شواطئ عريقة اصبحت مهجورة بسبب مياه الصرف الصحي: متى تستعيد الضاحية الجنوبية بريقها ..؟
يغفل كثيرون عن أن تنظيف الشواطئ مثله مثل الحقوق البيئية الأخرى حق دستوري يمكّن كل مواطن من أن يتمتع ببيئة سليمة توفر له الهواء النقي والماء الصالح للشرب وكذلك الماء الصالح للسباحة وهي من أبسط الحقوق التي يجب أن تتوفر لتحقيق الحياة الكريمة لكن يبدو ان الضاحية الجنوبية بمختلف شواطئها ما زالت بعيدة تماما عن البرامج والتدخلات الناجعة التي من شأنها أن تعيد لها بريقها ومكانتها لدى المصطافين الذين هجروها إلى شواطئ أخرى أكثر جمالا ونظافة في حين ان هذه الضاحية بمختلف مدنها تعد من بين أعرق الأماكن في البلاد حيث كانت على الدوام منارة وقبلة لكل محبي البحر وعشاق الاصطياف .
تشكيات أهالي الضاحية الجنوبية على الوضعية الكارثية للشواطئ مازالت إلى اليوم متواصلة ورغم ان زيارة رئيس الجمهورية الى مدينة حمام الانف نجحت في أن تجعل هذا الملف يطفو على السطح وتسلط عليه الاضواء إعلاميا الا ان تواصل انسياب الروائح الكريهة التي ازعجت الاهالي كثيرا خلال هذه الفترة اججت تعليقات واحتجاجات رواد صفحات التواصل الاجتماعي وخاصة من متساكني المنطقة ممن يدركون جيدا بان الاشكال لا ينحصر فقط في مجرد التنظيف الآلي للرمال ولا في التخلص من الصخور بقدر ما يكمن في التخلص من المياه غير المعالجة ومياه الصرف الصحي التي تعتبر مربط الفرس في هذا الاخلال البيئي الخطير حيث اكد احد الاهالي من متساكني المدينة لـاالصحافة اليومب قائلا، اان شيئا لم يتغير ولا توجد أي جدية من المسؤولين في الإسراع في التعامل مع الموضوع..ب مطالبا وغيره من المواطنين بضرورة إيقاف سكب مياه الصرف الصحي .حيث أصبح هناك إجماع كامل لدى أبناء الضاحية الجنوبية على تحميل الديوان الوطني للتطهير مسؤولية التلوث الحاصل، بسبب تصريفه مياه الصرف الصحي والمياه المستعملة القادمة من المنازل والمنشآت الصناعية،المنسكبة في مجرى وادي مليان ومنه إلى بحر الضاحية دون معالجة وصرحت أيضا إحدى المتساكنات بأن الاشكال لا يقتصر فقط على غربلة الرمال وإزاحة الصخور من على الشاطئ بل المسألة أعمق من ذلك ولا يمكن القضاء نهائيا على التلوث في مختلف شواطئ الضاحية الا بوقف نزيف السكب المتواصل لـامياه الأوناسب قائلة اأحنا نقولولهم سكر الأوناس على بحر حمام الأنف وهوما مولا الدار موش هوني ، الشيء ماشي ويزيد بسبب الروائح الكريهة..ب.
وعبرت السيدة ايمان .ع من متساكنات مدينة الزهراء عن ألمها وحزنها الشديدين لما آلت اليه حالة شاطئ مدينة الزهراء الذي أصبح مهجورا حتى من أهالي المدينة بسبب تلوثه والروائح الكريهة المنبعثة من مياه الصرف الصحي مشيرة الى المستوى الخطير للتلوث في مدينتها الزهراء وكامل الشريط الساحلي للضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، والتي تضم مدن رادس والزهراء وحمام الأنف وحمام الشط. وتؤكد ايمان أنه من المؤلم أن تذهب بعيدا للاصطياف صحبة أطفالها وهي لا تبعد سوى بضع أمتار عن شاطئ البحر الذي كان سابقا وجهتهم الوحيدة .
وبدأ هذا التلوث يتضح منذ أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات. وقد أجريت دارسة بين سنتي 1984 و1986 بالتعاون مع معهد باستور، أخذت خلالها عينات من وادي مليان حتى مدينة حمام الأنف لبحث أسباب التلوث، فكانت النتيجة أن البكتيريا البرازية هي مصدر التلوث، وأن شواطئ الضاحية غير ملائمة للسباحة.
ولئن تواصلت خلال شهر جويلية المنقضي عمليات التنظيف الآلي واليدوي لشواطئ مدينة حمام الأنف من ولاية بن عروس تحت إشراف ومتابعة الفرع الجهوي بن عروس لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، وذلك في إطار تنفيذ برنامج تمشيط الرمال وغربلتها بصفة دورية والتنظيف اليدوي للكثبان الرملية ومداخل الشواطئ الا ان ذلك لم يمنع من تواصل انسياب الروائح الكريهة مما دفع بالعديد من النشطاء من أبناء المدينة إلى مواصلة نداءاتهم المطالبة بالكف عن سكب المياه غير المعالجة .
يذكر ان رئيس الجمهورية قيس سعيّد كان توجه ظهر يوم الجمعة 12 جويلية 2024، إلى مدينة حمام الأنف من ولاية بن عروس حيث عاين الوضع البيئي الكارثي نتيجة الإهمال وصرف المياه المستعملة بالبحر فضلا عن التهيئة العمرانية التي لم تُراع فيها أبسط قواعد التهيئة ووجود معالم تاريخيّة تحوّلت إلى مبان متداعية للسقوط. ودعا رئيس الدولة إلى القيام بحملة تنظيف عاجلة في انتظار حلول جذرية لتدارك مثل هذه الأوضاع لا فقط في مدينة حمام الأنف ولكن أيضا على المستوى الوطني، مع تحميل المسؤولية لكل من تسبب في هذه الأفعال التي ترتقي إلى مرتبة الجريمة.
بات يعصف بثوابت القيم والأخلاق : أيّ حدود.. وأيّ حلول.. لظاهرة التنمّر؟
كغيره من الظواهر الهدامة التي باتت تنخر المجتمع أصبح التنمر يتفاقم بشكل ملفت للنظر وينتشر …