2024-08-11

كبار‭ ‬السن: نحو‭ ‬ضبط‭ ‬شروط‭ ‬إيواء‭ ‬مرضى‭ ‬الزهايمر‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الرعاية

في‭ ‬إطار‭ ‬مراجعة‭ ‬كراس‭ ‬الشروط‭ ‬الخاص‭ ‬بإحداث‭ ‬وتسيير‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬الذي‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬إصداره‭ ‬23‭ ‬سنة‭ ‬أكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الأسرة‭ ‬آمال‭ ‬بلحاج‭ ‬موسى‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬عمل‭ ‬انعقدت‭ ‬مؤخرا‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬إدراج‭ ‬باب‭ ‬خاص‭ ‬يهمّ‭ ‬ضبط‭ ‬شروط‭ ‬إيواء‭ ‬المسنين‭ ‬المصابين‭ ‬بالزهايمر‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الرعاية‭.‬

و‭ ‬يأتي‭ ‬العمل‭ ‬على‭  ‬إدراج‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬في‭ ‬كراس‭ ‬الشروط‭ ‬الجديد‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تمّت‭ ‬ملاحظته‭ ‬خلال‭ ‬الزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬المنجزة‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬المقيمين‭/‬ات‭ ‬المصابين‭/‬ات‭ ‬بالزهايمر‭ ‬وحاجتهم‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬والمرافقة‭ ‬والإحاطة‭ ‬الخصوصية‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ضمان‭ ‬أفضل‭ ‬ظروف‭ ‬الإقامة‭ ‬وضمانا‭ ‬لمصلحتهم‭ ‬الفضلى‭.‬

هذا‭ ‬وسيتم‭  ‬ضبط‭ ‬برنامج‭ ‬تكويني‭ ‬خصوصيّ‭ ‬لتأهيل‭ ‬الممرضين‭ ‬وأعوان‭ ‬الإحاطة‭ ‬الحياتية‭ ‬المتعهدين‭ ‬بمرضى‭ ‬الزهايمر‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الرعاية‭.‬

وتشير‭  ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬لطب‭ ‬المسنين‭ ‬وعلوم‭ ‬الشيخوخة،‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الزهايمر‭ ‬أو‭ ‬الخرف‭ ‬هو‭ ‬وقوع‭ ‬اضطرابات‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الذهنية‭ ‬وليست‭ ‬اضطرابات‭ ‬في‭ ‬المدارك‭ ‬الذهنية‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬75‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬يبدأ‭ ‬بالنسيان‭ ‬لأن‭ ‬أول‭ ‬منطقة‭ ‬تتأثر‭ ‬بالمرض‭ ‬هي‭ ‬الذاكرة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬موت‭ ‬خلايا‭ ‬المخ‭ ‬تدريجيا‭ ‬وبما‭ ‬ان‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬احتسابها‭ ‬فان‭ ‬الأرقام‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأرقام‭ ‬المعلنة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬الجمعية‭ ‬العالمية‭ ‬ما‭ ‬بين‭  ‬60‭ ‬و80‭ ‬ألف‭ ‬مصاب‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬ليبلغ‭ ‬100‭ ‬الف‭ ‬مصاب‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2025‭.‬

و‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخفيف‭ ‬وطأة‭ ‬الاعراض‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬متقدمة‭ ‬وتأخير‭ ‬ظهورها‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬ممكنة‭ ‬يؤكد‭ ‬المختصون‭ ‬والأطباء‭ ‬النفسانيون‭ ‬وأطباء‭  ‬أمراض‭ ‬الشيخوخة‭ ‬ومكونات‭ ‬من‭  ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التشخيص‭ ‬المبكر‭ ‬للمرض‭  ‬حتى‭ ‬يحقق‭ ‬المريض‭ ‬استقلاليته‭ ‬لأطول‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭ ‬ولتسهيل‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬المريض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬يتعرفوا‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الاضطرابات‭ ‬السلوكية‭ ‬له‭.‬

وطبقا‭ ‬للتوجّهات‭ ‬الاستراتيجيّة‭ ‬الوطنية‭ ‬متعدّدة‭ ‬القطاعات‭ ‬لكبار‭ ‬السنّ‭ ‬2022‭ – ‬2030‭ ‬وانسجاما‭ ‬مع‭ ‬أهدافها‭ ‬الأساسيّةتشتغل‭ ‬وزارة‭ ‬الاسرة‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬إنجاز‭ ‬مراجعة‭ ‬دقيقة‭ ‬لكرّاس‭ ‬الشروط‭ ‬الصادر‭ ‬سنة‭ ‬2001‭ ‬الذي‭ ‬ستتمّ‭ ‬صياغة‭ ‬نسخته‭ ‬النهائيّة‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ملاحظات‭ ‬الشركاء‭ ‬وإثر‭ ‬استكمال‭ ‬المسار‭ ‬التشاوري‭ ‬حول‭ ‬مضامين‭ ‬كرّاس‭ ‬الشروط‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستولي‭ ‬عناية‭ ‬أساسيّة‭ ‬للارتقاء‭ ‬بجودة‭ ‬الخدمات‭ ‬وتنويعها‭ ‬طبقا‭ ‬للمعايير‭ ‬الدوليّة‭ ‬ودفع‭ ‬الاستثمار‭ ‬ومواطن‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المتّصلة‭ ‬بإحداث‭ ‬المؤسسات‭ ‬والإقامات‭ ‬الرعائيّة‭ ‬لكبار‭ ‬السنّ‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مقاربة‭ ‬متعدّدة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬مشكلات‭ ‬الشيخوخة‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬التنمية‭ ‬وسنّ‭ ‬إجراءات‭ ‬وامتيازات‭ ‬خاصّة‭ ‬للمستثمرين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الخدمات‭ ‬المسداة‭ ‬للمسنّين‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬بينته‭ ‬الوزيرة‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬عمل‭ ‬سابقة‭ .‬

