2024-07-25

مع ارتفاع أسعار الغلال وندرة المياه: أزمة استهلاك محليّة رغم وفرة الإنتاج وتنوعه

يقف المستهلك منذ حلول فصل الصيف على أسعار خيالية للغلال بمختلف أنواعها وهي وإن تعددت في فصل الصيف إلا أن أسعارها لا تقلّ عن الخمسة دنانير باستثناء منتوج الدلاع الذي كثرت بشأنه عديد الاحترازات بخصوص الأدوية المستعملة في إنتاجه.

فالغلال الصيفية في بلادنا أصبحت تطرح قضية حيوية في الاقتصاد الزراعي والاجتماعي  حيث تؤثر بشكل كبير على المعيش اليومي للمواطنين من جهة ومن جهة ثانية تعتمد هذه الغلال المعدة أغلبها للتصدير على كميات مهولة من مياه الري بما يدعو إلى إعادة النظر في العملية الإنتاجية .

في الوقت الذي تواجه فيه تونس زيادة ملحوظة في أسعار الغلال خلال السنوات الأخيرة ، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة للأسر ، كثرت التذمرات من غياب ردع التجار في ما يتعلق بتحديد هامش ربح منطقي مقارنة بوفرة الإنتاج ، ذلك أن الارتفاع المستمر في أسعار الغلال يؤثر سلباً على القدرة الشرائية للأسر ويزيد من حدة الفقر الغذائي .

وبالرغم من الظروف المناخية الصعبة والتقلبات المؤثرة على الإنتاج الفلاحي إلا أن واقع الأسعار المتداولة لا يمكن بأي حال أن يعكس هذا الشطط الكبير في الأسعار ، علاوة على ذلك فإن أغلب هذه المنتوجات كالدلاع والخوخ والتين والعنب يتم تصديرها للخارج تزامنا مع الموسم السياحي والاستهلاكي في تونس .

وفيما يفسر بعض الخبراء أن غلاء الأسعار مرده التضخم الاقتصادي ، فإن  الفلاح يؤكد بدوره أن عملية التوزيع والبيع في اسواق الجملة ما تزال تحتكم إلى منطق المضاربة وفرض أسعار دون سواها والغاية من ذلك الربح الوفير على حساب المقدرة الشرائية بما أن تجار الجملة والتفصيل يحققون هوامش ربح تتجاوز ما حققه الفلاح المنتج رغم نفقات ومصاريف الانتاج من أدوية وكميات كبيرة من مياه الري .

ومن المؤكد اليوم أن السياسات الحكومية في ما يتعلق بالملف الزراعي والفلاحي بشكل عام تتطلب إعادة نظر وتصويب حتى تلعب هذه التوجهات دوراً محوريا في تنظيم السوق وتأثيرها على الأسعار.

ومن هذه الحلول ، تكثيف مشاريع تحلية مياه البحر واعادة رسكلة المياه المعالجة وتعزيز الدعم للفلاح لزيادة الإنتاجية وتقليل تكاليف الإنتاج . بالإضافة إلى ذلك يتوجب تحسين إدارة الموارد المائية مع  تطوير البرامج لنجاعة استخدام المياه الزراعية وتقليل الهدر المتزايد ولِمَ لا التفكير في خطط واقعية لتنظيم التصدير خاصة بالنسبة للمنتوجات التي تتطلب انتاجيتها كميات هائلة من المياه وإعادة ضبط أسعارها في حال التصدير لتتماشى مع حقيقة تكاليف الإنتاج التي تأخذ نصيبا كبيرا من موارد مائية محلية وهي توجهات شرعت في تطبيقها عدة بلدان من أجل المحافظة على ثرواتها المائية أولا ثم تطوير مواردها المالية المتأتية من تصدير مثل هذه المنتوجات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية

تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…