2024-07-23

  الحسابات البنكية المجمّدة : تتحوّل إلى ديون ثقيلة تطارد أصحابها..!

يجد العديد  من التونسيين  أنفسهم أمام المحاكم، أو في متاهات لم تكن في الحسبان، بسبب الحسابات البنكية المجمّدة ـ المتروكة ـ  حيث تعمد البنوك إلى توظيف أداءات ضخمة على الحسابات التي لا يستعملها أصحابها ـ غير النشيطة ـ تصل لآلاف الدنانير مع مرور السنوات وبتضخّم المبلغ حينها يتحرّك البنك  ويطالب الحريف بسداد دين الحساب المجمّد ويصل الأمر لرفع قضايا ضدّه، فيضطرّ هذا الأخير لدفع أموال لم ينتفع بها. عندها تتحوّل الحسابات البنكية المجمدة إلى لعنة تطارد أصحابها…؟!! وتصبح ديونا ثقيلة يصعب استخلاصها لشق كبير منهم باعتبار الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب…

في هذا السياق أفاد  رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي، انه تم بالشراكة مع المجتمع المدني تقديم مبادرة تشريعية للبرلمان، تهدف لتفعيل إجراء غلق الحسابات البنكية المجمدة آليا. مشيرا إلى أن مشروع القانون سيكون مفصليا وسيحدّ من تجاوزات البنوك وخاصة شركة استخلاص الديون في أخذ أموال  دون وجه حق من الحرفاء الذين لديهم حسابات مجمدة.

وبيّن الرياحي  أنه ورغم منشور البنك المركزي إلا أن البنوك لا تغلق الحسابات وبالتالي تتم فوترة التراكمات المالية على الحريف، مشيرا إلى ان المبادرة لها مفعول رجعي على الحسابات المفتوحة قبل تاريخ تقديم مشروع القانون.وتتضمّن هذه المبادرة مراجعة للفصل 732 من المجلة التجارية في اتجاه تفعيل منشور البنك المركزي التونسي عدد 24 لسنة 1991 الذي يقضي بالغلق الآلي للحسابات البنكية المجمدة من قبل البنوك في أجل أقصاه 90 يوما.

وشدّد  محدثنا على أنّ الحسابات البنكية المجمدة كانت تمثّل ثقلا كبيرا على حرفاء البنوك. وأفاد الرياحي أنّ الهدف من هذا المشروع هو حماية الحرفاء وبناء علاقة ثقة جديدة مع المتعاملين مع البنوك خاصة في ما يتعلّق بغلق الحسابات الجارية المجمدة أي غير المستعملة.وأوضح، رئيس منظمة إرشاد المستهلك، أنّه بمجرّد المصادقة على هذا المشروع وصدوره بالرائد الرسمي، فإنّه سيشمل أيضا الحسابات البنكية قبل صدور القانون، وهو له مفعول رجعي على حدّ تعبيره.

ويقترح مشروع القانون إعفاء الورثة من أيّ أداءات توظفها البنوك على الحسابات البنكية في صورة وفاة صاحب الحساب. وجاء في نص التنقيح مفصلا (732 جديد) أنّه «إذا كان الحساب الجاري محدّدا بمدة معيّنة فإنّ قفله أي غلقه يحصل بحلول أجل أو قبله بمقتضى اتفاق الطرفين».

وحدّد التنقيح أيضا أنه إذا كان الحساب الجاري غير مُحدّد بمدة زمنية فإنّ غلقه يتم في كل وقت حسب إرادة أحد الطرفين دون إشعار. أما إذا كانت المبادرة من البنك فإنّ عملية الغلق تتم بمقتضى إشعار مع منحه فترة إمهال بـ90 يوم عمل والتنبيه على صاحب الحساب بأيّ وسيلة تترك أثرا كتابيا قبل إتمام عمليّة غلق الحساب البنكي.

ومن جانب آخر، نص التنقيح على أنّه يجب غلق الحساب الجاري بمبادرة من البنك آليّا إذا توقّف صاحبه عن تشغيله مدة 90 يوما من تاريخ آخر عملية دائنة مقيّدة به.ويتعيّن على البنك إنذار صاحب الحساب الجاري المغلق بأيّ وسيلة تترك أثرا كتابيا بضرورة إرجاع صيغ الشيكات التي بحوزته وذلك في آجال لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ غلق الحساب.كما نص التنقيح على أنّه يتم في كل الحالات غلق كل حساب جار  دون توظيف أيّ أداء وبصفة مجانية.كما يُصدر البنك مجانا ملخّصا للعمليات التي سُجَلت في الحساب طوال 6 أشهر على أن يسلّم هذا الملخص في أجل أقصاه 30 يوما، وذلك بناء على طلب صاحب الحساب.

  في السايق  ذاته  اعتبر محدثنا ان المطالبة باستخلاص دين لم ينتفع الحريف به تعدّ عمليّة ابتزاز وهرسلة تمارسها البنوك كما يصفها الحرفاء باعتبار أن الحساب الذي يبقى مدة طويلة غير نشيط اي لم تتواتر به عمليات بنكية بمختلف أنواعها، يعتبر مجمّدا ويجب أن يغلق آليا ووجوبا من طرف البنك  بعد مرور سنة وفق منشور البنك المركزي التونسي عدد 24 لسنة 1991 «يعتبر  الحساب غير النشيط  حسابا مجمدا والمواطن يكون مطالبا بدفع معاليم سنة فقط» وهو نفس المعمول به في اغلب بلدان العالم، وفي تونس بعض المؤسسات البنكية تلتزم بهذا التمشي وتغلق الحساب البنكي بعد مدة  لكن اغلب المؤسسات تترك الحساب مفتوحا  ليجد الحريف نفسه بعد سنوات مطالبا بدفع معاليم هامة لم ينتفع بها.

