الصيف فصل الحرائق أيضا : شراسة الطبيعة لا تنفي مسؤولية البشر..!
تواترت في الأيام الأخيرة التعاليق في الفضاء الافتراضي حول الحرائق وحجمها هذا العام والذي لم يشذّ في تقديرنا عن بقية الأعوام فألسنة اللّهب التهمت الكثير من الهكتارات وأتت على بعض العقارات وحتى المصانع والمحلات التجارية لأسباب كثيرة بعضها معلوم وبعضها الآخر مجهول.
في اليومين الأخيرين على سبيل المثال، نشب حريق في مصنع للكرتون بالمنطقة الصناعية بمنزل جميل من ولاية بنزرت، وهو الثاني من نوعه في نفس المصنع بعد حريق حصل في جوان الفارط، ولم يسفر الحريق لحسن الحظ عن خسائر بشرية لكنه أثّر في نسق الانتاج بما أنه أتلف بعض التجهيزات.
وفي العاصمة نجحت فرق الحماية المدنية بتونس أول أمس الاثنين في إخماد حريق اندلع في مطعم سياحي بمنطقة البحيرة والأسباب وفق المسؤولين ما تزال مجهولة ولحسن الحظ أيضا أن الحريق لم يمثّل أي خطورة على حياة الناس ولا المحلات المجاورة..
وخلال الأسبوع الماضي تمكّنت فرق الإطفاء التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بولاية توزر من السيطرة على حريق أتى على حوالي أربعة هكتارات من النخيل وتسبب في حرق كلي وجزئي للكثير منها، وللأسف فهي المرة الثانية في غضون أقل من شهر، التي تلحق فيها النيران الأذى بأصول النخيل في نفس المنطقة.
وككل عام، شهدت مناطق الزراعات الكبرى وتحديدا في ولايات باجة وجندوبة والكاف وسليانة سلسلة من الحرائق التي وإن لم تكن كبيرة وكارثية مقارنة بالسنوات السابقة فهي أتت على عشرات الهكتارات من الحبوب بمختلف أنواعها والأكيد ان تداعيات هذه الحرائق ستكون مؤثرة في الموسم الزراعي الجديد..
هذه إذن الصورة، وهي لا تختلف كثيرا عن الصور ذاتها في أغلب دول العالم، فالصيف رغم جماله وجاذبيته وانتظار الناس له بشغف للاستمتاع بالعطل السنوية، موسم قاس ومؤذ أحيانا عندما يغذّي ألسنة اللهب سواء تلك التي تندلع بفعل فاعل أو جراء خلل في الطبيعة ذاتها.
والمطروح في مثل هذه الحال هو استخلاص الدروس والعبر ومحاولة استباق الكوارث باتخاذ الاحتياطات المناسبة ومعالجة آثار ما كان جاثما من الكوارث والتوقي والتحسب من القادم منها أيضا.
ومثلما أشرنا الى ذلك في مناسبات سابقة فان اليقظة والجدوى والفاعلية والمسؤولية تقتضي العمل على ايجاد استراتيجية وطنية لمجابهة الكوارث الطبيعية بشكل عام والحرائق بشكل خاص لانها ببساطة كوارث أصبحت متوقعة ومحتملة ومنتظرة بما أن أسبابها معلومة ومتوفرة.
وفي هذا الإطار، نحتاج إلى مقاربة تشاركية في إعداد هذه الإستراتيجية الوطنية والاستفادة مما تقدمه منظمات المجتمع المدني والخبراء والمختصون في المجال.
في هذا الإطار، يمكن اعتبار التقرير الخاص بحرائق الغابات في تونس للعام 2023 الذي قدمته جمعية «كلام» يوم أمس الثلاثاء 23 جويلية 2024، مادة أولية ودسمة فيها الكثير من الاستخلاصات التي يمكن البناء عليها.
ولعل من أبرز المقترحات التي خلص إليها التقرير مراجعة التشريعات وصولا إلى مجلة الغابات، أما في الميدان فترى الجمعية ضرورة الحد من التشجير العشوائي والمقصود هنا عدم اختيار أشجار سريعة الاشتعال على سبيل المثال وحسن توزيعها على الأرض واحترام مسافة الأمان بينها وترك المسالك التي تحد من انتشار النيران وتسمح لفرق الحماية بالتدخل في ظروف طيبة، وهذه في تقديرنا اقتراحات وجيهة لا مبرّر لتجاهلها.
في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!
تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…