2024-08-09

في ظل ركود اقتصادي متواصل  : التشغيل والمديونية أبرز الملفات الاقتصادية على طاولة رئيس الحكومة الجديد

يمثل الملف الاقتصادي الملف الأبرز ضمن الملفات الشائكة التي ستواجه رئيس الحكومة الجديد كمال المدّوري ولا يخفى على أحد ما تعانيه تونس من عديد التحديات الاقتصادية الكبيرة على غرار ضعف نسبة النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة التضخم وارتفاع مستوى التداين الى جانب ارتفاع نسبة البطالة ومستوى الفقر وتراجع الاستثمار وغيرها من التحديات الكثيرة التي تنتظر من رئيس الحكومة الجديد اتخاذ عديد الإجراءات والاصلاحات في اطار خطة واضحة ومتكاملة هدفها تحفيز آلة الإنتاج والرفع من الأداء الاقتصادي في كل القطاعات والتي تتطلب إلى جانب الدراية والمعرفة العميقة بالوضع الاقتصادي وبسبل الإنقاذ، ضرورة الاسراع بتشخيص الوضعية بدقة وفهم كل الإشكاليات الحالية والمعوقات التي مازالت تمثل حائلا أمام إحداث انتعاشة للاقتصاد التونسي. كما تتطلب ايضا ارادة فعالة وقادرة على تنفيذ هذه الإصلاحات والحلول  بشكل ناجع ومنظم من شأنه تحسين كفاءة الاقتصاد التونسي وإخراجه من دائرة  الانكماش والركود. وفي قراءة سريعة للحصيلة الاقتصادية الحالية تؤكد المؤشرات أن هذه الحصيلة الاقتصادية مازالت بعيدة عن المستوى المطلوب في ظل نسبة نمو ضعيفة قدرت بـ 0,2 % خلال الثلاثي الأول من سنة 2024 وهي نسبة بعيدة جدا عن نسبة النمو المتوقعة والواردة في قانون المالية للسنة الحالية والمقدرة بـ2,1% وهي بالتالي نسبة بعيدة ايضا عن الطموحات وغير كافية لخلق الثروة أو تحسين مستوى العيش في البلاد.

اما في خصوص نسبة التضخم التي سجلت تراجعا الى مستوى 7% خلال شهر جويلية 2024  بعد ان كانت 7,3% خلال الشهر الماضي،ورغم أنها إشارة إلى التحسن ولو بشكل طفيف إلا انها مازالت مرتفعة، ومازالت تتطلب العمل والمراقبة على مدى أطول للتأكد من أن هذا التحسن ليس مؤقتا وسيتواصل، وناتج عن سياسة اقتصادية ونقدية ناجحة ومناسبة لتحقيق استقرار الاسعار والنمو الاقتصادي. وفي خصوص المؤشر المتعلق بالعجز الطاقي فقد سجل ارتفاعا الى حدود لا يمكن للاقتصاد التونسي تحملها على حد قول احد الخبراء.

وتؤكد ارقام المعهد الوطني للإحصاء انه في السداسي الأول من 2024 بلغ العجز التجاري قرابة 8 مليار دينار منها 5,8 مليار دينار عجز طاقي وهو مستوى مرتفع يستوجب العمل على تقليصه عبر سياسة طاقية ناجعة. وفي ما يتعلق بنسبة الفائدة الرئيسية التي قرر البنك المركزي ابقاءها في مستوى  8% دون تغيير وذلك وفق بيانه الصادر يوم 31 جويلية 2024 فقد اجمع الخبراء على أنها نسبة مرتفعة ودعوا البنك المركزي الى تخفيضها بسبب انعكاساتها على الاستثمار وبعث المشاريع من طرف المؤسسات الصغرى والمتوسطة، حيث تقلل نسبة الفائدة المرتفعة من فرص حصول المؤسسات  على القروض بسبب التكاليف الباهظة للتمويل البنكي والاقتراض وهو ما أثر بالاضافة الى معيقات اخرى على قدرتها التنافسية وعلى وجودها وديمومتها الأمر الذي تؤكده زيادة معدلات الفشل والاغلاق علما ان البنك المركزي نفسه كان قد أعرب في بيانه الاخير نهاية جويلية 2024 عن انشغاله إزاء تباطؤ تطور القروض الممنوحة للاقتصاد خلال سنة 2023 والنصف الأول من سنة 2024، والذي شمل بالأساس القروض المسندة للشركات الصغرى والمتوسطة والأفراد، على خلفية السياق الاقتصادي الصعب وتواصل الضغوط التضخمية (التي بلغت 7,3٪ في شهر جوان 2024).

وقد شدد البنك في هذا الصدد على ضرورة تنسيق جهود جميع الأطراف المعنية لدعم الشركات وضمان ديمومتها والحفاظ على مواطن الشغل. والواضح ان تراجع الاستثمار والصعوبات التي تواجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة انعكس بدوره على عدم قدرتها على استيعاب الباحثين عن شغل وهو ما اثر على نسبة البطالة التي بلغت مستوى 16,2% خلال الثلاثي الاول من سنة 2024 وهو مستوى مرتفع ايضا يؤشر إلى أن الاقتصاد التونسي لا يخلق الثروة ولا يخلق مواطن الشغل في ظل نسبة النمو الضعيفة ونسبة الفائدة على القروض المرتفعة وفي ظل عدم تحسين مناخ الاعمال عموما بما يكفي لجذب استثمارات جديدة من شأنها المساهمة في دفع التنمية بمختلف جهات البلاد وتحريك العجلة الاقتصادية عموما ورغم ذلك ومهما كانت الحصيلة سيكون إحداث تغيير ايجابي ملموس في قادم الايام مسؤولية صعبة وبالغة التعقيد ولكنها تبقى دائما ممكنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …