تونس تحيي ذكرى عيد الجمهورية السابعة والستين: تاريخ مثقل بالرموز والمعاني..!
إن أبرز مقومات الانتماء هو الاعتزاز بالمحطات التاريخية المهمة لكل شعب والتوقف طويلا عند لحظات مفصلية صنعت مجد كل أمة. وربما لهذه الاعتبارات تولي كل الشعوب والأمم اهتماما كبيرا بالتاريخ الذي كما قال الكبير عبد الرحمان بن خلدون في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتحقيق.
وربما لهذا كانت رهانات المستعمر في كل البلدان هي طمس معالم الهوية التي يعد التاريخ احد ابرز مرتكزاتها.
وهنا لا ضير أن نستلهم من هذه الحكمة الخالدة ونحن نحيي ذكرى اعلان الجمهورية باعتباره عيدا وطنيا جامعا لكل التونسيين ويندرج في سياق المشترك التاريخي والثقافي والحضاري لهذا الشعب.
والحقيقة أن إعلان الجمهورية الذي كان حدثا مهما بالنسبة إلى بناة دولة الاستقلال قد عرف نوعا من التشكيك بل وعدم الاكتراث من قبل الذين حكموا بعد 14 جانفي 2011 حتى بات تاريخ تونس من قبيل المختلف عليه وكل ذلك لأسباب إيديولوجية أضرّت كثيرا بحالة الانصهار التي عرف بها المجتمع التونسي على امتداد تاريخه الممتد منذ قرطاج الى اليوم.
إذن تحيي تونس اليوم ذكرى إعلان الجمهورية ذات الحدث الذي جدّ في صيف 1957 يوم 25 جويلية بالتحديد. وقد تم ذلك في رحاب المجلس القومي التأسيسي الذي اقر أعضاؤه بالإجماع إلغاء الملكية. وذلك بعد حوالي سنة وبضعة اشهر من اعلان الاستقلال يوم 20 مارس 1956.
ومنذ ذلك التاريخ الى اليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسر كما يقال وتغيرت معطيات كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية في تونس بل تغير التونسيون انفسهم من مرحلة بناء الدولة الوطنية مع الرئيس المؤسس الحبيب بورقيبة في الفترة الأولى لحكمه ثم مع الهزات التي عرفتها البلاد في أواخر عهد الزعيم بالسلطة. الى ما عرف بعهد «التغيير» الذي دشنه الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بانقلاب طبي ناعم جعل الزعيم يغادر السلطة الى عزلة اجبارية ليتولى السلطة وتعرف البلاد انفراجا لم يدم طويلا ثم وصولا الى الحراك الشعبي الكبير الذي اسقط نظامه في شتاء 2011. ثم تواترت التحولات السريعة في بلادنا في سياق الانتقال الديمقراطي الذي كان بمثابة ولادة من الخاصرة انجبت ديمقراطية مشوّهة وفاسدة لم تتمكن من اشباع انتظارات التونسيين وتحقيق أحلامهم المؤجلة في العدالة والكرامة والتنمية والتوازن بين الجهات والطبقات.
بل إن هذا الانتقال كان في بعض مراحله «نكوصا» وردّة على مقومات الجمهورية وعلى رموزها وبُناتها وطرح إشكاليات كنا في غنى عنها من بينها التشكيك في التواريخ المركزية التي كنا نخالها من قبيل المشترك بين التونسيين. ولعل أبرزها تلك المحاكمات التي قامت بها هيئة العدالة والحقيقة والكرامة لبعض رموز دولة في تلك المرحلة والتشكيك في الاستقلال.
واليوم وبعد مرور 67 عاما على إعلان الجمهورية تبدو تونس مقدمة على مرحلة جديدة بعناوين جديدة فبعد ثلاث سنوات على الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها رئيس الجمهورية قيس سعيد ليلة 25 جويلية 2021 يبدو المشهد مختلفا تماما خاصة ونحن مقبلون على استحقاق انتخابي مفصلي بات قاب قوسين أو أدنى وتجري الاستعدادات الحثيثة لإنجاحه والمرور بتونس الى برّ الأمان.
فتونس اليوم تمضي نحو مسار جديد ومرحلة مختلفة تماما عن العشرية التي تلت 14 جانفي 2011. ولا أحد يستطيع ان ينكر حجم التحديات المطروحة على الفاعلين السياسيين اليوم بالنظر الى ما يحدث سواء من حولها إقليميا ودوليا او باعتبار الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تجابهها بلادنا داخليا.
اتّساقا مع الرهانات الوطنية والإقليمية والدولية : المضيّ بخطى ثابتة نحو أفق جديد
على الجميع ان يحثّ الخطى في الاتجاه الذي رسمه الشعب لبناء تاريخ جديد … هذه الجملة هي…