2024-08-14

تونس تخسر سنويا مداخيل جبائية بقيمة 5.45 مليار دينار: تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاقتصاد الموازي بات «ضروريا»

«ستعزّز مقاومة ظاهرة الاقتصاد الموازي إمكانيات الدّولة وتكرس سياسة التعويل على الذات وتقلص من اللجوء إلى المديونيّة» هذا ما أكدته وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، لدى إشرافها على اجتماع المجلس الوطني للجباية المنعقد مؤخرا بمقر الوزارة مشيرة الى ان تنامي هذه الظاهرة كلّف الاقتصاد الوطني خسائر فادحة. وبيّنت نمصية ان الحلول المقترحة لمقاومة هذه الظاهرة – التي تأتي في إطار تكريس شفافية المعاملات والعدالة بين كلّ الناشطين الاقتصاديين وتعزيز المنافسة الشريفة – ستكون ضمن مقاربة شاملة تغطّي كلّ الجوانب وتعالج مختلف الأبعاد الاقتصاديّة وخاصّة الاجتماعية التي تضمن الإحاطة بالفئات الهشّة وذات الدّخل الضعيف.

والمتابع للأخبار الاقتصادية، يدرك ان اهتمام الحكومة بملف الاقتصاد الموازي- ونخص بالذكر وزارة المالية-  ليس بالموضوع الجديد وان لها من الوعي بمخاطر هذه الآفة ما يكفي لأخذ قرارات عاجلة للتصدي لها ومحاربتها قصد توفير موارد مالية إضافية لخزينة الدولة المنهكة بالقروض والنفقات، بحكم دراية هذا الهيكل الوزاري بملف الاقتصاد الموازي وخاصة قيمة الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني جراء تنامي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة. الأمر الذي جعل من هذه الأخيرة (وزارة المالية) تعلن على هامش ملتقى حواري حول تحليل قانون المالية لسنة 2024 نظمته سابقا هيئة الخبراء المحاسبين التونسية «إن أولوية الحكومة في هذا العام ستكون لإدماج العاملين في القطاع الموازي ومقاومة التهرب الضريبي بهدف تحقيق التعويل على الذات وتوفير عائدات مالية لخزينة الدولة وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد» بحكم ان الاقتصاد الموازي أصبح ظاهرة خطيرة أنهكت الميزانية العمومية وأخلت بكل التوازنات المالية.

وبلغة الأرقام، «تخسر تونس سنويا مداخيل جبائية بقيمة 5.45 مليار دينار جراء تفاقم القطاع الموازي، وهي نفس القيمة المنقوصة من مجموع المداخيل الجبائية للدولة في السنة» وفق ما كشفته دراسة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية بعنوان «القطاع الموازي، الإدماج والتحول والامتثال» والتي أشارت الى ان هذا القطاع يمثل 27.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

هذا وتؤكد جل الدراسات التي تناولت الاقتصادي الموازي كظاهرة اقتصادية اجتماعية خطيرة في تونس، ان هذا القطاع سجل نموا خلال السنوات الأخيرة حيث كان لا يراوح 50٪ من الأنشطة الاقتصادية في السنوات السابقة لازمة كوفيد 19، ليرتفع مع منتصف سنة 2022  إلى أكثر من 56٪، وهناك تقديرات غير رسمية تؤكد ارتفاع نسبة الاقتصاد الموازي في البلاد إلى قرابة 60٪ ، كما ارتفع عدد الناشطين في القطاع الموازي  ليقترب من مليوني شخص من أصل 3.6 مليون من اليد العاملة وفق ما ورد في تقرير أعده البنك الدولي حول «مشهد التشغيل في تونس» والذي أفاد بأن نصف اليد العاملة في تونس تعمل في القطاع الموازي.

وعموما تؤكد جل هذه الأرقام تفاقم ظاهرة الاقتصاد الموازي في تونس، والتي زادت السياسات المتبعة في انتشارها بسبب سن إجراءات قادرة على احتواء الظاهرة والتقليص من تأثيراتها الوخيمة على غرار الإجراءات الضريبية التي تضمنها قانون المالية لسنة 2023 التي ساهمت في هروب عدد من الناشطين في القطاع المنظم إلى القطاع الموازي بحثا عن فرص استثمار بعيدا عن الأداءات الضريبية.

وفي ظل توسع هذه الظاهرة، بات من الضروري تسريع النظر في الخطة التي جاءت في الدراسة الأوّلية التي أنجزتها اللجنة الفنيّة المكلفة بإعداد استراتيجية وطنيّة لمكافحة الاقتصاد الموازي  والعمل على تنفيذها خاصة وانها تتضمن حلولا لمقاومة هذه الظاهرة تندرج ضمن «مقاربة شاملة تغطّي كلّ الجوانب وتعالج مختلف الأبعاد الاقتصاديّة وخاصّة الاجتماعيّة التي تضمن الإحاطة بالفئات الهشّة وذات الدّخل الضعيف» .

يشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاقتصاد الموازي، وفق ماجاء في بيان لوزارة المالية، تتضمن تشخيصا مفصّلا للظاهرة حسب القطاعات والإجراءات المتخذة للحدّ منها والدراسات المتواترة التي وقع إعدادها في الغرض، فضلا عن جملة من المقترحات ذات الطابع التشريعي وأخرى ذات طابع ميداني تمّ عرضها على أنظار المجلس الوطني للجباية للنقاش والتداول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بهدف التسريع في انجاز المشاريع الكبرى : تونس تتحرك «اقتصاديا» على كل الوجهات

التقى وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ أول أمس الاربعاء المدير الإقليمي الجديد لمنطق…