2024-08-03

بالتوازي مع برامج تحديث شركة فسفاط قفصة : صادرات الفسفاط ترتفع وتتجه نحو أسواق جديدة

شهد تصدير ثلاثي الفسفاط الرفيع منذ بداية سنة 2024 ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية بعد ان تمكن مؤخرا مصنع المظيلة 1 التابع للمجمع الكيميائي التونسي من تصدير شحنة بـ30 ألف طن من مادة ثلاثي الفسفاط الرفيع نحو إحدى بلدان أمريكا الجنوبية، وبذلك يصل مجموع الكميات المصدرة من هذه المادة منذ مطلع هذه السنة إلى ما يقارب 80 ألف طن. ويرجع هذا التطور في عمليات التصدير إلى تزايد الطلب العالمي على الفسفاط، بالإضافة إلى برامج التحديث التي تقوم بها الشركة وتواصل الإصلاحات من اجل ضمان العودة الكاملة لانتاج هذه القطاع ونقله وتصديره على غرار التحسين المتواصل لعمليات النقل الحديدي الذي طالب به مجلس الأمن القومي الأخير على ضرورة تطوير عمليات النقل الحديدي لمواكبة التقنيات الحديثة في النقل.

وبالتوازي مع مواصلة سياسة الإصلاحات، تعمل شركة فسفاط قفصة بوصفها المؤسسة الناشطة في هذا القطاع على استعادة حرفائها التقليدين وإبرام عدد من الصفقات مع العديد من الشركات الأجنبية، للرفع من حصة تونس في إنتاج الفسفاط وتصدير مشتقاته لاسيما مع ارتفاع أسعار مادّتي الفسفاط والأسمدة في الأسواق العالمية.

ان المتابع للأخبار الاقتصادية، يدرك ان قطاع الفسفاط مثل لسنوات عديدة مصدراً للعملة الصعبة بالنسبة لتونس ومحركا قويا للاقتصاد الوطني، غير أن الأحداث المتعاقبة التي شهدتها البلاد منذ سنة 2011 بدءا من الثورة التي خلفت موجة من الإضرابات والاحتجاجات المشلة للإنتاج وتذبذب الأسعار في السوق العالمية وخسارة بعض الحرفاء الاستراتيجيين ساهمت بدور كبير في تراجع إنتاج هذا القطاع بشكل لافت. الأمر الذي انعكس سلبا على موارد الدولة من العملة الصعبة.

وطيلة هذه السنوات واصل قطاع الفسفاط أداءه المتواضع  والذي اثر سلبا على النمو الاقتصادي والاحتياطي من العملة الأجنبية نظرا لتأثر الصادرات بتراجع الإنتاج حتى انه تم في فترة معينة اللجوء الى التوريد لتلبية الطلب المحلي (توريد كميات هامة من الجزائر سنة 2020) لتستخدم كسماد أساسي في الفلاحة وللحيلولة دون توقف المجمع الكيميائي.

وظلت مؤشراته متواضعة رغم انه حقق رقما قياسيا سنة 2019 بإنتاجه أكثر من 4.1 مليون طن مسجلا بذلك نموا بـ46 بالمائة مقارنة مع سنة 2018 . وبلغ المعدل السنوي للإنتاج 3.6 مليون طن خلال السنوات المتراوحة بين 2017 و2019 بالمقارنة مع معدل سنوي 3 مليون طن من الإنتاج بين سنتي 2011 و 2016 ،أي بزيادة بحوالي 20 بالمائة في المعدل السنوي.

ومع منتصف سنة 2022، شهد هذا القطاع بداية تعافيه والتي تجلت بوضوح في تحسّن مؤشرات الإنتاج والتصدير بالمقارنة مع السنوات التي سبقتها، حتى ان الحكومة عدلت توقعاتها بخصوص مردودية هذا القطاع مؤكدة انه في حال استمرّ استقرار الوضع الاجتماعي بمناطق إنتاج الفسفاط والأسمدة،  فإنها تطمح لبلوغ سقف إنتاج بـ5.6 مليون طن من الفسفاط خلال سنة 2023 على أمل ان تحقق سقف إنتاج بـ8 مليون طن لكامل 2024 مع رفع نسق نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية إلى حوالي 4.3 مليون طن لتعادل حجم إنتاج تونس من الفسفاط سنة2010 وأن يسجل العام 2025 حجم إنتاج بـ12 مليون طن من الفسفاط وفق ما جاء في إطار المخطط التنموي 2023-2025.

ومع ان بوادر التعافي تواصلت سنة 2024 حيث أكد التقرير الخاص بالوضع الاقتصادي للثلاثي الأول من العام الحالي الذي نشره المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية ان  إنتاج الفسفاط سجل ارتفاعا بنسبة 8.4% خلال الثلاثي الأول 2024 مسجلا 790 ألف طن مقابل 728 ألف طن في الثلاثي الأول من العام الفارط، إلا انها مازالت لا تستجيب الى تطلعات الحكومة ولا تعكس الأهمية الاقتصادية لهذا القطاع الذي يعد من أهم روافد الاقتصاد بحكم أنه يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% ويوفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل وبوقر لخزينة الدولة موارد مالية هائلة تقدر تقريباً بمليار دينار سنويًا. الأمر الذي يساهم في تقليص العجز التجاري وتماسك قيمة الدينار إضافة إلى إسهامه في تراجع معدلات التضخم.

وانطلاقا من هذه الأهمية وبهدف تحقيق النتائج المرجوة والتي من المؤكد أن شركة فسفاط قفصة قادرة على تحقيقها،  بات من الضروري إحاطة هذا القطاع برؤية اقتصادية متكاملة تضمن العودة السريعة لنشاط هذا القطاع الذي بدأ في التعافي وتحقيق مؤشرات ايجابية وقادر على تحقيق نتائج أفضل خاصة مع وجود مخزونات من الفسفاط الخام في بعض الولايات الأخرى : رؤية تتماشى مع خطة العمل التي أقرتها الحكومة التونسية سابقا للنهوض بقطاع الفسفاط ومشتقاته على غرار العمل على رفع الطاقة الإنتاجية لاسيما مع دخول المشاريع الجديدة حيز الإنتاج الفعلي (مشروع أم الخشب ومغاسل الرديف ومشروع توزر) إضافة الى العمل المشترك على معالجة الإشكاليات المتعلقة بالمشاريع المعطلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

البنك الدولي: ارتفاع الديون التونسية يضع القطاع البنكي في وضعية «صعبة»

«تمثل الديون السيادية لتونس حوالي 80 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل نسبة مرتفعة …