ويضبط‭  ‬مشروع‭ ‬كرّاس‭ ‬الشروط‭ ‬إجراءات‭ ‬إحداث‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬العموميّة‭ ‬والخاصة‭ ‬والشروط‭ ‬والتدابير‭ ‬الواجب‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬تسييرها‭ ‬الإداري‭ ‬والمالي‭ ‬ومراقبتها،‭ ‬ويعرّفها‭ ‬بأنها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬بإيواء‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬بصفة‭ ‬دائمة‭ ‬أو‭ ‬ظرفيّة‭ ‬وتوفّر‭ ‬خدمات‭ ‬الإعاشة‭ ‬والرعاية‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬والصحيّة‭ ‬والنفسيّة‭ ‬والأنشطة‭ ‬الثقافيّة‭ ‬والترفيهيّة‭ ‬لمقيميها‭.‬

وتأتي‭ ‬أهمية‭ ‬الكراس‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭  ‬تونس‭ ‬من‭  ‬تحوّلات‭ ‬في‭ ‬التركيبة‭ ‬العمريّة‭ ‬للسكان،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬14.2‭ % ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬السكان‭ ‬مقابل‭ ‬13‭ % ‬سنة‭ ‬2018‭ ‬ومن‭ ‬المتوقّع‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬النسبة‭ ‬إلى‭ ‬17‭ % ‬سنة‭ ‬2029‭ ‬وقرابة‭ ‬20‭ % ‬بحلول‭ ‬سنة‭ ‬2036،‭ ‬كما‭ ‬تمثّل‭ ‬مسألة‭ ‬الإعالة‭ ‬أحد‭ ‬تحديّات‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭ ‬مع‭ ‬الارتفاع‭ ‬المتواصل‭ ‬لنسبة‭ ‬تبعية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬التي‭ ‬قاربت‭ ‬النسبة‭ ‬11.5‭ ‬‭% ‬سنة‭ ‬1966‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬النسبة‭ ‬31.8‭ % ‬سنة‭ ‬2034‭.‬

وتعد‭ ‬تونس‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و600‭ ‬الف‭ ‬مسن‭  ‬وبالتوازي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭  ‬المؤسسات‭ ‬الرعائيّة‭ ‬العموميّة‭ ‬لكبار‭ ‬السنّ‭  ‬13‭ ‬مؤسسة‭ ‬تأوي‭ ‬378‭ ‬مقيم‭ ‬ومقيمة‭ ‬يتوزّعون‭ ‬بين‭ ‬243‭ ‬رجال‭ ‬و135‭ ‬نساء،‭ ‬و6‭ ‬مؤسسات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التهيئة‭ ‬وإعادة‭ ‬البناء‭ ‬بولايات‭ ‬القصرين‭ ‬والقيروان‭ ‬وجندوبة‭ ‬وصفاقس‭ ‬وأريانة‭ ‬وسليانة،‭ ‬وتبلغ‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرعائيّة‭ ‬الخاصة‭ ‬25‭ ‬مؤسسة‭ ‬تأوي‭ ‬313‭ ‬مسنّ‭ ‬ومسنّة‭ (‬152‭ ‬رجال‭ ‬و161‭ ‬نساء‭).‬

و‭ ‬للرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الاحاطة‭ ‬بكبار‭ ‬السن‭ ‬وضعت‭ ‬وزارة‭ ‬الاسرة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاليات‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬إحداث‭ ‬الخطّ‭ ‬الأخضر‭ ‬المجاني‭ ‬1833‭ ‬لتلقي‭ ‬الرسائل‭ ‬الصوتيّة‭ ‬للتوجيه‭ ‬والإحاطة‭ ‬والإشعار‭ ‬حول‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬في‭ ‬وضعيات‭ ‬التهديد‭ ‬ووضع‭ ‬برنامج‭ ‬الإيداع‭ ‬العائلي‭ ‬لكبار‭ ‬السن‭ ‬كأولوية‭ ‬ضمن‭ ‬برامجها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬دعمه‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬التّرفيع‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الفرق‭ ‬المتنقّلة‭ ‬لرعاية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬بهدف‭ ‬تأمين‭ ‬ودعم‭ ‬خدمات‭ ‬القرب‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬الجمعيات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المسنين‭.‬

كما‭ ‬تحرص‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬المسداة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬العموميّة‭ ‬كما‭ ‬تعكف‭ ‬حاليا،‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حماية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬ودعم‭ ‬المنظومة‭ ‬التشريعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مراجعة‭ ‬كراس‭ ‬شروط‭ ‬إحداث‭ ‬وتسيير‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬المسنين‭ ‬واستكمال‭ ‬مشروع‭ ‬مجلة‭ ‬حقوق‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬والانطلاق‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الخطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للإستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬متعددة‭ ‬القطاعات‭ ‬لكبار‭ ‬السن‭ (‬2022‭ – ‬2030‭)‬،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تجسيم‭ ‬المقترحات‭ ‬الواردة‭ ‬بالدراسة‭ ‬التي‭ ‬أنجزتها‭ ‬الوزارة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬لجنة‭ ‬الأمم‭ ‬المتّحدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعيّة‭  (‬الإسكوا‭) ‬حول‭ ‬ا‭ ‬واقع‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وخصائص‭ ‬المقيمين‭ ‬بها‭ ‬ب‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟

بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي  ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…