إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس : خطوات إلى الأمام في تفعيل الإستراتيجية الوطنية..
مثّل موكب توقيع 6 مذكرات تفاهم جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس الاثنين الفارط والذي أشرفت عليه وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب خطوة جدّية وهامة تنضاف إلى الخطوات السابقة المنجزة بهدف تفعيل الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته في أفق 2050 وإنجاح هذا البرنامج وتحويل نوايا الاستثمار في هذا المجال مع مختلف الشركاء والمستثمرين الأجانب الى برامج عمل واقعية وحقيقية بناء على مذكرات تفاهم والتي ستليها لاحقا عقود نهائية مفصّلة ومحددة للاستكشاف والاستثمار.
وتتطلّع بلادنا من خلال المضي قدما في تفعيل برنامج إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر إبرام هذه الاتفاقيات إلى العمل على استقطاب الاستثمارات مع استغلال الإمكانات المتاحة على الصعيد الوطني وبنية تحتية صناعية وطاقية متوفرة إلى جانب تموقع تونس لإنتاج 8.3 مليون طن من الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في أفق سنة 2050 منها 2.3 مليون طن موجهة إلى السوق المحلية و6 مليون طن موجهة إلى التصدير بقيمة استثمارات جملية تناهز 120 مليار أورو.
وكما هو معلوم فان هذه الاستراتيجية تهدف إلى خلق نسيج مؤسساتي متطور في قطاع الهيدروجين الأخضر يساهم في تعزيز قطاع الصناعة بالإعتماد على الكفاءات والخبرات الوطنية.
فإنتاج الهيدروجين الأخضر يهم تونس كبقية دول العالم وتتمتع بلادنا بمميزات تضمن لها التموقع ووضع موطئ قدم مع الدول المنافسة في هذا المجال، وقد شرعت بلادنا وفق هذا التمشي وهذه الرؤية في إبرام اتفاقات جديدة مع عدد من الدول والمستثمرين الأجانب والشركات التي تشتغل في هذا المجال.
ويتضح حرص بلادنا على إنجاح هذا المسار وهذا البرنامج الواعد من خلال إبرام بلادنا الاثنين الفارط لـ 6 مذكرات تفاهم جديدة مع عدد من الدول والشركات المختصة في هذا المجال ،وتخص مجمع الشركات البريطانية المالطية تونور «TUNUR» والنرويجية «Aker Horizons» والنمساوية فاربوند «Verbund» والشركة البريطانية «سافانا أنرجي» «Savanah Energy» وشركة هيدروجين فرنسا «Hydrogène de France» والشركة الفرنسية «أمارونكو» «Amarenco» والشركة الأردنية «H2 Global» والشركة البلجيكية «DEME Hyport» والشركة الألمانية «Abo Energy».
فتوقيع بلادنا لـ 6 مذكرات تفاهم جديدة يأتي ليبدّد الجدل الذي صاحب بداية الشروع في ضبط برنامج اعتماد إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس، كما أن هذه الاتفاقات الجديدة تأتي بعد إبرام بلادنا في وقت سابق لعدد من الاتفاقيات مع شركات أوروبية لإنتاج وتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر حيث تم نهاية السنة الفارطة إمضاء مذكرة تفاهم مع مجموعة «توتال» الفرنسية و«فاربوند النمساوية»، وتوقيع مذكرة تفاهم أخرى بين تونس والمجمع السعودي «أكوا باور» في 31 ماي 2024 تتعلق بإنجاز الهيدروجين الأخضر المدمج للطاقات المتجددة.
ونرى أنه تتوفر لبلادنا اليوم إمكانات كبيرة وجملة من العوامل الأساسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر والنجاح في تحقيق هذا التوجّه وهذا البرنامج الضخم والواعد وتمثل نواة هذا البرنامج الاستراتيجية الوطنية التي تم ضبطها في الغرض، فنحن اليوم لم نعد نتحدث عن خيار لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدر ما نتحدث عن دخول بلادنا فعليا في تفعيل وتطبيق مراحل هذا التوجّه والمضي قدما في هذا المسار للتأقلم مع التغيّرات المتسارعة في العالم وخاصة منها التغيّرات المناخية وما تفرضه التغيّرات الدولية في إطار التوجه العام نحو الاقتصاد الأخضر في العالم والحفاظ على البيئة وتطبيقا لاتفاقية باريس الموقّعة في 2016 من قبل 175 من رؤساء دول العالم في مقر الأمم المتحدة تحت مسمى «اتفاقية باريس للتغيّر المناخي».
عامل آخر على غاية من الأهمية يدعم توجه بلادنا لتنفيذ وتحقيق نجاح هذا البرنامج الواعد والمتمثل في المياه ،فعلى عكس ما يروّج فإن إنتاج الهيدروجين الأخضر لا يتطلب استهلاك الكثير من المياه كما يشاع وهو ما يؤكده عديد الخبراء في المجال وذلك على اعتباره لا يرتكز على مواردنا المائية الباطنية أو الماء الصالح للشرب أو المياه الموجّهة للفلاحة ،بل يعتمد أساسا على المياه البديلة وهي المعالجة أو المتأتية من تحلية مياه البحر، حيث لا تمثل تكلفة المياه في إنتاج الهيدروجين الأخضر إلا ٪1 من التكلفة الجملية للإنتاج.
ونرى أن هذه المعطيات والحقائق تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل صحة خياراتنا الوطنية وتوجّه الدولة العام في اعتماد إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس، وهو ما يؤكد أيضا أن توجّه بلادنا نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر ليست له نتائج سلبية بل بالعكس هي فرصة لتونس للتموقع ضمن هذا التوجّه العالمي الجديد وجلب المستثمرين في المجال ودفع الحركة الاقتصادية والسياحية ودفع التنمية والتشغيل.
إثر زيارة رئيس الجمهورية لهنشيري الشعّال والنفيضة : الشعب التونسي في حالة صدمة من هول ما رأى من فساد…
كشفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيّد غير المعلنة الأخيرة الى كل من هنشير الشعّال بولاية صف…