2024-07-31

إلى «المساعدين» في الوظيفة التنفيذية.. إنذار أخير من رئيس الجمهورية..!

مرة أخرى يلتقي رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس الحكومة أحمد الحشاني في قصر الحكومة بالقصبة ويضع أمامه النقاط على الحروف كما يقال، منبّها إلى ضرورة أن يعي أعضاء الحكومة أن وظيفتهم مساعدته في الوظيفة التنفيذية، وهو ما يعني إقرارا بعدم  الالتزام بدورهم على الوجه الأكمل وهو ما يرجح أيضا فرضية تحوير الفريق الحكومي كليا أو جزئيا قبل الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها يوم 6 اكتوبر القادم أو بعدها مباشرة.

ليس ذلك فحسب قال رئيس الجمهورية لساكن القصبة أول أمس الاثنين “هناك جيوب ردّة داخل الإدارة زمنها انتهى فضلا عن ارتمائها في أحضان اللوبيات”، و لدى زيارته غير المعلنة إلى ولاية المهدية كذلك شدّد على ضرورة تحمل المسؤولين لواجباتهم للاستجابة إلى المطالب المشروعة للمواطنين.

إن هذه الصرامة في موقف رئيس الجمهورية لها ما يبرّرها، فالوضع الاجتماعي أصبح لا يُطاق وهذه حقيقة وقف عليها رئيس الجمهورية نفسه في العاصمة، في حي الخضراء على سبيل المثال، وفي عاصمة الجنوب صفاقس، في العامرة وجبنيانة، حيث خدمات المرافق العمومية المتصلة بالأمن والصحة والنقل وخصوصا الماء والكهرباء لم تعد تليق بالتونسيين ولم يعد هناك ما يبرّر سوء هذه الخدمات التي كان يتمتع بها الجميع في أحلك الظروف والمراحل التي رافقت ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة وبعدها.

ثانيا، تعود الصرامة الى التفاعل البطيء للحكومة وللمسؤولين في الدولة وفي الإدارة الذين توجه اليهم ساكن قرطاج في أكثر من مناسبة من أجل تحفيزهم وتحذيرهم بل وتشجيعهم على تحمل المسؤولية والجرأة في اتخاذ المواقف خدمة للمواطن وقطعا للطريق أمام “المناوئين” و”غير الصادقين”، وهذا لم يرتق  إلى انتظاراته ولم يتحقق في تقديره الشخصي لذلك ينتفض أمامهم اليوم ويوجّه لهم هذا التحذير الأخير.

ثالثا، لا يمكن القفز على المعطى الموضوعي الأبرز، وهو أننا في زمن انتخابي، وأن السباق إلى قرطاج بدأ يتسارع، وأصبح كل مترشح للانتخابات الرئاسية وحتى من غير المعنيين بالموضوع، حريص على تسجيل النقاط وإبراز سلبيات الآخرين، وطبيعي جدا أن يحدث هذا بمناسبة الانتخابات التي يفتقر فيها كثيرون للبرامج الجادة فيركّزون على نقد غيرهم ويبنون الحملات على أساس ذلك، وهو ما تفطن إليه رئيس الجمهورية وجعله يقول “أن الحملات الانتخابية للبعض هي حملات إجرامية لضرب الدولة والسلم الأهلي بها”، مستغربا في هذا الإطار انقطاع الماء والكهرباء مع انطلاق الحملات الانتخابية..!

والثّابت أن رئيس الجمهورية بحكم موقعه على رأس الدولة وإشرافه على المؤسسات الأمنية والعسكرية واطلاعه بشكل منتظم على ما يكفي من التقارير الأمنية والاستخباراتية، فهو يتكلم من موقع العارف بالأمور رغم كونه لا يسمي الأشياء أحيانا بأسمائها بحكم واجب التحفظ، وهذا ما يجعله حازما في مخاطبة فريقه في الوظيفة التنفيذية، وتبرئة الذمّة من تقصيره، ومطالبته بتحمل المسؤولية وهو ما يرجّح تدخلا جراحيا في القريب العاجل يجب ان يوضع بموجبه الرجل المناسب في المكان المناسب كما يقال، فالتعيينات المتواترة لم تؤت أكلها، وهناك شغورات كثيرة في مفاصل الدولة في مستوى الفريق الحكومي والولاة والمعتمدين والعمد والرؤساء المديرين العامين وغيرهم وهذا من شأنه ان يؤثر في أداء الإدارة ويفتح باب الكسل والتواكل – على غرار المسؤولين الذين ذكرهم رئيس الجمهورية وكانوا يسبحون في النزل بدل الانكباب على القيام بوظيفتهم وتلبية انتظارات المواطنين-  أو المغامرة أو التنصل من المسؤولية وفي جميع هذه الحالات فإن الخاسر الأكبر هو الشعب التونسي ومن يريد أن يكسب شرعية هذا الشعب.

إن رئيس الجمهورية يريد تحريك المياه الراكدة في الوظيفة التنفيذية ويريد أن يتكامل دور القصبة وقرطاج، بعبارة أخرى، يريد تفعيل الحكم على أبواب نهاية ولاية رئاسية واستعدادا لولاية رئاسية جديدة تضاعفت بشأنها التحديات الداخلية والخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟

أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…