«الحشرة القرمزية» خطر جاثم و«ذبابة الزيتون» خطر داهم : فلاحتنا مسؤولية وطنية مشتركة
كشف المرصد الوطني للفلاحة مؤخرا أن صادرات الفلاحة البيولوجية التونسية سجلت تقدّما ملحوظا خلال النصف الأول من سنة 2024، وتعززت صادراتنا من زيت الزيتون العضوي والتمور ومنتجات الغابات الى عدد من الدول هي بالترتيب ايطاليا ثم اسبانيا وفرنسا ودول صديقة أخرى.
ويقول المرصد أن صادرات زيت الزيتون لوحدها ارتفعت بنسبة تجاوزت 80 % هذا العام وان جودة هذا المنتوج التونسي تكاد تكون مثالية.
في نفس السياق الايجابي، ورغم نقص الأمطار، ورغم ان الجفاف استهدف أكثر من 70 % من المساحات المزروعة، أفادت تقديرات الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن محصول جني الحبوب هذا العام كان أفضل من السنة الماضية كذلك لكنه لا يحقّق للأسف الاكتفاء الذاتي.
هذه النقاط الايجابية وغيرها والتي تحقّقت رغم الأوضاع الصعبة التي يكابدها الفلاحون تحت وطأة أزمة وطنية وعالمية للقطاع الفلاحي، لا تحجب بطبيعة الحال جملة من السلبيات ومن المصاعب التي يتوجب التوقف عندها والسرعة في التفاعل معها بطريقة تسمح بوقف النزيف في مرحلة أولى، وتحقيق نقلة نوعية في الفلاحة التونسية في مرحلة ثانية.
ولسنا بحاجة هنا للتذكير مرة أخرى بأن الفلاحة هي الحل، وبأن بلادنا لها من مقوّمات النهوض الفلاحي وسبل تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي الكثير، لكن هذا يتطلب تظافر الجهود وصياغة استراتيجية وطنية في الغرض تأخذ بعين الاعتبار نقاط القوة وفي نفس الوقت الاكراهات العديدة البيئية منها والسياسية باعتبار أننا نعيش تحت وطأة أزمة مناخية جاثمة، زادها التلوث في العالم تعقيدا وزادتها خيارات الدول النافذة صعوبة وتحكما في مصائر الشعوب والدول وأصبح الغذاء يخضع للمقايضة والابتزاز.
وما يجعلنا اليوم نطلق صفارات الانذار وجود خطر داهم يهدّد فلاحتنا وقدراتنا الذاتية، فبعد «الحشرة القرمزية» التي ضربت صابة التين الشوكي (الهندي)، ها هي «ذبابة الزيتون» تحاصر حقولنا وتنذر بكارثة.
لقد دمرت «الحشرة القرمزية» مساحات واسعة من مزارع التين الشوكي في جهة المهدية والقيروان والمنستير وسوسة ونابل ويبدو ان الآفة انتقلت الآن الى الغابات وبدأت في استهداف أشجار بعينها مثل شجر الكالاتوس.
ولا يقل خطر «ذبابة الزيتون» التي تفيد الدراسات العلمية انها قادرة على تدمير المحاصيل بشكل تام وهو ما يعني اننا امام كارثة وطنية – لا قدر الله – اذا لم نعلن حالة الطوارئ الفلاحية ان جاز القول ونباشر الحرب على هذه الآفات وفق رؤية واضحة.
ان الدولة هي المسؤولة بالدرجة الأولى لذلك يُنتظر من وزارة الفلاحة بالتنسيق مع بقية الوزارات والهياكل الحكومية تخصيص الاعتمادات وصياغة خطط التدخل وفق جدول زمني يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منتوج فلاحي على حدة فالفترة الحالية مثلا دقيقة في حياة شجرة الزيتون على سبيل المثال.
وعندما نقول تخصيص الاعتمادات الضرورية نعي جيدا ان الامر يتعلق بجانب من جوانب الامن القومي، ولا نخال ان المجموعة الوطنية تتردد في تقديم التضحيات اذا كانت تضحيات عادلة وموزعة على الجميع حيث نعلم جيدا ان الفلاحين وهم الفئة الاولى المستهدفة من الآفة وخط الدفاع الأول أمامها، ليس بمقدورهم لوحدهم انقاذ الفلاحة رغم نيتهم الطيبة، فقد تتالت عليهم السنوات العجاف وأثّر فيهم الجفاف واهترأت جيوبهم بفعل غلاء أسعار الأدوية والريّ وأعمال الحرث والحصاد وغيرها من أوجه النشاط الفلاحي غير انه بإمكان هياكلهم المهنية ونقصد بالأساس الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري ونقابة الفلاحين، المشاركة مع سلطة الاشراف في صياغة الاستراتيجية الوطنية والسهر على تنفيذها بروح وطنية جامعة.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…