2024-08-10

النظر في ملف سدّ الشغورات وتعديلات في عدد من الوزارات : الكفاءة مقياس أولويّ..!

كانت مسألة سد الشغورات في عدد من الوزارات والتحويرات التي يتجه إدخالها على تركيبة الحكومة، محاور اللقاء الذي جمع أمس الأول رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة الجديد كمال المدوري الذي كان يشغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية قبل تكليفه برئاسة الحكومة خلفا لأحمد الحشاني.

وبتولي المدوري رئاسة الحكومة يصبح هناك أربع وزارات تشهد شغورا على رأسها، وهي وزارتا الثقافة والنقل اللتين يتواصل تسييرهما بالنيابة منذ شهر مارس الفارط، ووزارة الشؤون الدينية التي ما تزال دون وزير منذ جوان الفارط لتنضاف اليها هذا الشهر وزارة الشؤون الاجتماعية. وباعتبار ان سد الشغورات مثّـل أحد اهتمامات الرئيس في لقائه الأول برئيس الحكومة الجديد، فهذا حتما سيكون له انعكاس على محاور اهتمامه خلال توليه هذه المهمة. وسيكون ملف سد الشغورات بالإضافة الى ما قد يدخله من تعديلات على حكومته أحد أولوياته في حدود صلاحياته الدستورية.

وفي الاثناء فان الشغورات على رأس الوزارات لا يجب ان تحجب الشغورات في مستويات أخرى كالولايات حيث تعد تلك التي دون ولاة منذ فترات تتراوح بين أكثر من السنة والشهرين تسع ولايات هي تونس واريانة والكاف وباجة والمنستير والقيروان والمهدية وصفاقس وقابس. هذا علاوة على الشغورات في مستوى المعتمدين وحتى في مستوى عدد من المؤسسات الكبرى، ذلك ان الفراغ في مناصب حساسة لا يمكن ان يتواصل في الظرف السياسي الحساس الذي تنتظر فيه بلادنا تنظيم انتخابات رئاسية، لم يعد يفصلنا عنها سوى شهر ونيف. فهذه الوضعية قد تكون لها تداعيات سلبية، وهو ما يدعو الى استكمال تركيبة الحكومة و«ترميم» المشهد في بقية مؤسسات الدولة في مختلف المستويات للخروج من المؤقت والانتقال إلى حالة الاستقرار المؤسساتي للدولة.

فدور الولاّة في جهاتهم واقعيا لا يقل أهمية عن دور الوزراء مع فارق في التسميات والادوار والمهمات والصلاحيات. وربما أهمية إعطاء مسألة سد الشغورات في صفوف الولاة الأهمية التي تستحقها، تفرضها حالة الارتباك الحاصلة في الخدمات المسداة من قبل الولايات للمواطنين في الجهات المعنية بهذه الشغورات، الى جانب ما تشهده من اخلالات اقتصادية وتوترات اجتماعية كان بالإمكان التصدي لها في صورة وجود الوالي بحكم سلطته الاعتبارية وقد عاين رئيس الجمهورية بنفسه هذه الحالة من خلال زياراته الميدانية.

وعلى أهمية سد الشغورات التي تفرضها السياقات التي تعيشها البلاد سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، فان المسألة يجب تناولها بكثير من العقلانية والموضوعية التي تتطلبها الرهانات والتحديات المطروحة على بلادنا، كما تتطلبها استعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة من جهة وفي الإدارة وفي المرفق العمومي من جهة أخرى. وهو ما بإمكانه ان يفضي الى تحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية المطلوبين في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا في مختلف المستويات.

فعملية سد الشغورات لا يجب ان تكون هدفا في حد ذاتها بقدر ما يجب ان تكون مبنية على ضوابط موضوعية واسس جديدة، بعيدا عن منطق الولاءات الذي جرّب على امتداد سنوات ما بعد جانفي 2011 وقبلها على امتداد عقود من الزمن وأثبت فشله ولم يؤد الا الى الخيبات المتكررة. فأوضاع بلادنا اليوم وبحكم التحديات التي تواجهها تقتضي أكثر من أي وقت مضى توخي النزاهة في عمليات التعيين في مختلف مناصب الدولة. كما تقتضي اعتماد شرط الكفاءة والخبرة ومبدإ «الرجل المناسب في المكان المناسب» لإنجاح المرحلة. وهذه المسالة ليست بالصعبة على رئيس الجمهورية الذي عبر في أكثر من مناسبة عن عزمه تمكين البلاد من تجاوز الضغوطات التي تمر بها في كل المستويات. كما لم ينفك عن التذكير بما تزخر به تونس من كفاءات وخبرات ذات تجربة ونزاهة تستوجب استثمارها وتسخيرها لخدمة وطنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة

كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…