2024-08-04

بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم: هل أصبح التونسي مهدّدا بأمراض سوء التغذية والسمنة؟

تسبب الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية وخاصة الخضر والغلال واللحوم الحمراء والأسماك  في عدم قدرة التونسي على مجاراة هذا النسق, مما جعله يتخلى تدريجيا عن عدد من المواد الغذائية الأساسية الصحية أو تغييرها بأخرى خالية من الفوائد. فهل أصبح التونسي مهددا بأمراض سوء التغذية  والسمنة وغيرها من الامراض جراء ارتفاع الأسعار؟

نتبين من خلال تقارير المعهد الوطني للاستهلاك ان مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، طيلة شهر جوان المنقضي للسنة الجارية 2024 شهد ارتفاعا في مستوى الاسعار, وفي ما يلي نورد بعض ما جاء في هذه التقارير.

في البداية أشارت التقارير إلى أن نسبة التضخم شهدت ارتفاعا طفيفا الى مستوى 7,3% خلال شهر جوان 2024 بعد ان كانت في حدود 7,2% في الشهر السابق. ويعود هذا الارتفاع في نسبة التضخم بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات، حيث سجلت ارتفاعا بنسبة 10,1% في شهر جوان 2024 مقابل 9,7% في شهر ماي 2024. في المقابل تراجع نسق ارتفاع أسعار مجموعة خدمات المطاعم والنزل والمقاهي حيث سجلت ارتفاعا بنسبة 9,9% في شهر جوان 2024 مقابل 10,2% في شهر ماي 2024.

أما بالنسبة لأسعار المواد الغذائية باحتساب الانزلاق السنوي, فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 10,2%. ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار القهوة بنسبة 35% وأسعار لحم الضأن بنسبة 24,3% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 22% وأسعار التوابل بنسبة 16,7% وأسعار لحم البقر بنسبة 16%..

وشهدت أسعار المواد المصنعة لشهر جوان 2024 ارتفاعا بنسبة 6,9% باحتساب الانزلاق السنوي ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بنسبة 9,4% وأسعار مواد التنظيف بنسبة 8,6%. في ذات السياق شهدت أسعار الخدمات ارتفاعا بنسبة 5,5% ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 9,9%..

وسجل التضخم الضمني لشهر جوان 2024 أي التضخم دون احتساب الطاقة والتغذية استقرارا في مستوى 6,8% مقارنة بالشهر الفارط.. وشهدت أسعار المواد الحرة ارتفاعا بنسبة 8,1% مقابل 6,4% بالنسبة للمواد المؤطرة، مع العلم أن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 11,1% مقابل 3,8% بالنسبة للمواد الغذائية المؤطرة.

انخرام جيب المواطن

تتعالى الأصوات يوما بعد يوم منددة بارتفاع الأسعار وانخرام جيب المواطن التونسي الذي لم يعد قادرا على مواجهة غلاء المعيشة. فالطبقة المتوسطة تآكلت وهي في طريقها للاندثارإن لم تندثر بعد.

هذا الانفلات في الأسعار أثر وبشكل مباشر على الأنماط الاستهلاكية في تونس وهو ما أكدته الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك. وهذا التغيير في النمط الاستهلاكي سيؤدي حتما إلى شيئين أساسيين وهما الحرمان من التمتع بخيرات تونس من خضر وغلال وأسماك لارتفاع أسعار هذه المواد, والاصابة بأمراض سوء التغذية لتخلي التونسي المنتمي للطبقة محدودة الدخل عن تناول الغذاء المتكامل والمتوازن والتوجه نحو تناول الخبز والمعجنات وحينها يسقط المستهلك في قبضة مرض السمنة وزيادة الوزن, الذي ينجر عنه أيضا بالضرورة عدد من الأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم وانسداد الشرايين وغيرها من أمراض العصر.

تمتاز تونس بخيراتها الطبيعية المتنوعة وخاصة في مجال الخضر والغلال. حيث تحتل المراتب الأولى عالميا في انتاج زيت الزيتون والمرتبة الأولى عالميا من حيث جودة التمور. بالإضافة إلى إنتاجها الهام من القوارص وبقية الغلال. إلا أن التونسي ظل محروما من خيرات بلده !

