2024-08-14

الاستعدادات للعودة المدرسية : من أجل تكافؤ الفرص بين كل التلاميذ..

بسرعة تقاطرت أيام العطلة الصيفية وبدأ الحديث تدريجيا في صلب الأسر التونسية عن الاستعدادات للعودة المدرسية التي غالبا ما ترافقها حيرة في صفوف عائلات كثيرة خاصة المعوزة او حتى المتوسطة التي لها أكثر من تلميذ في المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية.

إذ من المعلوم ان مصاريف العودة المدرسية أصبحت تثقل كاهل المواطن التونسي خاصة مع التدهور الملحوظ للمقدرة الشرائية منذ سنوات. كما ان هذه العودة تأتي بعد موسم الصيف المرتبط بالترفيه وهو الذي أصبح مكلفا ولمن استطاع اليه سبيلا كما يرتبط أيضا بالأفراح وما يترتب عنها من مصاريف نعلمها جميعا. ولذلك تزداد حيرة التونسيين في ختام كل صيف وعلى اعتاب الخريف من اجل إنجاح عودة أبنائهم الى مقاعد الدراسة.

نقول هذا ونحن نعيش على وقع الكثير من الأحداث المتصلة بملف التعليم والاستعداد لتغييرات نوعية في المنظومة التربوية مع اقتراب موعد تركيز المجلس الأعلى للتربية الذي يهدف الى إعادة الاعتبار للمصعد الاجتماعي والرهانات الكبرى على بناء الانسان انطلاقا من تكوين علمي ومعرفي ناجع ينطلق من الحاضنة الى الدراسات الجامعية العليا في تكامل وتناغم بين كل مراحل التعليم.

وفي هذا الاطار يمكن تنزيل اهتمام أعلى هرم السلطة بهذا الملف والاستمرار في طرحه في أكثر من مناسبة واكثر من سياق وآخرها اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدّوري والذي تم التطارح فيه بشأن الاستعدادات للعودة المدرسية بالإضافة الى المشروع المتعلق بإنشاء المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

أما بالنسبة للتفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع فقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة الإعداد الجيد منذ الآن للإعانات المدرسية وتوفيرها لمن لا يقدر عليها او يجد صعوبات في توفيرها وهذا يشمل أسرا تونسية من عموم التونسيين سواء من الطبقة الفقيرة او حتى المتوسطة التي تدحرجت في سلم المقدرة الشرائية وأصبحت تحتاج الى الدعم.

وفي هذا تأصيل للفكرة التي ما فتئ رئيس الجمهورية يؤكد عليها وهي مسألة  الدور الاجتماعي للدولة أي الدولة الراعية لجميع أبنائها والتي تتحمل مسؤوليتها إزاءها خاصة في ما يتعلق بالمرافق الحيوية والأساسية على غرار التعليم والصحة والنقل وبعض الخدمات الأخرى.

وفي هذا السياق اقترح الرئيس أفكارا وتصورات جديدة  والقطع مع  المفاهيم والطرق التي عفا عليها الزمن وذلك من اجل تجاوز هذه الأعباء الملقاة على عاتق الأسر التونسية ومن اجل تطوير أداء المنظومة التربوية وضمان تكافؤ الفرص بين كل التلاميذ التونسيين مهما كانت الفئات أو الطبقات أو الشرائح الاجتماعية التي ينتمون اليها.

فالحق في التعليم مكفول بالدستور ولابد من توفير الضمانات للتمتع به في اطار من المساواة التامة والشاملة  بين كل التونسيات والتونسيين.

وكان لابد هنا من التذكير بحجم التدمير والخراب الذي لحق بالمرافق والمؤسسات  العمومية في تونس وفي مقدمتها مرفق التعليم العمومي وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة وفق ما  جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية. بالإضافة الى العمل على التخفيف من معاناة المواطنين في هذا الخصوص. ويقتضي الأمر في هذه الحالة أن توضع خطط وبرامج جديدة على أن يتم إنجازها بالسرعة القصوى مع التصدي لكل من يعمل على تعطيلها سواء من داخل الإدارة او خارجها.

ولعلنا  في هذا المقام نحتاج الى التذكير بل والاستلهام من تاريخنا القريب في النهوض بمنظومتنا التربوية التي كانت عماد المشروع التحديثي الذي راهنت عليه دولة الاستقلال والذي كان مشروعا مجتمعيا شاملا متكاملا ومثّل لعقود حلما مشتركا لكل التونسيين ويمكن بناء أحلام جديدة يلتفّ حولها التونسيون ويكون مدارها برنامج تعليمي عصري متسق مع واقع منفتح على التجارب الرائدة في المجال التربوي والتعليمي والقطع مع الاستلهام من النموذج الفرنسي الذي أظهر محدوديته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المجلس الأعلى للتربية يرى النور : نحو إصلاح جذري عميق للمنظومة التربوية

أخيرا تحددت ملامح المجلس الأعلى للتربية بعد صدور مرسوم في الرائد الرسمي في هذا الخصوص والأ…