2024-08-01

في زيارة وزير الداخلية إلى الجزائر : تطوير مستويات التنسيق الأمني لحماية الحدود وتنشيطها

تعيش المنطقة العربية ومنطقة المغرب العربي على وقع تحديات أمنية واقتصادية كبرى تستوجب حسب ملاحظين تطوير مستويات التنسيق بين دول المنطقة على مستوى تأمين الحدود والتصدي لمختلف مظاهر الجريمة المنظمة والتهريب والإرهاب والهجرة غير النظامية وغيرها من المظاهر الإجرامية العابرة للقارات.

ويعد تدعيم مستويات التنسيق بين تونس والجزائر في السنوات الأخيرة من أبرز ملامح العلاقات بين البلدين والذي تعزز من خلال إبرام اتفاقات أمنية على غاية من الأهمية خاصة في ظل التهديدات المتواترة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا وعلى إثر التوترات الإقليمية والدولية الأخيرة.

وبفضل التناغم الذي تعرفه قيادتا البلدين الجارين فقد تم العمل على ترجمته إلى تقارب في وجهات النظر للبحث عن حلول مشتركة للملفات التي تجمع البلدين على أكثر من صعيد بما في ذلك البعد الأمني والاقتصادي والتجاري.

كما أسفرت الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين في الآونة الأخيرة عن توقيع عدد من الاتفاقيات و تخص بعضها مشاريع تنموية لتطوير المناطق الحدودية التي تفصل البلدين إلى جانب توقيع اتفاقيات أمنية جديدة تهدف  إلى مزيد تأمين الحدود من أي مخاطر أو تهديدات تستهدف ضرب الاستقرار للبلدين.

ومن هذا المنطلق تأتي الزيارة التي يؤديها وزير الداخلية خالد النوري إلى الجزائر بعد أيام من زيارة رئيس البرلمان الجزائري إلى تونس وتندرج هذه الزيارة في إطار تدارس وضع التعاون الأمني بين وزارتي داخليتي البلدين وتباحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك لاسيما ملفات التصدّي للإرهاب والجريمة المنظمة والشبكات الضالعة في ترويج المخدرات، والهجرة غير النظامية وأمن الحدود باعتبار التطورات التي تشهدها المنطقة.

كما تمّ التطرّق إلى جملة من المسائل المتعلّقة بتسهيل حركة الاشخاص بين البلدين على مستوى المعابر الحدودية، إلى جانب بحث سبل وضع أطر للتعاون في مجال شرطة الحدود، إلى جانب محور تنمية المناطق الحدودية حيث جدّد الطرفان عزمهما للارتقاء بعلاقتهما في هذه المجالات وعقد اجتماعات فرق العمل المشتركة المعنية بمجمل هذه المجالات في أقرب الآجال.

ولعل بعض الملاحظين يعتبرون أن هذا اللقاء يعد تتويجا لاجتماعات أمنية بين الجزائر وتونس انعقدت في مستهل السنة الجارية، كان عنوانها الرئيسي هو مكافحة الهجرة غير النظامية، والتصدي لجرائم التهريب، تزامنا مع انعقاد الدورة الأولى لـ«اللجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية-التونسية»، التي تم إطلاقها في أكتوبر الماضي.

وقد توافقت الدولتان خلال هذه الاجتماعات على مسار يتضمن الارتقاء بوتيرة التعاون الثنائي، ومعالجة المخاطر التي تعيق تنفيذ المشروعات المرتبطة بتنمية المناطق الحدودية، ومواجهة الجريمة المنظمة، خاصةً التي تتعلق بعمليات تهريب الوقود الجزائري عبر المنافذ الحدودية إلى تونس، بالإضافة إلى تحسين ظروف استقبال المسافرين في المعابر الحدودية المشتركة بينهما.

جاء توقيع تونس والجزائر، خلال هذه الاجتماعات، على مذكرة تتضمن « ورقة الطريق» لتنمية المناطق الحدودية، فضلا عن توسيع التعاون الأمني المشترك، في ضوء عددٍ من المتغيرات الضاغطة التي تتمثل في التهديدات الإرهابية التي تعرفها المنطقة إلى جانب التهريب عبر الحدود وتصاعد التوترات الإقليمية والدولية والتي قد تكون لها تداعيات على المنطقة.

كما تعكس  هذه الاجتماعات الأمنية الأخيرة حرص الدولتين على وضع استراتيجية مشتركة لمواجهة المخاطر الكبرى، وخاصة عمليات الهجرة غير النظامية، إذ تسببت  حالة السيولة الأمنية في دول غرب أفريقيا، وتفاقم الأوضاع الأمنية والاجتماعية التي تشهدها دول الساحل، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة بعد الانقلابات العسكرية  في عدد من الدول الإفريقية  في تصاعد عمليات الهجرة غير النظامية من هذه الدول إلى تونس والجزائر باعتبارهما نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يسعون لعبور البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا. وهنا، يمكن فهم مساعي الجزائر وتونس لوضع هذه الاستراتيجية وتحويلها إلى خطوات إجرائية على أرض الواقع.

وفي إطار زيارته الى الجزائر ولقائه بوزير الداخلية الجزائري أشاد وزير الداخلية خالد النوري بالعلاقات « التاريخية والأخوية» التي تجمع البلدين، مبرزا “وجود العديد من المسائل الأمنية والملفات التي تهم البلدين كمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية “.

وكان وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، قد أكد خلال لقائه وزير الداخلية، أن العمل المشترك بين بلاده وتونس متواصل بهدف مواجهة مختلف التحديات لاسيما على مستوى اللجان المشتركة التي تم استحداثها مؤخرا وذلك بغرض “مواجهة مختلف التحديات كالهجرة غير النظامية وشبكات تهريب المخدرات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

صدور الأمر الرئاسي  المنظم للمجلس الأعلى للتربية : من مطلب مجتمعي إلى مؤسسة مرجعية لتطوير السياسات التعليمية..

يمثل المجلس الأعلى للتربية والتعليم مطلبا لعديد الهياكل المتداخلة في الشأن التربوي التي تس…