في الوقت الذي يركن فيه التلاميذ الى الراحة مستمتعين بعطلتهم الصيفية تنكب وزارة التربية على عديد القضايا المتصلة بالشأن التربوي نحو مزيد تحسين المنظومة التربوية وتطوير أدائها.

ورغم أننا لم نتعود على الحديث عن الشأن التربوي خلال العطلة المدرسية، إلا ان وجود ديناميكية الآن في أروقة وزارة التربية استعدادا للموسم الدراسي القادم والتفكير العميق في اصلاح تربوي بدأ يعلن عن نفسه بأكثر من طريقة منذ فترة ، يجعل لزاما علينا ان نتوقف عند هذا الأمر.

ولعل المشرفين على حظوظ هذه الوزارة قد مرّوا الى السرعة القصوى خلال الموسم الصيفي من اجل الاشتغال على المنظومة التربوية من اجل تكريس جودة التعليم وذلك عبر منوال شمولي وتكاملي يضم كل مراحل التعليم من الابتدائي مرورا بالإعدادي ووصولا الى الثانوي دون استثناء أو تجزئة ضمانا لانسجام برامج كل المراحل التعليمية وتناسقها واتساقها مع خصوصيات المرحلة ومع التطورات الكبرى التي جدّت وطنيا وإقليميا وعالميا ومراعاة خاصة للتغييرات النفسية والثقافية والذهنية التي عاشها التلميذ التونسي.

ووفق ما جاء في تصريحات رسمية لمسؤولين في وزارة التربية فإن هناك عملا جديا يتم الآن من أجل تطوير أداء المؤسسات التربوية. وتم في هذا الغرض اعتماد مجموعة من المعايير تضم الابتدائي والثانوي بشقيه النموذجي والعادي بغية الوصول الى الجودة المنشودة.

وهنا من المهم التوقف عند بعض التفاصيل المتصلة بهذه المعايير وعددها ثمانية وفق ما تم تداوله إعلاميا بهذا الخصوص.

فمثلا يتصل المعيار الأول على سبيل المثال وليس الحصر  بالتأسيس لمدرسة مواطنة وانتماء مما يعني ضرورة تأصيل كيان التلميذ داخل اسوار المؤسسة التربوية وهذا أمر بالغ الأهمية. ثم السلم الاجتماعي بكل ما تحيل عليه الكلمة من معان من قبيل نبذ العنف والنأي عن التوترات وغيرها من الإشكاليات.

بالإضافة الى معايير متصلة بمدرسة المسؤولية والاستقلالية والانخراط سعيا الى تغيير في نمط العلاقة بين المدرّس والتلميذ على أسس جديدة بعيدا عن العقوبات والعنف وتكريسا لعلاقة إيجابية بين الطرفين طبعا هذا دون المساس بالوضعية القانونية المعروفة للمؤسسات التربوية.

وبالتأكيد فإنّ النأي عن العقوبات لا يعني قطعا ترك الحبل على الغارب وفتح الباب للتجاوزات وإنما يتعلق الأمر بالبحث عن بدائل وتجسير الفجوة بين المربّين وابنائهم التلاميذ حتى تكون سبل الحوار أعمق واكثر متانة ورسوخا اجتنابا للظواهر القصووية التي واكبناها في السنوات الأخيرة على غرار تفشي العنف داخل المؤسسات التربوية واقصاها العنف بين التلميذ والأستاذ.

ولعل الجانب الطريف هنا انه سيتم تحفيز التلاميذ من خلال خلق بعد تنافسي بين المؤسسات التربوية في المعايير المطلوبة على غرار التنافس بشأن جودة البيئة في هذه المؤسسة أو تلك أو ما يعرف اصطلاحا بالمهارات الخضراء.

هذا بالإضافة الى العمل على توفير السلامة في داخل الفضاء المدرسي من اجل ضمان التعلم في ظروف آمنة وسليمة من كل الشوائب. وهذا سينطبق على كل المؤسسات التربوية دون تمييز أو استثناءات.

والملفت انه سيكون هناك تعاون مع باقي الوزارات  مثل الداخلية والبيئة والتجهيز وغيرها في اطار أنموذج شامل ومتكامل.

والواضح  أن وزارة التربية تمضي في اتجاه قطع دابر الظواهر المسيئة للمؤسسات التربوية وهذا أحد اركان الإصلاح المنشود.

ويجدر التذكير بأن السنة الدراسية  الحالية كان موفّقة اجمالا ولم تتخللها الإشكاليات التي دأبنا عليها في السنوات الأخيرة بل لعلها الأفضل تقريبا بالمقارنة مع سابقاتها على مستوى نتائج الامتحانات الوطنية والظروف التي تمت فيها وكذلك من ناحية استكمال البرنامج المدرسي وعدم تعطل الدروس وغياب تقريبا التوتر بين وزارة الاشراف ومنظوريها من المدرّسين ونقاباتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مرفق القضاء حجر الأساس في بناء الدولة ومؤسساتها  : ..والعدل أساس العمران..

هل نحتاج الى استحضار مقولة علاّمتنا الكبير عبد الرحمان بن خلدون: «العدل أساس العمران»  للت…