسمنت قرطاج مازالت مجرد مشروع فكرة ولم تتاسس بعد في حين أن لزهر سطا يطالب بالترفيع في الطاقة الانتاجية.
والجدير بالذكر أنه ورد بتقرير الاختبار ان لزهر سطا قد تراجع على مشروع شراكته مع الشركة الأجنبية “هيدلبيرق” نتيجة خوفه من بلحسن الطرابلسي الذي أملى عليه التخلي عن الشريك الالماني على أن ينجز المشروع مناصفة بينهما.
التحضير لإنشاء الشركة..
بعد حصول لزهر سطا على ترخيص إنشاء شركة “اسمنت قرطاج” قام هذا الأخير بتأسيس شركة “bina holding” بتاريخ 28 فيفري 2008 مناصفة بينه وبين بلحسن الطرابلسي وقد تحصلت هذه الشركة المحدثة على نسبة 58.62 بالمائة من رأس مال شركة المقاطع الكبرى بالشمال قبل تقييم أصولها ودون تقييم القيمة الحقيقية للسهم الواحد ثم قام بتأسيس شركة “bina corp” في 17 مارس 2008 برأس مال متأت بنسبة 99 بالمائة من شركة “bina holding”.
وإثر انقسام شركة المقاطع الكبرى للشمال تم في أكتوبر 2008 احداث شركة “ اسمنت قرطاج “ برأس مال قدره 108.8 مليون دينار حيث قيم الخبير المنتدب من قبل المحكمة الابتدائية بتونس الاصول المرصودة لمشروع الاسمنت بـ146 مليون دينار علما وأن المقطع المسند الى الشركة قد قدرت قيمته الجملية بأكثر من 130 مليون دينار اعتمادا على مدخراته لمدة 20 سنة والتي وقع الترفيع فيها فيما بعد الى 25 سنة.
وقد بلغت جملة الخصوم المسلطة على هذه الاصول ما قدره 35.919.717 دينارا تتمثل في ديون بنكية قيمتها 30.3 مليون دينار وديون جبائية بقيمة 5.6 مليون دينار وبالتالي تكون القيمة الصافية للمساهمة في رأس مال الشركة 110.628.081 رصد منها 108.800.000 دينار بعنوان مساهمة في رأس المال علما وأن رأس مال شركة “اسمنت قرطاج” متأتي من مساهمات عينية تتمثل في أصول وجزء من خصوم شركة المقاطع الكبرى للشمال.
وللاشارة فإن الشركة الاجنبية “ هيدلبرق للاسمنت” قامت في 2007 بتقييم القيمة الجملية للاصول بما في ذلك العناصر غير المادية والمعدات وقبل تصفية كل الديون لشركة المقاطع الكبرى للشمال بـ64 مليون أورو أي ما يعادل 117 مليون دينار في ذلك التاريخ.
كما أن الترخيص الذي تحصل عليه لزهر سطا كانت مدته 6 اشهر فقط والسؤال المطروح كيف يمكن تقييم الاصول المحالة الى شركة “اسمنت قرطاج” اعتمادا على مقطع مرخص في استغلاله لمدة 6 اشهر فقط من ناحية وادراج الشركة بالبورصة باحتساب 20 سنة من ناحية ثانية.
وبالتوازي مع دخول بلحسن الطرابلسي في رأس مال شركة المقاطع الكبرى للشمال عن طريق “bina holding” تم الحط من التعهدات المالية للشركات التابعة الى لزهر سطا رغم وجود ضمانات لفائدة البنوك تفوق بكثير قيمة التعهدات وهو ما يؤكد تدخل بلحسن الطرابلسي لدى البنوك للحط من هذه الديون.
التخفيض في رأس المال..
بتاريخ 10 نوفمبر 2008 تم التخفيض في راس مال شركة “اسمنت قرطاج” من 108.800.000 دينار الى 42.480.060 دينار وفتح حسابات جارية مشتركة لفائدة شركة bina holding” الراجعة بالملكية مناصفة للزهر سطا وبلحسن الطرابلسي ومجمع لزهر سطا وذلك بأن اقتنت الشركة جزءا من أسهمها لإلغائها وتحويل قيمتها البالغة 66.319.940 دينارا لمدة 12 سنة الى الحسابات الجارية مع احتساب فائض يساوي نسبة السوق النقدية زائد 3 بالمائة دون أن تقل عن 8 بالمائة وهو ما يشكل مخالفة لأحكام المجلة التجارية وخصوصا الفصل 318 فقرة 3 التى تنص على أنه لا تكون الاسهم الممثلة لحصص عينية قابلة للتداول الا بعد عامين على استكمال التأسيس القانوني للشركة ويجب خلال هذه المدة ان يقوم المديرون بالتنصيص على نوعها في تاريخ تكوين الشركة أو الزيادة في رأس المال”.