هذه النوعية من الإشكاليات تسبب الكثير من الازعاج للمواطن حيث وجب على البنك المركزي التدخل بشكل واضح في هذه المسالة وفرض نفس الاجراءات والقانون على جميع البنوك. وأكد  رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك ان الحسابات البنكية المجمدة تطرح أشكالا حقيقيا بالنسبة للحرفاء وهذه الحسابات تتراوح نسبتها بين 10و15 بالمائة  ويرى محدثنا انه كان من الضروري غلق هذه الحسابات إما بطلب من الحريف بشكل مباشر، أو بتدخل البنك لإغلاق الحساب بعد إرسال إشعار للمعني بالأمر ومنحه أجلا محددا لإعادة  تحيين حسابه البنكي او غلقه.

ودعا محدثنا إلى  ضرورة حصول الحريف على شهادة تفيد بإغلاق الحساب عند غلقه أما في حال عدم القيام بذلك لأي سبب من الأسباب، فإن منشور البنك المركزي ينص على غلق الحساب آليا بعد سنة من تاريخ آخر عملية منجزة بالحساب دون توظيف أي أداءات. ويرى محدثنا ان البنوك لا ترسل إشعارات للحرفاء ولا تبادر لإغلاق الحسابات البنكية « المتروكة » ولا تقدّم  نصائح لحرفائها  لكن في المقابل يتمّ توظيف الأداءات  على الحسابات المجمدة مما يؤدي إلى تضخّم المبالغ المالية بها ثم تعمد البنوك  إلى  بيعها لشركة استخلاص الديون وتقوم هذه الأخيرة بهرسلة الحرفاء للحصول على الأموال المطلوبة.

  ويعتبر محدثنا أن البنوك تمارس نوعا من الهرسلة على الحرفاء بعد  توريطهم وعدم إشعارهم والقيام بخطوات إيجابية قبل التتبع القضائي. ودعا محدثنا  الحرفاء إلى المطالبة  بحقوقهم كاملة  لحماية أنفسهم من الابتزاز و التخويف والهرسلة وأن يطالبوا بكشف حساب تفصيلي ومدقّق لكل الأداءات البنكية لمدة سنة فقط أما باقي السنوات فلا يجب استخلاصها.

حيث يرى ان الحريف يتعرّض إلى التخويف لدفع ديون غير قانونية وليس مطالبا بدفعها. وفسر الرياحي  ذلك بأن القضاء أنصف كل من تقدم بشكوى من الحرفاء مضيفا أن المنظمة تصلها يوميا ما يفوق 20 شكاية من المواطنين تتمحور حول الحسابات المجمدة وقضايا التتبع البنكية وهي أرقام تعد مهولة على حد تعبيره.

وبين ان التتبع يكون عن طريق عدول تنفيذ لدفع الديون وهو ما يعد مخالفا للقانون باعتبار أنه في صورة ما إذا لم يتم إغلاق الحساب البنكي فإنه يغلق آليا بعد سنة وفق القانون، مؤكدا بأن الحريف مطالب فقط باستخلاص الفوائد المالية المترتبة عن السنة الأولى قبل غلق الحساب آليا لكن الفوائض ما بعد تلك الفترة فإنه غير مطالب بدفعها قانونا، وفي هذه الحالة بإمكان المستهلك اللجوء إلى القضاء.

حيث أنصفت المحكمة في هذه النقطة المستهلك باعتبار أن البنك يكون مطالبا وجوبا بإغلاق الحساب البنكي بعد سنة. وأفاد الرياحي بأنه من ضمن التشكيات الواردة على المنظمة هي  أن البنوك تقوم بمنح هذه الملفات إلى شركات استخلاص ديون حيث تعمد الشركات إلى تعويض البنوك في التفاوض وتنطلق في هرسلة المستهلك وتلزمه في بعض الأحيان بالإمضاء على  التزام لدفع مبلغ كل شهر حتى يتم استخلاص ديون هو غير مطالب بدفعها. وشدد رئيس منظمة إرشاد المستهلك على ضرورة التبليغ لدى القضاء إذا ما طالبت البنوك بدفع فوائض لأكثر من سنة على حساب جار لم يغلق.

وأشار محدثنا إلى أن المنظمة تقوم منذ مدة  بحملة على الحسابات البنكية المجمّدة حيث يتعرض أصحاب هذه الحسابات وفق محدثنا الى هرسلة كبيرة وقرارات تعسفية إذ يوجد اتفاق بين البنوك على عدم تمتيع أي حريف لديه حساب بنكي مجمد بخدمات بنوك أخرى خاصة إسناده قروض في حين أن القانون ينص على غلق الحساب البنكي بعد سنة من عدم تواتر العمليات  المالية وجوبا على البنك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التعامل مع الإدارة : الرقمنة هي الأساس والوثائق استثناء..!

النوايا وحدها لاتكفي لمواكبة التطورات التكنولوجية وتملكها خاصة وان واقع تعصير الإدارة ورقم…