2024-07-26

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج يُقدّر بأكثر من مليون و800 ألف تونسي مقيم بطريقة نظامية في المهجر، أي ما يمثل ٪15 من مجموع السكان في تونس، ويوجد أغلبهم في أوروبا، دون أن ننسى بضعة آلاف آخرين يقيمون بطرق غير نظامية هنا وهناك بحكم أنهم هاجروا عن طريق «الحرقة» أو استوفوا شروط الاقامة القانونية في الدول المضيفة وفضّلوا عدم العودة.

وتدرك جميع الأطراف بما في ذلك أفراد جاليتنا بالخارج أن دور الجالية حيوي وضروري بل هو اليوم أحد الحلول الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والسلم الاجتماعي والاشعاع الدولي مثلما جاء على لسان وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار مطلع الأسبوع الجاري.

وقد حان الوقت لتجديد مقاربة التعامل مع التونسيين في الخارج ولا يمكن ان يكون ذلك منّة لسببين أولهما أننا نتحدث عن مواطنين كاملي الحقوق والواجبات، وثانيا نحن إزاء مواطنين شاءت الأقدار أن يصبحوا في مواقع تسمح لهم بمدّ يد المساعدة لوطنهم في العديد من المستويات.

في المستوى الاجتماعي، لا يحتاج الأمر الى اجتهاد كبير للوقوف على حقيقة ان الأغلبية الساحقة من العائلات التونسية لها من يساعدها وفي بعض الحالات يتكفّل بكل شؤونها من الخارج، بل ان بعض القرى في الشمال والجنوب مشهورة بكثرة أبنائها المتواجدين في الخارج والذين لا يقصّرون في تغيير حياة عائلاتهم نحو الأفضل وتحسين مقدرتهم الشرائية، وهذا عنصر جميل وضروري للسلم الاجتماعي والعيش الكريم.

ونحن عندما نتحدث عن التونسيين في الخارج فإننا لا نتحدث فقط عن الطلبة والعمال وبعض التجار والمستثمرين الصغار وانما نتحدث عن النخب وعن الأدمغة والخبرات التي تشرّف البلاد وحسنا فعلت وزارة الخارجية باختيارها وضع استراتيجية لتجميع الكفاءات التونسية بالخارج وربط علاقات معهم ليكونوا قوة دافعة لتحقيق التنمية الاقتصادية وضمان اشعاع تونس في مختلف دول العالم.

اقتصاديا، لا نضيف شيئا إلى ما قالته المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات ناجية الغربي مطلع هذا الأسبوع أيضا، فهي كشفت أن تحويلات التونسيين في الخارج من العملة الصعبة مهمة جدا وتجاوزت في بعض الأحيان مداخيل السياحة، وسبق أن أكد محافظ البنك المركزي بنفسه أن تحويلات الجالية تساهم في دعم مدخرات البلاد من النقد الأجنبي. هذا وتظل حقبة انتشار جائحة كورونا في السنوات القليلة الماضية أفضل مثال على أهمية تحويلات التونسيين بالخارج.

إنّنا عندما نتحدث عن زهاء مليوني تونسي في الخارج، في أوروبا وآسيا وافريقيا وأمريكا، فإننا نتحدّث عن سفراء أجل عن سفراء لتونس يمثلونها أحسن تمثيل ويدافعون عنها وعن مواقفها الانسانية وفي مقدمتها الموقف من حق الشعب الفلسطيني،إننا نتحدث كذلك عن كفاءات وخبرات وعن مستثمرين وعن أبناء بلد لا نخال انهم سيتأخرون ويبخلون على تونس بشيء، وبمقدورهم لو حصل معهم التواصل والانفتاح والتحفيز ـ السياسي والقانوني والاقتصادي والاجتماعي بطبيعة الحال ـ أن يسارعوا بالاستثمار في ربوعنا سواء بمبادرات خاصة بهم أو بالشراكة مع مستثمرين من الدول التي يقيمون فيها من الذين يكتشفون مناخا ملائما لانتاج الثروة خارج حدود أوطانهم.

إنّ هذه المقاربة في التعامل مع جاليتنا بالخارج ممكنة وهي ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل حلحلة الأوضاع نحو الأفضل وخلق أسس صلبة لبناء تونس الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!

تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…