وبالرجوع الى تقرير الاختبار المأذون به من طرف حاكم التحقيق أفاد نور الدين فرشيو في ما يتعلق بعملية التخفيض في رأس المال وشراء الشركة لأسهمها ان هذه العملية تعتبر قانونية واستند الى الفصل 88 من القانون عدد 117 لسنة 1994 المؤرخ في 14 نوفمبر 1994 والمتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية حيث خول هذا الفصل للشركات شراء أسهمها قصد الغائها كما استند على احكام الفصل 319 من مجلة الشركات التجارية الذي أجاز للشركات بيع الأسهم الممثلة لمساهمات عينية قبل انتهاء مدة السنتين من تاريخ المساهمة في حالة عملية اندماج أو في حالة مساهمة جزئية ببعض الأصول.
هيئة الحقيقة والكرامة..
وقد اعتبرت هيئة الحقيقة والكرامة في تقريرها حول ملف القضية أن عملية التخفيض في رأس مال شركة اسمنت قرطاج قد تم بتاريخ 10 نوفمبر 2008 في حين ان الفصل 319 من مجلة الشركات التجارية والذي تعلل به نور الدين فرشيو (وفق التقرير) تم تنقيحه بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2009 المؤرخ في 16 مارس 2009 اي بعد ان تمت عملية التخفيض في رأس المال.
وقد نص الفصل 319 قديم من مجلة الشركات التجارية على أنه “في حالة اندماج شركة أخرى بطريقة الاستيعاب أو إنشاء شركة جديدة تضم شركة أو عدة شركات كانت قائمة او في حالة مساهمة شركة في اخرى بما لها من جزء من عناصر أصولها فإن المنع من تداول الأسهم لا يكون نافذا على الاسهم العينية المسندة الى شركة مساهمة كانت قائمة منذ عامين عند حصول الاندماج أو تقديم الحصة وكانت فيها الأسهم سابقا قابلة للتداول”.
كما لاحظت هيئة الحقيقة والكرامة وجود تجاوزا تمثل في أنه بالرجوع الى وثائق الملف يمكن تبين إشهار قرار التخفيض الذي اتخذته الجلسة العامة الخارقة للعادة بتاريخ 10 نوفمبر 2008 قد تم نشره بالرائد الرسمي بتاريخ 28 فيفري 2009 اي بعد ثلاثة أشهر وهو ما يعد خرقا واضحا لأحكام الفصل 309 من مجلة الشركات التجارية الذي ينص على انه “يجب اشهار قرار التخفيض في راس المال بالرائد الرسمي وبجريدتين يوميتين احداهما ناطقة باللغة العربية في اجل ثلاثين يوما بداية من تاريخ القرار”.
وقد تمت عملية التخفيض في راس المال بشراء الشركة لاسهمها وبفتح حسابات جارية دون أن تكون لها سيولة إذ أن تكوين الشركة تم بمقتضى مساهمات عينية وبدعوى تمكين مساهم جديد من الاكتتاب في رأس المال لتوفير السيولة اللازمة.
الترفيع في رأس المال ودخول الشريك الأجنبي..
بتاريخ 5 فيفري 2009 تم الترفيع في رأس مال شركة bina corp من 500 الف دينار الى 72.180 مليون دينار وذلك ببيع 4.248.006 سهم لشركة اسمنت قرطاج في شركة bina holdind gوالبالغة قيمتها 42.480 مليون دينار ودخول شريك أجنبي جديد بقيمة 29.2 مليون دينار بسعي من بلحسن الطرابلسي، مع العلم أن الشركة المذكورة مسجلة بالجزر العذراء البريطانية (احدى الجنات الضريبية) وهي شركة صورية.
إدراج شركة اسمنت قرطاج بالبورصة..
تم إدراج شركة اسمنت قرطاج بالسوق الموازية للبورصة في جوان 2010 بالرغم من ان الشركة لم يمض على تأسيسها أكثر من سنتين وهي اول شركة يتم ادراجها بالبورصة وهي ما تزال مجرد فكرة ولم يتم تنفيذها بعد.
جريمة قتل طفل 14 سنة وحرقه: القبض على القاتل وهذه اعترافاته
تمكن يوم الخميس أعوان الحرس الوطني بزغوان من القبض على قاتل الطفل الذي عثر علي جثته محترقة…