الحراك البيئي وأزمة النفايات : محاولات متكرّرة للفت انتباه المسؤولين
شهد النشاط البيئي في تونس خلال السنوات الأخيرة تصاعداً مطّرداً،حيث ارتبط بقضايا بيئية مختلفة والأمثلة في ذلك عديدة ومتنوعة، إلا أن القضايا المتعلقة بسوء إدارة النفايات كانت محوراً رئيسياً وبارزا ضمن «المخاوف البيئية» التي اطلقها نشطاء المجتمع المدني من جمعيات و منظمات.
ويعكس ما حدث في بلادنا من تحركات مناهضة للوضع البيئي المتردي في بلادنا المكانة الجوهرية التي تحتلها قضية النفايات في عملية النضال لتحقيق العدالة البيئية على المستوى المحلي والوطني إذ بيّنت مشكلة النفايات قدرة عالية على التعبئة والحشد وعلى توحيد طيف واسع من النشطاء والمواطنين ضد التداعيات البيئية والصحية وسوء إدارة ملف النفايات في البلاد.
لقد تحولت المشكلات المتعلقة بالنفايات بعد ثورة 2011 في بلادنا إلى قضايا رأي عام، حيث ساهم هذا الوضع في ظهور نشاطات بيئية نمت وتطورت حول قضية النفايات وتداعياتها البيئية والصحية والاجتماعية، ونجح بعضها في التحول إلى حراك بيئي منظم.
وكما جرت العادة منذ 2018 يصدر قسم العدالة البيئيّة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريره السنوي. ويمثل هذا التقرير عصارة التجربة الميدانية في مناصرة الحركات البيئية لفريق عمله في المركز والجهات. كما يقدم هذا التقرير أهم الحملات والأعمال التي قام بها خلال سنة كاملة من المناصرة لأصحاب الحقوق وهو أيضا فضاء للتفكير والتدبّر والنقد والطرح يضع سياسات الدولة وممارساتها موضع تساؤل ونقاش ويسلط الضوء على وضعية حقوق الإنسان البيئيّة في تونس ومدى احترام الدولة لالتزاماتها.
ويرتكز هذا التقرير على وقائع ميدانية تشخص اشكاليات ملموسة عاينها فريق عمل العدالة البيئية وعمل على حلحلتها برفقة المعنيين والمعنيات بها مباشرة بعيدا عن كل اشكال التنظير والسفسطة. ويحتوي هذا العمل على أربعة أجزاء تقاسم أعضاء الفريق مهمة تأليفها.
وسجلت تونس وفق اخر تقرير خاص بالنصف الأول من سنة 2024 عدد, 1161 تحرك اجتماعي مقابل 2158 تحرك خلال نفس الفترة من سنة,2023 وذلك حسب المرصد الاجتماعي التونسي وقد عرفت التحركات ذات الطابع البيئي نسقا تصاعديا حيث ارتفع عددها من 156 خلال السداسي الاول لسنة 2023 الى 172 احتجاج خلال نفس الفترة من سنة 2024 حيث اتسمت هذه التحركات البيئية بطابعها الجماعي المنظم وقد كانت في أغلبها وقفات وتجمعات احتجاجية ونداءات عبر وسائل الاعلام في محاولة للفت انتباه المسؤولين والسلطات المعنية الى ضرورة التدخل العاجل للحد من وطأة التحديات البيئية على المواطنين في مختلف المناطق في البلاد، كما تصدر الحق في الماء قائمة المطلبيات للحركات البيئية بـ 111 احتجاج مقابل 61 احتجاجا من أجل الحق في بيئة سليمة.
هذا وقد مثلت التحركات البيئية ٪15 من مجموع التحركات وتم تسجيل %56 منها خلال الثلاثي الثاني من العام، لا سيما خلال شهر جوان الذي سجل 52 تحركا وذلك تزامنا مع موسم الحصاد وموجات الحر القاسية التي تجاوزت المعدلات المسجلة في نفس الفترة من سنة 2023. وقد تمحورت المطالب البيئية في غالبيتها حول ظاهرة الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشراب٫ وذلك بمعدل 83 احتجاجا٫ 27 منها خلال شهر جوان المنقضي. وقد تصدرت القيروان الاحصائيات بأكثر من 23 احتجاجا تليها ولاية نابل بـ 20 احتجاجا ثم قفصة بـ 15 احتجاجا.
كما شهدت ولاية سوسة 8 احتجاجات طالب فيها المواطنون بحقهم في الماء الصالح للشراب والربط بشبكة الصوناد. كذلك تم رصد 10 تحركات احتجاجية في ولاية القيروان بسبب تردي الوضع البيئي والبنية التحتية لقنوات توزيع المياه والصرف الصحي التي تسببت في تسرب مياه الصوناد والأوناس للأحياء والمنازل. وقد تم رصد 6 احتجاجات في كل من معتمدية بني خلاد وبوعرقوب من ولاية نابل ومناطق تابعة لولاية سيدي بوزيد وتوزر بسبب التلوث بمياه الصرف الصحي وانتشار الروائح الكريهة والبعوض مما أصبح يشكل تهديدا بيئيا وصحيا خطيرا.
ومع تواصل أزمة الجفاف٫ شهدت ولاية جندوبة سلسلة من الاحتجاجات للفلاحين بسبب الانقطاع المتكرر لمياه الري ما أثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية وصابة الحبوب٫ حيث سجلت المنطقة 7 احتجاجات من أصل 11 تحركا على المستوى الوطني خلال الفترة الممتدة بين جانفي وجوان 2024.
كما عرفت البلاد خلال الثلاثي الثاني من السنة 4 تحركات احتجاجية تندد بتفاقم ظاهرة التلوث الصناعي. كانت أبرزها بولاية قابس التي تواجه أزمة بيئية خانقة تتواصل مع تواصل التعاطي اللاّمسؤول مع مظاهر التلوث التي يتسبب بها المجمع الكيميائي التونسي.
هذا وقد تم رصد 6 تحركات احتجاجية تندد بتفاقم أزمة النفايات التي تتراكم في الشوارع وأنحاء المدن بكل من ولايات صفاقس والقصرين. كما تم رصد تشكيات مجموعة من المواطنين من تزايد عدد المصبات العشوائية وغير المراقبة القريبة من الأحياء السكنية في مناطق مختلفة من سيدي بوزيد وأريانة وبنزرت.
أنجزها مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث «كوثر» : دراسة تكشف واقع العنف ضد ذوات الإعاقة السمعية والبصرية
في انتظار الورشة الختامية التي ستنتظم في إطار حملة الستة عشرا يوما نشاطا لمناهضة العنف ضد…