2024-08-02

البنك‭ ‬المركزي‭ ‬يبقي‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬عند‭ ‬8‭ %‬‭ ‬: الأولوية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬هي‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي

دعا‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والمختصين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عديدة‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬الرئيسية‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬مرتفعة‭ ‬وفي‭ ‬حدود‭ ‬8%‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توجه‭ ‬دولي‭ ‬لعديد‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬نحو‭ ‬التخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬المديرية‭ ‬بهدف‭ ‬دفع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحفيز‭ ‬الإستثمار‭ ‬ومساعدة‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬الولوج‭ ‬الى‭ ‬التمويلات‭ ‬البنكية‭ ‬وتطوير‭ ‬انشطتها‭ ‬الاقتصادية‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬تمثل‭ ‬غالبية‭ ‬النسيج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس‭  ‬ومساعدتها‭ ‬على‭ ‬الولوج‭ ‬الى‭ ‬التمويلات‭ ‬المالية‭ ‬اللازمة‭ ‬لدفع‭ ‬أنشطتها‭ ‬أو‭ ‬توسيعها‭ ‬وتطويرها‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الثروة‭ ‬وفتح‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭ ‬وتقديم‭ ‬دفع‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬ضعيفا‭ ‬جدا‭ ‬ولم‭ ‬يتجاوز‭ ‬0,2%‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬تبرز‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬لا‭ ‬يخلق‭ ‬الثروة‭ ‬ويجد‭ ‬صعوبات‭ ‬جمة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬نسبة‭ ‬نمو‭ ‬طيبة‭ ‬لعلها‭ ‬تعكس‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الصمود‭ ‬والبقاء‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بيئة‭ ‬مالية‭ ‬قاسية‭ ‬وتكاليف‭ ‬مرتفعة‭ ‬تدفع‭ ‬الى‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الفشل‭ ‬وتقليص‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التأثير‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وعلى‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬قرر‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬بيانه‭ ‬الصادر‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬31‭ ‬جويلية‭ ‬2024‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬دون‭ ‬تغيير،‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬8٪‭. ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬انشغاله‭ ‬إزاء‭ ‬تباطؤ‭ ‬تطور‭ ‬القروض‭ ‬الممنوحة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬والنصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬والذي‭ ‬شمل‭ ‬بالأساس‭ ‬القروض‭ ‬المسندة‭ ‬للشركات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والأفراد،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬السياق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصعب‭ ‬وتواصل‭ ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭ (‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬7,3٪‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬جوان‭ ‬2024‭ ‬مقابل‭ ‬9,3٪‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق‭).‬

وقد‭ ‬شدد‭ ‬مجلس‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تنسيق‭ ‬جهود‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬لدعم‭ ‬الشركات‭ ‬وضمان‭ ‬ديمومتها‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭. ‬لكنه‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬لدعم‭ ‬المسار‭ ‬التنازلي‭ ‬للتضخم‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬والاستقرار‭ ‬المالي‭. ‬والواضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬ان‭ ‬السلطة‭ ‬النقدية‭ ‬رجحت‭ ‬قرار‭ ‬الابقاء‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬مستواها‭ ‬الحالي‭ ‬المرتفع‭ ‬لمكافحة‭ ‬التضخم‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬العوامل‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الاخرى،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬تداعياتها‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬وزيادة‭ ‬التكاليف‭ ‬والضغوطات‭ ‬المالية‭ ‬المسلطة‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬وعلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬عامة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬دعوات‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الذين‭ ‬يؤكدون‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬مرتفعة‭ ‬ومعيقة‭ ‬للنمو‭ ‬عموما‭ ‬مشددين‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬اتخاذ‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬لإجراءات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتكون‭ ‬أهم‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬التخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفائدة‭ ‬لتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬جرعة‭ ‬أوكسجين‭ ‬للمؤسّسات‭ ‬وتيسير‭ ‬ولوجها‭ ‬الى‭ ‬السيولة‭ ‬البنكية،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬دعوة‭ ‬الدولة‭ ‬لتعزيز‭ ‬مواردها‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬اخرى‭ ‬وتقليص‭ ‬الضغوطات‭ ‬المسلطة‭ ‬على‭ ‬البنوك‭ ‬المحلية‭ ‬بالاقتراض‭ ‬منها‭ ‬وتمويل‭ ‬عجز‭ ‬ميزانيتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬اقتراض‭ ‬خارجية‭. ‬هذا‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الفوائد‭ ‬الموظفة‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬الموجهة‭ ‬للشركات‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمكافحة‭ ‬التضخم‭ ‬المالي‭ ‬فيرى‭ ‬المختصون‭ ‬ان‭ ‬اهم‭ ‬خطوة‭ ‬هي‭ ‬ضرورة‭ ‬الاسراع‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬سياسة‭ ‬طاقية‭ ‬ناجعة‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬المالي‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬الحالي‭ ‬بلغ‭ ‬خلال‭ ‬السداسي‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬قرابة‭ ‬8‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬منها‭ ‬5,8‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬عجز‭ ‬طاقي‭ ‬حسب‭ ‬الارقام‭ ‬الصادرة‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬يتطلب‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والبنك‭ ‬المركزي‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬النزيف‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رغم ضعف النمو الاقتصادي : القطاع البنكي يحقق نتيجة صافية ناهزت 1500مليون دينار موفى  2023

بلغت النتيجة الصافية للقطاع البنكي 1500مليون دينار موفى سنة 2023 مسجلة زيادة بـ26% اي 314 …