2024-07-21

ونحن في سياق انتخابي بامتياز : محاربة المال الفاسد أوّلا…

الاستحقاق الانتخابي بدأ يعلن عن تفاصيله تدريجيا بعد أن تواترت إعلانات الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المنتظر ان تدور يوم 6 أكتوبر المقبل.

وجاء اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد ترشحه لهذا المنصب من مدينة برج الخضراء في أقصى الجنوب التونسي ،  أيضا في هذا السياق الانتخابي.

والحقيقة أن هذه الانتخابات تمثل حدثا كبيرا يسترعي انتباه التونسيين بكل فئاتهم وشرائحهم وكذلك يلفت انتباه وسائل الاعلام والمتابعين للشأن التونسي من الخارج.

وعلى هذا الأساس من المهم ان نخوض في كل الجوانب المتعلقة بهذا الاستحقاق المهم وربما الفاصل أيضا.

و بعيدا عن الترشحات والمترشحين  سنتناول في هذه الورقة زاوية محددة و سنتوقف عند مسألة  نراها بالغة الأهمية ألا وهي محاربة المال الفاسد. فالأكيد ان تنقية الأجواء في هذا السياق الإنتخابي تتطلب أولا وبالذات مراقبة التمويل والإعتمادات المالية لكل المترشحين لضمان عدم التدخل الأجنبي في مسار وسيرورة هذا الإستحقاق المهم الذي يعني التونسيين وحدهم فقط.

ومعلوم ان هناك أطرافا أجنبية راهنت وتراهن دوما على بعض «الجياد» في السباق الانتخابي سواء في تونس او في بعض البلدان في محيطنا الإقليمي وذلك للتأكد من أن من سيتولى السلطة في هذه الدولة او تلك سيكون تابعا لها ويخدم مصالحها الإستراتيجية.

وتونس لا تشذ عن هذه القاعدة وقد كانت مرتعا للاعبين مهمين دوليا سواء بشكل مباشر او عبر أعوانهم لضمان تبعية دائمة اقتصادية وسياسية لهم.

ولا نجد حرجا هنا في أن نسمّي بعض الأطراف وفي مقدمتها المستعمر القديم أو الولايات المتحدة الأمريكية. فنحن لم نكن يوما خارج لعبة الأمم ومراكز النفوذ العالمي . وهناك استثناءات قليلة فقط كان فيها القرار شعبيا ومحليا فقط.

واليوم ونحن نستعد لخوض غمار انتخابات جديدة يراهن التونسيون على ان تخرج بلادهم من عنق الزجاجة وتعيدها الى مسارها التنموي المنفتح والى اشعاعها الإقليمي والدولي كبلد يمتلك كل مقومات النجاح  إذا ما تسنّى لهم ان يدار بحكمة وتبصر وإذا ما نجح أولو الأمر في حوكمته بعيدا عن منطق الغنيمة وتورّم الأنا.

والواضح ان بلادنا التي اختارت نهجا صعبا في السنوات الأخيرة وهو التعويل على الذات واعلاء قيمة السيادة والتماهي مع مقولات تقوم على إيلاء الشعب المكانة المركزية في صناعة القرار ، تمضي اليوم في هذا السياق الانتخابي وتسعى الى انجاحه وتنقية مناخاته عبر الوقوف ضد كل أنواع الفساد المالي. وهذا أمر محمود قطعا وينبغي ان يكون منهاجا لكل المتدخلين في العملية الانتخابية التي بدأت كما قلنا تتضح معالمها.

و للتذكير فإن المال الفاسد يلعب أدوارا قذرة في مسارات انتخابية كثيرة وكان له دور في الاستحقاقات التي تلت أحداث 14 جانفي 2011. وهو أمر لا يستطيع أحد ان ينكره فقد كان حاضرا وبقوة في كل مراحل العملية الانتخابية بدءا بجمع التزكيات ومرورا بالحملة الانتخابية ووصولا الى المتابعة الإعلامية لمختلف الاستحقاقات. فقد اعتمدت بعض الشخصيات وبعض الأحزاب على ضخ أموال كبيرة مجهولة المصدر من أجل التأثير في الرأي العام حيث عمد البعض على مد المواطنين خاصة في الأحياء الشعبية ببعض الحاجيات والأموال من أجل كسب ودّهم وجعلهم يصوّتون لهذا او ذاك دون اقتناع منهم مستغلين فقرهم وأمّيتهم او انتهازية البعض. كما وعدوا البعض بمناصب وامتيازات مقابل ان يقوموا بحملات دعائية لهم في الأحياء والأنهج مراهنين على مسألة «القرب» والتي أتت أكلها وتمكن البعض من الصعود الى البرلمان مثلا بهذا الأسلوب.

وفي السياق ذاته قام البعض أيضا بالتأثير في الرأي العام عبر خلق مناخات من الجدل الهوياتي وتقسيم التونسيين الى فسطاط الكفر والإيمان معتمدين الأثر السحري لـ«الديني» في معيش التونسيين من أجل الفوز في الانتخابات.

وغير بعيد عن هذا نشطت لوبيات مالية وإعلامية داخليا وخارجيا من اجل الاشتغال على صورة بعض الشخصيات التي تابعناها في وسائل الإعلام  من أجل صناعة بعض « الزعامات»لتكون في طريق مفتوحة نحو هذا المنصب او ذاك.

هذا دون ان ننسى الدور الذي لعبته بعض الجمعيات والتي كانت بمثابة غطاء تخفّت خلفه الأحزاب السياسية للحصول على المال من أطراف اجنبية تحت يافطات خيرية بالأساس.

كما تجندت بعض وسائل الإعلام لتلميع صورة شخصيات اتضح لاحقا انها نمور من ورق.

ولعل هذه المعطيات وغيرها هو ما خلق أجواء التعفن في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس وأفسد العملية الديمقراطية برمّتها.

ولكل هذه الاعتبارات علينا ان نبدأ هذا السباق الانتخابي الذي بات قاب قوسين أو ادنى بمحاربة كل أشكال المال الفاسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في الذكرى 68 لانبعاثه: الحرس الوطني مفخرة من مفاخر الوطن

أحيت تونس يوم أمس 6 سبتمبر 2024 الذكرى الثامنة والستين لانبعاث الحرس الوطني. وهو المؤسسة ا…