العودة الطوعية للمهاجرين الأفارقة: نسق متصاعد يغذّيه الأمل في إعادة بناء حياة جديدة
في نسق متصاعد لرحلات العودة الطوعية للمهاجرين جنوب الصحراء المقيمين بشكل غير نظامي في تونس والذي تؤمنه المنظمة الدولية للهجرة بالتنسيق مع الجانب التونسي أعلنت المنظمة الخميس الماضي عن عودة 166 مهاجر، من بينهم 6 نساء، في رحلة العودة الطوعية إلى بانجول مؤكدة بانهم سوف يستفيدون جميعاً من مساعدة مصممة خصيصاً لإعادة إدماجهم عند عودتهم.
وتقول فاطمة انها عادت إلى الوطن طوعا رفقة زوجها يانكوبا من تونس إلى بانجول في غامبيا وكلها أمل في أن يقع ادماجها في المجتمع وتعيد بناء حياتها من جديد من خلال إحداث مشروعها الخاص في مجال الأزياء، كما يرغب يانكوبا في أن يصبح سائق سيارة أجرة لإعالة عائلته وأضافت فاطمة في تصريح لها قبل أن تغادر، نشرته المنظمة على صفحتها الرسمية، بأن رحلتها في الهجرة غير النظامية بدأت في سنة 2021 من غامبيا.
حيث تقول « غادرنا بلدنا الأصلي غامبيا وعبرنا السينغال، موريتانيا والجزائر إلى أن وصلنا إلى تونس. محاولين العبور إلى أوروبا عبر البحر مرتين ولكن دون جدوى» وتضيف فاطمة «اليوم قررنا العودة إلى بلدنا الأصلي وإعادة بناء حياتنا من جديد. نريد طفلاً ونأمل لعائلتنا الازدهار. كل ما يهمنا اليوم هو أن نكون سعداء معاً في بيتنا».
وغادرت في رحلة مماثلة خلال الأسابيع الماضية مجموعة جديدة من المهاجرين ضمن برنامج «العودة الطوعية» الخاص بالمنظمة الدولية للهجرة، تتكون من 162 مهاجر إلى بوركينا فاسو، ليرتفع بذلك عدد من استفادوا من هذا البرنامج منذ مطلع العام الجاري، إلى أكثر من 4100 مهاجر، في زيادة كبيرة عن العام الماضي حيث أصبحت هذه العودة ممكنة بفضل برنامج حماية المهاجرين والعودة وإعادة الإدماج في شمال افريقيا الممول من طرف الاتحاد الأوروبي وأوضحت المنظمة أن أغلب المهاجرين الذين تلقوا المساعدة هم من الرجال البالغين. وأن جهات العودة تخص 29 دولة في أفريقيا وآسيا، وبشكل رئيسي هي غامبيا وبوركينا فاسو وغينيا.ووفقاً لأرقام المنظمة ، فإن حوالي 3500 مهاجر طلبوا «العودة الطوعية» من تونس إلى بلدهم الأصلي منذ بداية العام وحتى 25 جوان 2024، أي بزيادة قدرها 200 % مقارنة بنفس الفترة من العام 2023.
وتم التوصل إلى هذا البرنامج بعد تصاعد مطّرد لتدفقات المهاجرين غير النظاميين التي شهدتها تونس خلال الفترة الماضية والحالمين بالعبور نحو أوروبا، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، هروبا من الازمات التي تعصف ببلدانهم وبحسب ما ذكرته الإدارة العامة للحرس الوطني فقد تم التنسيق مع التمثيليات الدبلوماسية لبلدان العديد من المهاجرين وتم بموجبه وضع خطة استراتيجية خاصة لعملية عودة المهاجرين الراغبين في ذلك نحو أوطانهم وأفادت الإدارة العامة للحرس الوطني في بيان لها بأن «عملية العودة الطوعية يتم التنسيق فيها من خلال ثلاثة جوانب؛ أولها الاستقبال من طرف الوحدات الأمنية وتسجيل الراغبين، وثانيها الاتصال بالمنظمة الدولية للهجرة قصد تسهيل العودة وتحضيرات تدابيرها، وثالثا التنسيق مع شرطة الحدود والأجانب لضبط مواعيد الرحلات».