عندما نقول أن التونسي أصبح محروما فإننا لا نبالغ في ذلك فغلاء الأسعار وارتفاعها الجنوني جعل التونسي يتخلى عن اللحوم الحمراء بسبب ارتفاع سعر الكيلوغرام الواحد من الضأن إلى 50 دينارا. وبلغ سعر الكيلوغرام من بعض أنواع الأسماك أكثر من 100 دينار. هذا دون نسيان ارتفاع أسعار سعر زيت الزيتون (25 د للتر الواحد), وارتفاع أسعار جل أنواع الغلال الصيفية ومراوحتها بين 6 دنانير للكلغ و 12 د. هذا الأمر يجعل التونسي يشتهي ولا يشتري. والشيء نفسه بالنسبة للخضر, فسعر الفلفل يصل أحيانا إلى 7 دنانير وكذلك البطاطا التي يرتفع سعرها إلى 3دنانير. وكذلك البصل. وينطبق الشيء نفسه على أسعار الخضر الورقية. هذا الارتفاع المهول في الأسعار جعل التونسي يتخلى تدريجيا على العناصر الغذائية الأساسية في تغذيته ويعتمد البديل الذي يكون في الغالب خاليا من أي فائدة صحية, بل يمكن أن يكون سببا في الكثير من الأمراض على غرار مرض السمنة وأمراض أخرى…

امراض تهدد التونسي

حسب المنظمة العالمية للصحة فإن التغذية غير السليمة وغير الصحية تتسبب في عدد من الأمراض تبدأ بالإسهال وتنتهي بالسرطان. ومن بين هذه الأمراض نذكر:

السمنة والسكري وضغط الدم :عندما يستهلك الإنسان سعرات حرارية أكثر مما يلزم فإن الجسم يخزن معظم تلك السعرات الحرارية الفائضة كدهن. وهذا قد يحدث بدانة، وللشخص البدين دهن كثير في جسمه. والبدانة تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض مثل السكري، والجلطة، وضغط الدم العالي، وأمراض المرارة، وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان. وهناك بعض المشكلات الصحية مثل التهاب مفاصل العظام، وأوجاع أسفل الظهر. وهذه أمراض تزداد حدتها بسبب الضغط الناتج عن الوزن الزائد. وتشير الاحصائيات الى انه اكثر من ربع سكان تونس (26.90 بالمائة) يعانون من مرض السمنة وزيادة الوزن. ويعاني 2 مليون تونسي حسب احصائيات 2022 من مرض السكري أي حوالي 20 بالمائة من مجموع السكان مصابون بمرض السكري. أما نسبة مرضى ضغط الدم في تونس  فتقدر بـ30.6  بالمائة بالنسبة للكهول.

الهزال: وهو حالة مرضية تصيب الأطفال خلال السنة الأولى من العمر بعد الفطام المبكِر وينتج المرض نتيجة نقص الطاقة أو الطاقة والبروتين معا ويتميّز الطفل المريض بهزال شديد ونقص في الوزن.

سوء التغذية: تحدث عندما تنخفض نسبة البروتينات والسعرات الحرارية في الوجبة. فإذا كانت الوجبة تنخفض فيها البروتينات بصفة خاصة فإن الحالة تسمى كواشيوركر. ومن بين مظاهر الكواشيوركر تغيرات في لون وهيئة الشعر والجلد، وورم الجسم، وتلف للخصيتين والكبد والبنكرياس. والمرض المنتشر في بعض البلاد النامية يصيب عادة الأطفال المصابين بمرض معد. هو نقص الفيتامينات.

نقص المعادن: أكثر أمراض نقص المعادن انتشارًا هو أنيميا نقص الحديد التي تحدث نتيجة للحاجة إلى الحديد. وفي مثل هذه الحالات، فإن الدم لا يحمل عددًا كافيًا من كريات الدم الحمراء، ولا يستطيع أن يزود الألياف بمقدار كاف من الأكسجين. ولذلك فإن الإنسان يشعر بالضعف والتعب. ومن الأعراض الأخرى التي تظهر الدوار والصداع وضربات القلب السريعة وقصر التنفس. ويمكن أن يسبب الافتقار إلى اليود مرض الدراق، أي تضخم الغدة الدرقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

قبل أيام من العودة المدرسية:  نصائح عامة للتلاميذ والأولياء لإنجاح العام الدراسي الجديد

ما تزال الدراسة تشكل محور حياة التونسيين رغم تراجع جودة التعليم وارتفاع نسب البطالة في صفو…