لاشك أن القضية الفلسطينية تتبوّأ مكانة مركزية في تونس والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني يتخذ أشكالا مختلفة متّسقة مع السياقات والأحداث.
ومناسبة هذا القول هو اللقاء الذي جمع كلاّ من السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس النواب والسيد إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الجزائري والذي تم التطرق فيه الى الكثير من المسائل ذات الاهتمام المشترك. والذي يندرج في إطار سنّة التشاور والتعاون بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين والتي هي أنموذج دال على مستويات التنسيق والتضامن بين تونس والجزائر.
ومعلوم ان العلاقات بين البلدين بلغت مستوى متميزا سواء في ما يتعلق بالمصالح المشتركة او التنسيق في المواقف في القضايا الدولية الراهنة.
وقد تجلى التفاهم والانسجام بين البلدين في انعقاد الدورة الثانية والعشرين للجنة المشتركة التي احتضنتها الجزائر في العام الماضي. وكانت عنوانا دالاّ على التميز الذي يسم العلاقة البينية.
ويجدر التذكير هنا انه تم التوقيع على حوالي 62 اتفاقية بين تونس والجزائر في مجالات اقتصادية متعددة وذلك لدى انعقاد الدورة الأخيرة للجنة المشتركة.
ومن بين المسائل التي كان هناك تماه في مواقف البلدين بشأنها هي قطعا القضية الفلسطينية. وإذا اردنا التدقيق فإننا نعني حرب الإبادة الدائرة في غزة والتي يشنها الكيان الغاصب منذ حوالي عشرة أشهر.
والواضح ان تونس والجزائر هما قلب المغرب العربي الكبير تاريخيا تسيران في الاتجاه نفسه بشأنه القضية الأم للعرب وبخصوص كذلك القيام بإصلاحات سياسية عميقة على المستوى الداخلي.
ولعل دعوة البرلمانين التونسي والجزائري وعلى هامش لقاء رئيسي المؤسستين التشريعيتين إلى الإسراع بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية الى قطاع غزة المحاصر هي تأكيد على مبدئية الموقف ووضوح الرؤية. بالإضافة الى التأكيد على ضرورة مساءلة الكيان الغاصب على كل الجرائم الوحشية التي ارتكبها ضد الأشقاء الفلسطينيين وفرض احترام القانون الدولي والشرعية الدولية.
تماما كما ندّد كل من البرلمانين التونسي والجزائري بأقصى عبارات التنديد بالممارسات الوحشية التي يرتكبها الكيان الغاشم في قطاع غزة.
و إذا كان هذا الموقف المشرّف والواضح بشأن القضية الفلسطينية فإنه لا ضير هنا ان نذكر أيضا وفي سياق آخر بأن كلاّ من البلدين الشقيقين على موعد قريبا مع استحقاق انتخابي مهم ومصيري فكل من الشعب التونسي ونظيره الجزائري على موعد مع انتخابات رئاسية مفصلية قاب قوسين او أدنى. نقول هذا مع مراعاة خصوصيات كل بلد وكل مسار سياسي باعتبار ان تونس عاشت مخاضا سياسيا كبيرا منذ عقد ونصف تقريبا ومرت بما يمكن ان نسميه مسارا انتقاليا متعثرا في حين كانت للأشقاء في الجزائر تجربة مغايرة عبر مرورهم بسلام ممّا سمّي بالربيع العربي وقاد حراكهم السلمي الى اصلاح جذري من داخل النظام ذاته.
وبعيدا عن خصوصية كل بلد أيضا يبدو الرهان كبيرا في هذه المرحلة على إنجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلدين لتكون منطلقا لمرحلة جديدة تعزيزا للديمقراطية حتى تكون رافدا من روافد تطوير العلاقات والمضي بها نحو آفاق جديدة من التعاون في مجالات الاستثمار والشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري. وكذلك لتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين من أجل مجابهة التحديات المطروحة إقليميا ودوليا.
وفي السياق ذاته يتم الاشتغال على دعم التعاون وتعزيزه في كافة المجالات . فمما لاشك فيه أن المتغيرات التي تعصف بمنطقتنا تحتّم في هذه الظرفية الراهنة ان تتوحد المواقف والرؤى وتتطابق بين البلدين خدمة لمصلحة الشعبين التونسي والجزائري.
ويبرز هذا التطابق في أكثر من ملف من بينها الملف الليبي الذي يكتسي أهمية بالغة بالنسبة الى البلدين بالنظر الى علاقات الجوار والتنسيق الذي اتضح في اكثر من مناسبة ونقطة الارتكاز التي يتفق عليها الطرفان هي عدم التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي الليبي وينبغي ان يكون هذا الامر متروكا للفرقاء الليبيين. ولا ننسى هنا ان هناك اطارا تشاوريا بين البلدان الثلاثة وكانت تونس هي المبادرة بهذا الطرح.
وفي سياق متصل يبدو التناغم كبيرا بين قيادة البلدين بشأن القضايا الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بالإضافة الى التعاطف الشعبي اللامتناهي.
اتّساقا مع الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية : المضيّ بخطى ثابتة نحو أفق جديد
على الجميع ان يحثّ الخطى في الاتجاه الذي رسمه الشعب لبناء تاريخ جديد … هذه الجملة هي…