المساعدة
وبحسب المنظمة فقد اصبحت عمليات العودة الطوعية ممكنة بفضل دعم الجهات المانحة، مشيرة الى عودة 2557 مهاجر طوعياً من تونس إلى بلادهم في 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 45 % مقارنة بسنة 2022، عندما استفاد 1614 مهاجر من برنامج العودة الطوعية وتعمل المنظمة الدولية للهجرة في المرحلة الأولى من «برنامج المساعدة في العودة الطوعية وإعادة الإدماج»، على إجراء تقييم فردي وتحديد نوع الاحتياج (السكن، الغذاء، الاحتياجات المادية والقانونية والطبية والاجتماعية والنفسية)، وتنسق مع الفرق الموجودة في البلدان الأصلية لضمان «عودة آمنة وكريمة» ثم تؤمن المنظمة تكاليف النقل، أي أن المنظمة تدفع تذكرة العودة وتساعد في الإقامة «إذا لزم الأمر» وتجري متابعة لملف الفرد العائد لمدة عام بعد عودته كما يشمل البرنامج «تزويدهم بالمشورة الفردية والإحالة إلى الشركاء المحليين»، إضافة إلى «توفير الدعم الصحي المخصص والمساعدة المالية و/أو العينية في مجال إعادة الإدماج وفقا لاحتياجات كل مهاجر ونقاط ضعفه».
كما اعلنت منظمة الهجرة الدولية تيسير العودة الطوعية الآمنة لـ173 مهاجر من بنين من بين آلاف المهاجرين العالقين في تونس. وقالت المنظمة إن المهاجرين عادوا إلى كوتونو في رحلة من مطار جربة جنوب تونس يوم الأربعاء(29ماي) وأوضحت أن من بين العائدين 14 عائلة كانت على متن الطائرة استفادت من مساعدات المغادرة، مثل الدعم الاجتماعي والطبي وخدمات الإقامة ومستلزمات النظافة الصحية والأطفال وقسائم الطعام والملابس كما سيستفيدون من حزمة إعادة الإدماج ويضاف هؤلاء إلى حوالي 7100 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا غادروا تونس ضمن نفس البرنامج، في الفترة الممتدة بين مارس 2023 وماي 2024، وفق وزارة الداخلية التونسية.
وحسب بيانات الداخلية ايضا ، فإن أكثر من 32 ألف مهاجر في البلاد من بينهم 23 ألفا متواجدون بصفة غير قانونية وأغلبهم يريدون عبور البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الأوروبية بحثا عن فرص أفضل للحياة. ويتضمن برنامج «إعادة الإدماج» للمنظمة الدولية للهجرة، مساعدات للعائدين لبدء حياة جديدة في أوطانهم حيث اكدت السلطات الأمنية في تونس عودة نحو12 ألفا و500 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلدانهم منذ بداية العام الجاري، ضمن برنامج الإعادة الطوعية إذ أكدت إدارة الحرس الوطني إن العديد من المهاجرين غير النظاميين قاموا بتقديم طلبات في مقرات الأمن للعودة إلى دولهم.
ضغوطات والتزامات
وتضغط إيطاليا الوجهة الأقرب للسواحل التونسية، والاتحاد الأوروبي للحد من التدفقات ومكافحة أنشطة مهربي البشر بتقديم دعم مالي واقتصادي لتونس وخلال زيارة قامت بها رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس في أفريل المنقضي ، التزمت روما وتونس بالفعل بالاعتماد على «العودة الطوعية» لمحاربة الهجرة غير الشرعية، من خلال «إشراك المنظمات الدولية»وهو ما اعتبره رمضان بن عمر، المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريحات له أن الاتحاد الأوروبي يتحمل نصيبه من المسؤولية في عمليات العودة هذه مبينا بان الاتحاد الأوروبي أعطى كل الوسائل المالية واللوجستية والتقنيةلتونس لتنفيذ هذه السياسة «المناهضة للمهاجرين». مشيرا إلى الاتفاق الذي ابرم بتاريخ 14 جويلية 2023 بين الاتحاد الأوروبي وتونس، البالغ قيمته 127 مليون يورو حول مكافحة الهجرة غير الشرعية، الذي يهدف إلى دعم تونس التي تعاني من صعوبات اقتصادية . وفي المقابل، يجب على تونس منع انطلاق قوارب المهاجرين نحو أوروبا، ومكافحة المهربين وضمان عودة التونسيين الذين هم في وضع غير نظامي في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عودة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء المقيمين في تونس، إلى بلدانهم الأصلية .ويواصل الاتحاد الأوروبي عقد اتفاقات مع دول شمال أفريقيا بعد تونس وموريتانيا في محاولة لمنع وصول المهاجرين إلى حدوده، وهي استراتيجية يقول منتقدون إن فاعليتها غير مؤكدة معتبرين أنها جزء من الحلول وليست الحل الجذري للحد من تدفقات الهجرة غير النظامية.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…