2024-08-10

في أول اجتماع رسمي مع رئيس الجمهورية : التحوير الوزاري أولوية رئيس الحكومة الجديد

سدّ الشغورات وتحوير وزاري مرتقب والتأكيد على الانسجام والتناغم في صلب الحكومة تلك هي أبرز العناوين الدالة التي تمحور حولها  الاجتماع  الرسمي الأول بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة الجديد كمال المدوري   بعد لقاءي التكليف والتنصيب.

فبعد اللقاء البروتوكولي انصب الاهتمام على المسائل المهمة التي ينبغي الاشتغال عليها في المرحلة القادمة ومعلوم اننا اهدرنا الكثير من الوقت وآن الأوان لتدارك كل ما فات.

فقد بدا واضحا ان النية تتجه الى اجراء تحوير وزاري في القريب العاجل فتركيبة الحكومة الحالية تحتاج إلى سدّ بعض الشغورات ثم إجراء بعض التحويرات.

وهو ما تجلى من خلال لقاء رئيس الجمهورية برئيس الحكومة الجديد والذي كان مناسبة للتأكيد على أن الفصل السابع والثمانين من الدستور ينص على أن وظيفة الحكومة تتمثل في مساعدة رئيس الجمهورية في ممارسة الوظيفة التنفيذية. وهو ما يشي بحتمية إيجاد التناغم اللازم بين عمل الحكومة ورئاسة الجمهورية وضرورة التنسيق بين مختلف هياكل الوزارات سواء تعلق الامر بالعمل او بالخطط والرؤى او بالتصورات الكبرى والآراء التي يتم الإدلاء بها او التعبير عنها.

وباعتبار أهمية الإدارة في سير دواليب الحياة العامة فقد كان من البديهي ان يتم التطرق في هذا الاجتماع إلى الأدوار الموكولة لها سواء تعلق الأمر بالخدمات التي تسديها الى المواطنين والتي يفترض ان تتوفر  فيها النجاعة والسرعة والسلاسة  او في ما يخص الحياد والمساواة بين كل المواطنين في الحقوق والواجبات وفق ما يضبطه قانون البلاد.

وفي هذا الصدد بالذات أكد رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الجديد أن «على كل مسؤول مهما بلغت درجة مسؤوليته ان يضع في الاعتبار وفي المقام الأول الواجب المقدس لخدمة المواطنين وإعلاء شأن الوطن فبهذا الشعور تبنى الدول وبسواعد أبنائها وعقولهم يصنع التاريخ» وفق ما جاء حرفيا في بلاغ رئاسة الجمهورية.

وتعد هذه الكلمات بمثابة رسائل موجّهة الى أكثر من طرف مفادها ان المسؤولية تكليف وليست تشريفا وانها تسحب من صاحبها عندما لا يقوم بدوره على الوجه الأكمل وأن الهدف الاسمى من هذه المسؤوليات هو خدمة المواطنين والوطن. وكل من تسوّل له نفسه غير هذه السبيل يعفى من المنصب آليا.

ولعل هذه تكون نقطة البداية لمرحلة مختلفة يدرك فيها المسؤولون واجباتهم بعيدا عن الامتيازات والوجاهة الاجتماعية.

وفي هذا الإطار شكل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة كمال المدوري فرصة سانحة للتأكيد على مسألة مبدئية في الفكر السياسي لتونس  اليوم وهو الدور الاجتماعي للدولة والذي أكد عليه الدستور التونسي ويتمثل في توفير المرافق الضرورية للمواطنين من صحة وتعليم ونقل.

وبدا رئيس الجمهورية صريحا وهو يتحدث الى رئيس الحكومة ومنه الى كل التونسيين عن الخراب الذي لحق هذه المرافق فسره بـ«نتيجة اختيارات فرضت من الخارج ونتيجة الفساد الذي استشرى» وأدى آليا الى هذا الوضع.

ولم يقف الرئيس قيس سعيد عند هذا التشخيص بل أكد أنه «لابد من وضع خطط لتجاوز هذه الوضعية مع ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين».

إذن يدرك رئيس الجمهورية أن هناك معاناة يعيشها المواطن التونسي وأن الخدمات التي تسديها الدولة عبر المرفق العمومي ليست على ما يرام سواء تعلق الأمر بالإدارة او بالخدمات ذاتها وهي التي تعرضت الى تدمير على امتداد سنوات.

فقد تراجع منجز دولة الاستقلال الذي كان نموذجا ورائدا ولكن لم تتم صيانته وتم إهماله بشكل متعمد من قبل حكومات متعاقبة كان هدفها المركزي تصفية حسابات سياسية وايديولوجية مع بناة الدولة الوطنية وكان أقصى طموحات هؤلاء الحكام اقتسام كعكة الحكم والتنعم بالامتيازات. ولذلك لم نشهد طوال ما يربو عن عقد من الزمن تحسنا في وسائل النقل بل التراجع كان هو السمة الطاغية تماما كما تراجع مستوى العمومي وتراجعت الخدمات في الصحة العمومية بشكل غير مسبوق ولم يتم بناء أي مؤسسة استشفائية جديدة على سبيل الذكر لا الحصر رغم القروض الرهيبة التي تم الحصول عليها والهبات التي قدمت لتونس بعد أحداث 14 جانفي 2011.

ولكل هذه الاعتبارات تبدو الرهانات المطروحة على حكومة السيد كمال المدوري بالغة الأهمية وفي مقدمتها إعادة الاعتبار الى الدور الاجتماعي للدولة والانطلاق في العمل بسرعة ونجاعة وفي كنف الانسجام والتناغم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التمويل الأجنبي  للجمعيات : أي دور للجنة التحاليل المالية؟

أي دور ستلعبه الجمعيات في السياق الانتخابي الحالي ونحن في خضم الحملة الانتخابية؟ وهل يمكن …