هذا ما قرره القضاء في قضية قتل رئيس فرع منظمة العفو الدولية
نظرت مؤخرا هيئة الدائرة الجنائية المختصة في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملف قتل رئيس فرع منظمة العفو الدولية بتونس سحنون الجوهري والذي كان توفي يوم 26 جانفي 1995 على خلفية اتهامه بمحاولة قلب نظام حكم بن علي.
وشملت الابحاث في الملف المنسوب اليهم الانتهاك وهم كل من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ووزير الداخلية حينها عبد الله القلال وبعض القيادات الأمنية من بينهم علي بن عيسى ومحمد علي الرفرافي والتومي الصغير المرغني والهادي الزيتوني (المشرف على سجن المهدية) ومراد الحناشي وعمر الحبيبي (الذي تبين أنه توفي أيضا) وعبد الجليل الدوقش وحليم بوشوش.
و قد قررت الدائرة تأجيل المحاكمة لجلسة نوفمبر المقبل لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة.
حيثيات القضية..
وتتمثل وقائع القضية حسب ما تلاه رئيس الدائرة في أول جلسة للقضية التي واكبتها «الصحافة اليوم» في أن الشهيد سحنون الجوهري كان تخرج من مدرسة ترشيح المعلمين بالمرسى سنة 1971 وقد باشر التدريس لاحقا وانخرط في العمل السياسي، وقد صدر في شأنه حكما قضائيا بالسجن على خلفية نشاطه السياسي فاضطر للهجرة الى فرنسا وهناك انخرط في منظمة العفو الدولية فرع فرنسا وكان ذلك سنة 1982 ومكث هناك 3 سنوات.
وخلال سنة 1985 عاد الى تونس لما شعر بنوع من الانفراج في الوضع السياسي فانخرط حينها صلب الرابطة التونسية لحقوق الانسان فرع السيجومي وفي سنة 1987 تعرض لبعض المضايقات في إطار نشاطه السياسي حيث حوكم غيابيا من قبل محكمة أمن الدولة بالأشغال الشاقة مدة 10 أعوام من اجل جريمة الاعتداء المقصود به تكوين هيئة ضد الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح والتحريض على القتل وربط الصلة بدولة أجنبية ومحاربة القوة العامة وجمع الأسلحة والانتماء لجمعية غير مرخص فيها ما جعله يضطر للتخفي عن الانظار.
وفي سنة 1989 وبعد الحقبة الجديدة التي شهدتها البلاد فقد جعله ذلك يظهر من جديد، لكن سرعان ما وقعت الانتكاسة ووقع التضييق مجددا على المعارضين السياسيين وخلال حملة امنية استهدفت نشطاء حركة الاتجاه الإسلامي بجهة صفاقس وقع ذكر اسم الشهيد سحنون الجوهري، وهو ما كان موجبا لإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن بتاريخ 13 أفريل 1991 وأحيل على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكما بإدانته ويقضي بسجنه لمدة 15 سنة مع خمسة أعوام مراقبة إدارية، كما حوكم أيضا في قضية أخرى تتعلق بالانتماء الى جمعية غير مرخص فيها وتعاطي نشاط دون رخصة بالسجن لمدة سنة.
رحلته في السجون
وعن السجون التي تردد عليها الضحية فإنه أودع في البداية سجن 9 أفريل ثم تم نقله الى سجن برج الرومي ثم سجن الناظور ببنزرت ثم سجن القصرين ثم وقع لاحقا ارجاعه الى سجن 9 أفريل ليتم بعدها نقله الى سجن المهدية ومنه أعيد الى سجن 9 افريل.
وعن الظروف السجنية التي كان مودعا بها فانه حسب الأبحاث المجراة لم تكن ملائمة ولا تفي بالحقوق التي يكفلها القانون للسجين، فضلا عن أنه كان يطلق على الشهيد سحنون اسم “سجين صبغة خاصة” وهذه التسمية يعني ان يقع معاملته بخلاف معاملة بقية المساجين.
وقد تعرض الضحية خلال تواجده بالسجون إلى التعذيب الجسدي والنفسي و”التعرية” والتجويع والى السّجن الانفرادي، ولعل أهم ما تعرض له وكان ربما سببا في مأساته التي انتهت بها حياته، الإهمال الطبي والصحي الذي تعرض له وهو في السجن، حيث كان يشكو آلاما على مستوى البطن وتحديدا على مستوى جنبه الأيسر وظهرت عليه علامات بارزة حيث بينت أنه مصاب بمرض خبيث..
ورغم طلبه من المشرفين عن الوحدات السجنية التي مر عليها لنقله للمستشفى لتشخيص حالته ومنحه العلاج المناسب الا انه لم يلق الآذان الصاغية، وقد كان تتم معالجته ببعض المسكنات رغم ان حالته الصحية ظاهرة للعيان، خاصة وأنه أصيب بحالة هزال شديد جدا في الأيام الأخيرة من حياته، حيث أن الصورة التي كان عليها تثبت أنه كان بمثابة هيكل عظمي.
ورغم ذلك فإن أطباء السجن لم يعيروه أي اهتمام حتى بعد تدهور حالته الصحية التي صار ميؤوسا منها، فقد تم نقله الى سجن 9 أفريل وكان يأمل في أن يقع نقله للمستشفى على جناح السرعة الا أنه يلاقي مرة أخرى نفس الإهمال الى حين تاريخ 17 جانفي 1995 حيث تقيأ يومها كميات من الدماء.. ورغم مطالبة السجناء الذين معه بنجدته وإسعافه إلا أنه لم يقع التدخل سوى بعد مضي أكثر من ساعة ونصف ليلفظ انفاسه الأخيرة بتاريخ 26 جانفي من نفس السنة.
مستشار مقرر عام سابق بنزاعات الدولة امام الدائرة الجنائية
مثل امام انظار هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفساد المالي ،مستشار مقرر …