تفكيك شبكة مختصة في التّسول: ظاهرة تتفاقم … أيّ حلول ممكنة ؟
تشهد ظاهرة التسول اليوم تفاقما كبيرا لاسيما في صفوف الأطفال وكبار السن ممن يحتاجون إلى تدخلات عاجلة من الدولة لانتشالهم من تحت براثن الفقر والخصاصة أو إنقاذهم من عصابات الاتجار بالبشر التي تجرّهم جرّا إلى الشوارع من اجل تحقيق غاياتها الربحية.
ورغم النجاحات المتكررة لوحدات الإدارة المركزية لمكافحــة جرائم الإتجار بالأشخاص بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطنــي التي تمكنت مؤخرا ببن عروس من تفكيك شبكة مُختصة في التسوّل تنشط بالعاصمــة ورغم وجود العديد من البرامج للنهوض بأوضاع الأشخاص من ذوي الإمكانيات المحدودة الا ان ذلك لم يمنع من مزيد انتشار هذه الظاهرة التي تعكس في حقيقة الأمر مدى اتساع رقعة الفقر في بلادنا وانتشار طرق التحيل عبر استغلال الأطفال.
ولئن أكد العديد من الباحثين بأن ظاهرة التسول ظاهرة قديمة الا انها ظلت إلى اليوم تتطور وتأخذ أشكالا جديدة ومن آخر هذه الأشكال انها أصبحت تجارة مربحة يعتمد خلالها القائم بالفعل على الكثير من الأساليب للإقناع حيث تفيد في هذا الصدد دراسة حديثة أعدتها الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام أنّ 4 آلاف متسوّل بينهم قرابة 600 طفل، يتوزّعون على تونس الكبرى (ولايات تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس) وأنّ 60 بالمائة منهم من النساء مرفوقات عادة بأطفال، مبينة أنّ المدخول اليومي للفرد الواحد منهم يقدّر بين 20 و30 دينارا وبعضهم يصل دخله اليومي إلى 70 دينارا، وفق ما بيّنه المسح التقديري.
كما أظهرت الدراسة أن التسول أصبح منظما في شبكات وان 15 بالمائة منهم أكدوا أنّ الفقر هو من دفعهم للتسوّل.وخلصت الدراسة كذلك إلى أن عدد الأطفال المرافقين لـاالمتسولينب يتراوح بين 500 وألف طفل، وأن المساجد والمساحات التجارية والبنوك ومراكز البريد والمحاكم والصيدليات وتقاطعات الطرقات تعد أكثر الفضاءات التي تفضلها هذه الشريحة .
وتعكس ظاهرة التسول في تونس التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، لذلك يرى خبراء انه من الضروري أن تتخذ الدولة خطوات جادة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، بما في ذلك الفقر والبطالة وغياب الأمان الاجتماعي، لضمان حياة كريمة لجميع المواطنين.
ويشير الخبراء إلى أن التحديات الاقتصادية كانت دافعا اساسيا ساهم بشكل كبير في انتشار هذه الظاهرة واستفحالها في مختلف المناطق وخاصة في العاصمة والمدن الكبرى اين أصبح الأفراد يلجؤون إلى وسائل بسيطة لتأمين حياتهم اليومية لذلك يؤكد العديد من الخبراء انه من بين اهم التدابير التي يمكن اتخاذها للتصدي للتسول ضرورة توفير فرص العمل والتدريب المهني للشباب في مختلف المناطق بالإضافة إلى تقديم دعم مالي للأسر المحتاجة خاصة وأن هذه الظاهرة فيها استغلال مهول للأطفال وهو من المسائل الخطيرة التي تهدد مصلحة الطفل الفضلى التي تتطلب جهودا مشتركة لمكافحتها، لحماية حقوق الطفل ومعاقبة المتورطين في هذا النوع من الاستغلال.
وبلغة الأرقام كشفت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن عن 1758 إشعار عن أطفال مشردين ومهملين في الشوارع عام 2022، إلى جانب تلقي مندوبي الطفولة 500 إشعار حول استغلال الأطفال اقتصادياً. معلنا سابقاً وفي إطار مجهوداتها للحد من هذه المعضلة المجتمعية التي باتت تستهدف الأطفال والفتيات تحديدا عن إطلاق خطة جديدة للتعهد بأطفال الشوارع، بالتعاون مع منظمات مدنية تهدف إلى إعادة دمج هؤلاء في مراكز رعاية متخصصة أو لدى أسر كافلة لهم. وتهدف الخطة إلى تخصيص أماكن تستقبل أطفال الشوارع نهاراً، وذلك باعتمادات بقيمة 480 ألف و770 دولار وبطاقة استيعاب في حدود 150 طفل يومياً.كذلك ستتيح هذه الخطة خدمات الاستقبال والإنصات والتوجيه وخدمات الإعاشة النهارية، وتأمين الرعاية المؤقتة لأطفال الشوارع، إضافة إلى المتابعة الصحية والرعاية النفسية.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…