رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني لـ«الصحافة اليوم»: المجلس الأعلى للتربية والتعليم .. متى يرى النور؟
يُنتظر من المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم أن يكون فضاءً لإعادة بناء المشروع الإصلاحي للمنظومة التربوية على أسس متينة توزّع فيها الأدوار بكلّ دقّة، ضمانا لاستدامة التّنسيق وسلامة الأداء وفاعليّته.
يقول في هذا السياق رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني ان التربية والتعليم تعتبر شأنا وطنيا ومجتمعيا وأمنيا بامتياز لتلازم تفاعله مع جلّ المجالات الحيوية بالبلاد خاصة من حيث تنشئة الأجيال من جهة وتوفير حاجياتنا من الموارد البشرية المختصة الضامنة لتطور البلاد واستقرارها والنهوض بها لتبلغ مستويات البلدان المتقدمة من جهة ثانية ذلك ما عبر عنه رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ
ويؤكد الزهروني أن المدرسة هي أساس بناء دولتنا من خلال مساهمتها مع العائلة في صقل شخصية أبنائنا وبناتنا وتأهيلهم ليصبحوا رجال المستقبل ونساءه في علاقتهم مع أنفسهم ومع عائلاتهم ومع المجتمعات التي يعيشون داخلها.
ومن هذا المنطلق فإن تحديد رسالة المدرسة وظائفها ومرجعياتها ومضامينها التربوية والتعليمية والثقافية والإنسانية وكيفية حوكمتها وضبط السياسات المتعلقة بتطويرها واستراتيجيات إصلاحها والأهداف الواجب عليها تحقيقها يتطلب وفق محدثنا تشريك عديد الأطراف وعديد الاختصاصات والتي تتجاوز حدود وزارة التربية ومختلف نقابات التعليم. فكلّ القطاعات تقريبا لها رأي ومرجعيات ومواصفات وشروط من الضروري أخذها بعين الاعتبار والعديد من الاختصاصات هي بدورها معنية مباشرة بمحتويات مسارات التربية والتعليم وتدرجها.
ومن هذا المنطلق أشار رئيس الجمهورية منذ كان مترشحا للانتخابات الرئاسية في 2019 إلى أهمية مجلس أعلى للتربية والتعليم في إطار رؤيته الإصلاحية للمنظومة التربوية. قناعة اكدها في عديد المناسبات عندما يتناول فيها موضوع التربية وعند استقباله الوزراء الذين أشرفوا على القطاع وجسّمها في دستور 25 جويلية 2022 والذي نص في فصله 135 من بابه التاسع على «تولي المجلس الأعلى للتربية والتعليم إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي وآفاق التشغيل» واليوم وبعد مرور سنتين من إصدار دستور 2022 من حقنا أن نتساءل عن أسباب التأخير -غير المبرر من وجهة نظرنا- في إصدار القانون الذي نص عليه الفصل المذكور أعلاه والذي من المفروض أن يضبط تركيبة هذا المجلس واختصاصه وطرق تسييره خاصة عندما نعلم بإمكانية الاستئناس بنصين لقانونين وطنيين صدرا للغرض منذ أكثر من عقدين وبعديد النصوص لقوانين مجالس تربية وتعليم قائمة لأنظمة تربوية غربية وعربية.
فإصدار هذا النص وهو متأكد نظرا لأهميته لا يتطلب في واقع الأمر أكثر من شهر عندما ندرك أهمية الرهان والكلفة الباهظة لكلّ تأخير والتي يتحملها يوميا أبناء وبنات على حساب المصلحة الوطنية. ولا أرى في واقع الأمر علاقة لإصدار هذا النص بالاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي. فهو اختصاص سياسي وتنظيمي وقانوني بامتياز.
فعديد الدول كفرنسا والدانمارك وايطاليا والأردن والجزائر والمغرب ضمنت بقوانينها المنظمة لقطاع التربية إرساء مجالس تربية وتعليم بتسميات مختلفة لكن بمهام متشابهة في أغلبها والمتمثلة في التنسيق بين مختلف السياسات العمومية ذات العلاقة بالتربية والتعليم بهدف توحيد التوجهات والأهداف في إطار رؤية وطنية متكاملة ومتناغمة وما يتطلبه ذلك من مخططات وبرامج ومشاريع إصلاح عند الضرورة.
وفي تونس نصّ الأمر عدد 2260 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 المتعلق بضبط مشمولات المجلس الأعلى للتربية وتركيبته وسير عمله على تكليف هذه المؤسسة بإبداء الرأي بخصوص التوجهات السياسة الوطنية في ميدان التربية والتعليم والطرق الكفيلة بإنجازها وذلك قبل أن يتم تعويضه بالمجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية بمقتضى الأمر عدد 1047 لسنة 2002 المؤرخ في 7 ماي 2002.
وهو مجلس تمت توسعة مجال تدخله ليشمل إبداء الرأي بخصوص توجهات السياسة الوطنية في مجالات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والطرق الكفيلة بإنجازها وبخصوص آفاق التشغيل بها وفقا لمتطلبات التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد وكذلك بخصوص الطرق الكفيلة بتطوير المنظومة التربوية وإصلاحها والنهوض بالتكوين المهني والتشغيل عامة وتشغيل الشباب وإدماجه خاصة وتلك الضامنة للتوافق بين المنظومة التربوية ومنظومة التكوين المهني من ناحية والمحيط الاقتصادي والاجتماعي من ناحية أخرى.
ويضمّ هذا المجلس كل أعضاء الحكومة تقريبا ورؤساء أو أمناء عامون لهيئات ومنظمات مهنية وممثلين عن مجلس النواب وكل منظمة طالبية معترف بها وكل من يرى رئيس المجلس فائدة في دعوته باعتبار طبيعة المواضيع المدرجة بجدول أعماله.
على أن تساعد المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية لجان مختصة يمكن أن تكتسي صبغة قارة أو مؤقتة مع إمكانية استعانته بلجان فنية للنظر في المواضيع التي تندرج ضمن مشمولاته. كما أحدثت صلبة هذا المجلس كتابة يتولاها بالتداول ولمدة سنتين كل من وزراء التعليم العالي والتربية والتكوين المهني والتشغيل.
فإرساء هذا المجلس وتفعيله وفق محدثنا سيمكن من الخروج من أحادية القرار أو الاكتفاء بثنائية التعامل مع الطرف النقابي عندما يتعلق الأمر بالشأن التربوي وسيضمن فور تفعيله مأسسة عملية الإصلاح مع تفادي الارتجال والحلول السطحية عندما يتم تكليف هذه المؤسسة بقيادة مشروع الإصلاح في كلّ مراحله دراسة وتنفيذا ومتابعة في مرحلة أولى ثم بتعهده بضمان دوام جودة أداء المدرسة التونسية في مرحلة ثانية.
إستهداف المربين والمؤسّسات التربوية : السيناريو يتكرّر … و العنف بلغ درجة عالية من الخطورة
المنظومة التربوية في حاجة أكيدة اليوم للبناء على أسس صلبة تقطع مع كل التشوّهات التي طالت…