2024-08-06

معاناة المواطنين مع وسائل النقل سواء العمومي أو حتى الخاص لا تنتهي : معضلة تحتاج للكثير من العمل لتحسين القطاع والنهوض به

لا يختلف اثنان بأن النقل في تونس في وضع كارثي، ولم يعد الوضع مرتبطا بالأعياد والمناسبات، بل باتت معاناة يومية لمستعملي وسائل النقل العمومي أو الخاص على حد سواء، وإشكالات التنقل في تونس كثيرة بداية من حالة الأسطول المهترئة مرورا بالنقص الفادح في وسائل النقل وصولا إلى الاكتظاظ وما ينتج عنه من ممارسات،وأعمال تخريب، وعنف وغيرها.

ولم تعد معاناة المواطن أو مستعمل وسائل النقل تقتصر على النقل العمومي فقط بل انسحبت أيضا إلى النقل في القطاع الخاص الذي رغم ارتفاع  التسعيرة إلا أن الخدمات لا ترتقي إلى مستوى المأمول، حيث يشتكي حرفاء النقل عموما بمختلف مستوياته من تدهور الخدمات المقدمة على جميع الأصعدة من حيث تأخر السفرات واهتراء الأسطول والاكتظاظ والنقل المشروط في سيارات الأجرة. كلها صفات باتت تميز النقل في الأيام العادية فما بالك خلال المناسبات والأعياد أمام غياب استراتيجية واضحة للإصلاح وللنهوض به مماانعكس سلبا على مردودية هذا القطاع على المستوى الاقتصادي من سنة إلى أخرى ومارافقه من استياء من المواطنين.

ورغم ما يتم الإعلان عنه من إصلاحات سنوية إلا أن مردود قطاع النقل يعرف تراجعا من سنة إلى أخرى وهوما يبين انه لا وجود لنية حقيقية للإصلاح أم لفشل سياسات الإصلاح وعدم نجاعتها، وكذلك لتفشي ظاهرة الفساد التي نخرت كل القطاعات وأدت إلى تراجع مستوى خدماتها.

يبدو أن معضلة النقل باتت تؤرق الدولة التي تبحث عن سبل للنهوض بالقطاع ولعل دعوة رئيس الجمهورية خلال لقائه سارة الزعفراني الزنزري، وزيرة التجهيز والإسكان والمكلفة بتسيير وزارة النقل الى ضرورة إيجاد حلول عاجلة للنقل العمومي لأن النقل صار معاناة يومية داخل المدن هو دليل على وعي أعلى هرم السلطة بالوضع الكارثي للنقل وبمعاناة المواطنين اليومية التي لا تنتهي شتاء وصيفا.

وأقر رئيس الجمهورية بأن هذا الوضع الكارثي للنقل وخاصة النقل العمومي جاء نتيجة لتخلي الدولة عن النقل العمومي بداية السنوات التسعين من القرن الماضي وزاد استفحالًا عاما بعد عام، ففي تونس الكبرى على سبيل المثال تقلص عدد الحافلات في ظرف عشر سنوات من 1157 إلى 350 سنة 2024، هذا فضلا عن عربات المترو التي تآكل أغلبها والقطارات التي لم يقع التعهد بها منذ أكثر من أربعين سنة.

يعاني كثير من التونسيين بصورة يومية من مشكل النقل وسط العاصمة وفي عديد الجهات بسبب تنقلاتهم الأساسية ويحاولون التوصل إلى حلول بديلة مختلفة وفي هذه الحالة، ربما لم يعد التنقل ضربا من الحرية المكفولة لكل مواطن مثلما ينص الفصل 24 من الدستور التونسي، وإنما ضرورة تتطلب تضحيات هائلة.

إن ما يعانيه قطاع النقل منذ سنوات من ترد واضح لمستوى الخدمات المقدمة يعود بالأساس وفق المهتمين بالشأن العام في البلاد إلى غياب الإرادة الحقيقية في الإصلاح والنهوض بهذا القطاع الحيوي الذي يلعب دورا كبيرا في إنعاش الدورة الاقتصادية ينضاف إليه أيضا ما عرفته بلادنا بعد الثورة والكشف عن حجم الخراب التي تعانيه اغلب المؤسسات العمومية بما في ذلك قطاع النقل العمومي والذي يعود مرده إلى تفشي ظاهرة الفساد لذلك فإن تحسن الخدمات المسداة من قبل قطاع النقل العمومي البري والبحري والجوي لا يتم إلا بمحاربة الفساد والتصدي له والذي كبد هذا القطاع خسائر كبيرة على غرار الصفقات المشبوهة وكذلك تدعو إلى ضرورة تغيير الإدارة في هذا المجال وكل من تتعلق به شبهة فساد لابد من مقاضاته أي من الضروري تطهير القطاع من المفسدين حتى يستعيد عافيته وحتى لا يدفع الحريف الفاتورة باهظة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لمواجهة ارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية هل أصبح «الفريب» ملاذ التونسيين في العودة المدرسية..؟

تزامنا مع العودة المدرسية تشهد أسعار الملابس والأدوات المدرسية وكل مستلزمات العودة ارتفاعا…