اجتماع مجلس الأمن: اليقظة ضرورية لصدّ بعض التوتّرات المفتعلة..!
مما لاشك فيه أن بلادنا تعيش مرحلة بالغة الدقة على جميع المستويات تتطلب الكثير من اليقظة والحذر والتعاطي بجدية مع كل الظواهر التي تطرأ هنا وهناك ومحاولة تفهم كل الأسباب الكامنة وراء ما يحدث.
هذه الديباجة من قبيل التشخيص لواقع تونس اليوم ونحن قاب قوسين أو أدنى من استحقاق انتخابي مهم يترقبه التونسيون ويتطلعون الى أن يكون مرحلة فاصلة بين قديم يتهاوى وجديد يوشك على الولادة.
وإذا التشخيص والتحليل مهمتنا نحن كصحفيين وكنخب ثقافية فإن للفاعل السياسي مهمات أخرى تتجلى في تغيير هذا الواقع نحن الأفضل.
وفي هذا الإطار يمكن تنزيل اجتماع مجلس الأمن القومي الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد بقصر قرطاج يوم 5 أوت الجاري.
وكان هذا الاجتماع مناسبة ليستعرض الرئيس جملة من الظواهر التي تم رصدها في الآونة الأخيرة والمتصلة بالقطع المستمر للماء والكهرباء في بعض مناطق الجمهورية أثبتت التحقيقات أنها بشكل متعمد ولا صلة لها بالأعطاب الفنية الاعتيادية. هذا بالإضافة إلى الارتفاع غير المقبول في الأسعار وعدم توفر بعض السلع في الأسواق خاصة المواد الغذائية والتي يتم سحبها بشكل متعمد. ومؤخرا ظاهرة تسرب مياه الصرف الصحي الى البحر في ذروة موسم الاصطياف في مدينة سوسة وفي احد اجمل شواطئها بوجعفر.
والأكيد من خلال هذه الأحداث المتواترة والمتزامنة ان هناك من يهدف الى ارباك الوضع في البلاد لخلق أجواء محتقنة من شأنها ان تؤدي إلى توترات اجتماعية وأمنية لا سمح الله. ولهذا من المهم أن يتحلى التونسيون جميعا وبالتحديد القوات الساهرة على الأمن القومي والسلم الأهلي بدرجة عالية من اليقظة والانتباه.
وأوعز رئيس الجمهورية ما يحدث الى ما أسماه بـ«القوى المضادة للثورة وللشعب التونسي ولحركة التحرر الوطني التي يخوضها» وفق عبارته. وبيّن أن هذه القوى المعادية لمصالح الشعب ترمي الى تأجيج الأوضاع بكل الطرق والوسائل من اجل توتير الأجواء قبيل الموعد الانتخابي المرتقب بغية التشويش عليه وافساده.
وقام رئيس الجمهورية في هذا الإطار بالإشارة بوضوح إلى جيوب الردة هذه التي تعمد إلى تأجيج الأوضاع عن طريق بعض المأجورين معتمدة كل الوسائل والطرق. و«هي لا تتورع عن اقتراف كل الجرائم لأنها تستشعر الخطر» وفق تعبيره.
والخطر هنا يحدده رئيس الجمهورية قيس سعيد بكونه استشعار النهاية في أيّ انتخابات حرة يعبر فيها الشعب التونسي عن إرادته بمطلق الحرية.
إذن مدار التوترات التي تحدث هذه الأيام هي الانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المنتظر ان تدور يوم 6 أكتوبر المقبل وبدأت الاستعدادات حثيثة لها.
وجاءت الكلمة الفصل في هذا الاجتماع من قبل الرئيس بضرورة مساءلة كل المتسببين في كل هذا قانونيا وتطبيق القانون بصرامة على كل من يسعى الى ارباك السير الطبيعي لدواليب الدولة أو المسّ من الأمن العام.
وفي سياق متصل توقف رئيس الجمهورية عند مجموعة أخرى من الظواهر ولم يغفل عن الإثناء على الجهود التي تبذلها القوات المسلحة في حماية حدودنا ومن بين هذه الظواهر ظاهرة الهجرة غير النظامية التي باتت صداعا مؤرقا منذ فترة والتي تتدخل فيها عوامل كثيرة محلية وإقليمية ودولية ووجب التصدي لها بكل الوسائل والطرق بالإضافة قطعا إلى مجابهة الإرهاب والتهريب ومافيا المخدرات والجرائم السيبرنية.
وفي سياق آخر كان اجتماع مجلس الأمن القومي مناسبة لدعوة رئيس الجمهورية الى ضرورة الإحاطة بالتونسيين بالخارج وتوفير الخدمات لهم بأيسر السبل كما وجّه دعوته إلى البعثات الديبلوماسية في الخارج إلى تكثيف جهودها في كافة المجالات وتحديدا دورها في توضيح موقف تونس بشأن حرصها على سيادتها ورفضها القطعي والمبدئي لأي تدخل في شؤونها الداخلية. وما دمنا في سياق استحقاق انتخابي مهم فإن تونس تؤكد ان شعبها هو صاحب السيادة وهو المخوّل للإختيار الحر لمن يسوسه بعيدا عن تدخل هذا الطرف الأجنبي أو ذاك ولممارسة حقه المشروع في الانتخاب بعيدا عن كل التأثيرات.
ولا يحق لأي جهة أجنبية أن تتدخل بأي شكل في حق الشعب التونسي في تقرير مصيره وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية.
مرفق القضاء حجر الأساس في بناء الدولة ومؤسساتها : ..والعدل أساس العمران..
هل نحتاج الى استحضار مقولة علاّمتنا الكبير عبد الرحمان بن خلدون: «العدل أساس العمران» للت…