لا شك أن الشركات الوطنية هي أهم مرتكزات الاقتصاد الوطني وهي التي لعبت دورا مهما زمن التأسيس في خلق توازنات مهمة ، بل يعتبرها بعض الباحثين والخبراء في المسألة الاقتصادية بمثابة « رمانة الميزان »حرفيا. غير أن التقلبات التي عرفتها البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والتحولات الكبرى في المفاهيم المتعلقة بالأولويات في المجال المالي والاقتصادي غيّرت حال هذه المؤسسات فأصبحت بكل أسف عبءا ثقيلا.

واليوم تراهن الدولة على إعادة الروح إلى هذه الشركات والمنشآت العمومية عبر إصلاحها وحوكمة ادارتها بما يجعلها رافعة من رافعات الاقتصاد التونسي.

وقد تابعنا زيارات رئيس الجمهورية إلى أهم وأعرق هذه المنشآت والشركات وإعلانه بصراحة ووضوح انه لا نية للتفريط في هذه المكاسب باعتبارها ملكا للشعب التونسي بأكمله.

ويبدو أن المساعي حثيثة من أجل تطوير هذه المؤسسات وإعادتها إلى سالف «مجدها» إذا جازت العبارة.

وفي هذا الإطار يمكن تنزيل جلسة العمل الوزارية التي انعقدت بقصر الحكومة بالقصبة وتولى الاشراف عليها السيد أحمد الحشاني رئيس الحكومة  وذلك بحضور كل من السيدة سهام البوغديري نمصية وزيرة المالية و السيد كمال المدوري وزير الشؤون الاجتماعية والسيدة فريال الورغي السبعي وزيرة الاقتصاد والتخطيط والسيدة فاطمة الثابت شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة والسيدة كلثوم بن رجب قزاح وزيرة التجارة وتنمية الصادرات والسيد عبد المنعم بلعاتي وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والسيد فتحي زهير النوري محافظ البنك المركزي.

وكانت جلسة العمل الوزارية مناسبة لتقدم وزيرة  الصناعة والطاقة والمناجم عرضا تفصيليا عن وضعية الشركة التونسية للسكر وأهم الحلول المقترحة لتجاوز الصعوبات الحالية.

وتمثلت مخرجات هذه الجلسة في إقرار وضع خطة عملية تقوم على تنسيق الجهود في إطار عمل مشترك بين كل من وزارة الصناعة والطاقة والمناجم ووزارة المالية وكذلك وزارة الاقتصاد و التخطيط والبنك المركزي وذلك من أجل اخراج الشركة التونسية للسكر من أزمتها. ولهذا الغرض سيتم توفير اعتمادات مالية للشركة المذكورة حتى تتمكن بفضل الحصول على التمويل اللازم من مجابهة النفقات المتصلة بإعادة هيكلتها التي ستتم عبر إعداد مخطط هيكلي لهذا الغرض.

وعلى هذا الأساس يمكن الاشتغال على تطوير أدائها في المدى المتوسط والبعيد وذلك ضمانا لديمومتها ثم إعادة البريق اليها ذاك الذي فقدته عبر السنين بسبب غياب الحوكمة الرشيدة والإدارة السيئة واهدار المال العام.

وهو ما يعدّ سمة جامعة لكل الإشكاليات التي تعاني منها الشركات الوطنية والمنشآت العمومية التي تم اهمالها عن قصد أحيانا وعن تقصير وجهل حينا وذلك من اجل تخريبها بشكل ممنهج حتى يتسنى التفريط فيها للقطاع الخاص بأبخس الأثمان.

مع العلم انها كانت تدرّ أرباحا هامة على ميزانية الدولة وكانت توفر مواطن شغل كبيرة في اكثر من قطاع وكانت قاطرة تشد الاقتصاد الوطني الى الأمام. وهذه المؤسسات كثيرة ومتعددة ومن بينها معمل عجين الورق والحلفاء بالقصرين ومعمل الفولاذ بمنزل بورقيبة من ولاية بنزرت على سبيل المثال لا الحصر وكلها حظيت باهتمام رئاسي وتولى رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارتها والوقوف عن كثب على ما آلت اليه أوضاعها ووضعية العاملين بها.

وهي اليوم تحتاج الى إعادة هيكلة قطعا والى رصد اعتمادات مالية مهمة من اجل إعادتها الى سالف نشاطها والى دورها المركزي في الاقتصاد الوطني.

والواضح اليوم ان الاهتمام منصبّ على هذه المؤسسات من اجل تطويرها حتى تكون رافدا قويا من روافد الاقتصاد الوطني ولا نية للتفريط فيها او التنازل عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بأغلبية 124 عضو : الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب بإنهاء الاحتلال الصهيوني

الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) بأغلبية 124 عضوا ومعارضة 14 وامتناع 43 عن التصويت، اعتمدت ا…