2024-08-06

مع تواصل موجة حرائق الغابات : التغيّرات المناخية ليست بمفردها في «قفص الاتهام»..!

يتزامن حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة مع ارتفاع وتيرة تسجيل الحرائق في عديد المناطق وفي المساحات الغابية والفلاحية وحتى المنشآت العمومية والخاصة وتؤثر هذه الحرائق حسب المختصين في تراجع الغطاء الغابي والإضرار بموارد رزق آلاف العائلات التونسية التي ترتبط أنشطتها بالغابات أو بالنشاط الفلاحي عموما.

تجدر الإشارة إلى أنّ الغطاء الغابي في تونس يمتد على مساحة مليون و250 ألف هكتار، وتمثّل الغابات مورد رزق لمليون شخص، أي حوالي 200 ألف عائلة يعيشون وسط المناطق الغابية.

كما لا تقتصر انعكاسات حرائق الغابات والمساحات الفلاحية على خسارة الثروة الغابية وتهديد البيئة، بل إنّ لها تبعات وخيمة على الجانب الاقتصادي. إذ إنّ الغطاء الغابي في تونس يؤمّن 14 بالمائة من الناتج المحلي الفلاحي و1.4 بالمائة من الناتج المحلي الوطني و14 بالمائة من مدخرات الطاقة حيث تبلغ عائدات الغابات سنويًا ما يناهز 20 مليون دينار، من ضمنها ما بين 10 و15 مليون دينار في شكل مداخيل مباشرة إلى خزينة الدولة. كما أنّ الغابات المنتجة للفلين (مادة الخفاف) توفر عائدات لسكان المناطق الغابية. إذ تسمح غابات الفلين باستخراج 7.6 مليون وحدة علفية سنويًا، وتوفر 50 بالمائة من عائدات مبيعات المنتجات الغابية.

وعلى الرغم من المجهودات الجبارة التي تقوم بها وحدات الحماية المدنية في السيطرة على هذه الحرائق فإن تواترهاوتزامنها قد يعيق جهود الإطفاء خاصة في المناطق الوعرة والقريبة من مناطق العمران وعلى الرغم من أنّ الأبحاث والتحقيقات ما تزال جارية حول أسباب اندلاع عدد من الحرائق فان السلطات المعنية تؤكد وجود جملة من الحرائق تسببت فيها العوامل المناخية وارتفاع درجات الحرارة مقابل أخرى قد تقف وراءها أطراف إجرامية.

ومما لا شك فيه فإنّ الارتفاع الكبير في درجات الحرارة في تونس في السنوات الاخيرة بسبب تغيّر المناخ يؤدي لنشوب الحرائق في أنواع معيّنة من الغابات، إلا أنه في المقابل يشدد خبراء البيئة على أنّ نسبة كبيرة من حرائق الغابة تقف وراءها عدة عصابات أبرزها عصابات الخشب. وهؤلاء يعمدون إلى إشعال الحرائق لأنّ الكميات المتاحة من خلال التراخيص محددة وأقل بكثير مما يرغبون في استغلاله دون الاكتراث لتأثير ذلك على الثروة الغابية. في حين أنّ الحرائق تتيح لهم الفرصة لسرقة كميات كبيرة من الخشب لا سيما وأنّ الأشجار لا تحترق بشكل نهائي بل تظل أجزاء كبيرة منها صالحة للاستغلال.

وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى تضاعف عدد الحرائق المسجلة بتونس في شهر ماي الفارط مثلا بنسبة 600 بالمائة كما تضررت عشرات الهكتارات من المساحات المزروعة بالحبوب وسجلت مصالح الحماية المدنية التونسية اندلاع 43 حريقا في ماي طالت المحاصيل الزراعية وأتت على قرابة 106 هكتارات وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2023 الذي اندلعت فيه 7 حرائق فقط.

ومن بين آخر الحرائق التي تمت السيطرة عليها الحريق الذي عرفته أول أمس منطقة جبل جعفر برواد حيث تضرر 2,5 هكتار من المساحة الغابية إلى جانب 3 حرائق في مناطق مختلفة من ولاية باجة، أسفرت عن احتراق 25،5 هكتارا من الحبوب والحصيدة (13 هكتارا من الحبوب و12،5 هكتارا من الحصيدة) إضافة إلى 900 شجرة سفرجل.

وتتسبب الحرائق في تراجع واستنزاف الغابات، حيث تؤكد الأرقام الرسمية أنّ الإنتاج السنوي من الفلين قد تراجع من 9 آلاف طن خلال الثمانينات إلى 4 آلاف طن، حاليًا.

وتتراوح تكلفة احتراق الهكتار الواحد بين 20 و50 ألف دينار، كما تتكلف إعادة تشجير غابة واحدة حوالي 9 آلاف دينار.

وتعود صور حرائق الغابات في كل سنة لتشكّل كابوسا يقضّ مضاجع سكّان المناطق الغابية على وجه الخصوص الذين يتخوفون من فقدان موارد رزقهم المرتبطة بذلك النسيج الغابي فضلا عن أن هذه الحرائق تتهدد القرى والأكواخ الجبلية المتناثرة وسط الغابات وقرب أحزمتها، وتستنزف جهود فرق الحماية المدنية وأعوان الإدارة العامة للغابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

نبيه ثابت رئيس لجنة الصحة في البرلمان في حوار لـ«الصحافة اليوم» : قطاع الصحة يحتاج إلى إصلاح يشمل أربعة محاور

تجمع جميع الأطراف المتداخلة في القطاع الصحي أن القطاع بحاجة إلى مراجعة هيكلية على المستوى …