2024-07-21

من بينهم وزراء ومديرون: هذا ما قررته جلسة العدالة الانتقالية في حق كوادر أمنية سابقة بالداخلية

‭ ‬أجلت‭ ‬هيئة‭  ‬الدائرة‭ ‬الجنائية‭ ‬المتخصصة‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتونس‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬فتحي‭ ‬الخياري‭ ‬وعامر‭ ‬الدقاشي‭ ‬إلى‭ ‬السنة‭ ‬القضائية‭ ‬القادمة‭.‬

وللإشارة‭ ‬فقد‭ ‬مرت‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬افتتاح‭ ‬الدوائر‭ ‬القضائية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬والتي‭ ‬انطلقت‭ ‬بملف‭ ‬كمال‭ ‬المطماطي‭ ‬بدائرة‭ ‬قابس‭ ‬يوم‭ ‬28‭ ‬ماي‭ ‬2018‭ ‬ولكن‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ملف‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬إحداث‭ ‬13‭ ‬دائرة‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬داخل‭ ‬تراب‭ ‬الجمهورية‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬تونس،‭ ‬نابل،‭ ‬بنزرت‭ ‬،الكاف،‭ ‬سوسة،‭ ‬المنستير،‭ ‬القيروان،‭ ‬قفصة،‭ ‬القصرين،‭ ‬صفاقس،‭ ‬سيدي‭ ‬بوزيد،‭ ‬قابس،‭ ‬مدنين‭.‬

200‭ ‬ملف‭ ‬بين‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والفساد‭ ‬المالي‭ ‬والعقاري‭ ‬أودعت‭ ‬لدى‭ ‬الدوائر‭ ‬المذكورة‭ ‬منها‭ ‬حوالي‭ ‬125‭ ‬ملف‭ ‬لدى‭ ‬دائرة‭ ‬تونس‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬62%‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬الملفات‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ملفات‭ ‬شهداء‭ ‬الثورة‭ ‬وجرحاها‭ ‬تناولت‭ ‬ملفات‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ,‬عديد‭ ‬جرائم‭ ‬قتل‭ ‬النشطاء‭ ‬تحت‭ ‬التعذيب‭ ‬لمختلف‭ ‬العائلات‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭.‬

كما‭ ‬شملت‭ ‬ملفات‭ ‬الفساد‭ ‬عديد‭ ‬القطاعات‭ ‬كالشركات‭ ‬والبنوك‭ ‬والأراضي‭ ‬وشملت‭ ‬الاتهامات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬ومديرين‭ ‬عامين‭ ‬وموظفي‭ ‬الرئاسة‭ ‬والعائلة‭ ‬الحاكمة‭ ‬والمقربين‭ ‬منها‭.‬

‭ ‬إثر‭ ‬الحركة‭ ‬القضائية‭ ‬2023‭ – ‬2024‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬شغورا‭ ‬متواصلا‭ ‬لتركيبة‭ ‬هيئات‭ ‬كل‭ ‬الدوائر‭ ‬والتي‭ ‬انطلقت‭ ‬منتصف‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭.‬

وقد‭ ‬توفي‭ ‬فتحي‭ ‬الخياري‭ ‬تحت‭ ‬التعذيب‭ ‬وقد‭ ‬شملت‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬القضية‭  ‬16‭ ‬متهما‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وعبد‭ ‬الله‭ ‬القلال‭ ‬وعز‭ ‬الدين‭ ‬جنيح‭  ‬ومحمد‭ ‬علي‭ ‬القنزوعي‭ ‬وعلي‭ ‬السرياطي‭  ‬والصادق‭ ‬شعبان‭  ‬وأحمد‭ ‬عياض‭ ‬الودرني‭.‬

وقد‭  ‬ولد‭  ‬الضحية‭ ‬فتحي‭ ‬الخياري‭ ‬بمنطقة‭ ‬وادي‭ ‬قريانة‭ ‬بالأحواز‭ ‬الغربية‭ ‬للعاصمة‭  ‬وتحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الباكالوريا‭ ‬بالجزائر‭ ‬ثم‭ ‬انتدب‭ ‬للعمل‭ ‬بسلك‭ ‬البريد‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ايقافه‭ ‬بين‭  ‬سنتي‭ ‬1981‭ ‬و1984‭ ‬وفي‭ ‬المرة‭ ‬الثالثة‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬تحصن‭ ‬بالفرار‭ .‬

ورغم‭ ‬تخفي‭ ‬فتحي‭ ‬الخياري‭ ‬بجهة‭ ‬المرناقية‭ ‬فإن‭ ‬أعوان‭ ‬البوليس‭ ‬السياسي‭ ‬أثناء‭ ‬إشراف‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬القلال‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ومحمد‭ ‬علي‭ ‬القنزوعي‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬مكانه‭ ‬واختطفوه‭  ‬ثم‭ ‬اقتادوه‭ ‬إلى‭ ‬بوشوشة‭.‬

وداخل‭ ‬أحد‭ ‬المكاتب‭ ‬مارس‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬الأعوان‭ ‬أبشع‭ ‬أنواع‭ ‬التعذيب‭ ‬على‭ ‬فتحي‭ ‬وانهالا‭ ‬عليه‭ ‬ضربا‭ ‬مبرحا‭ ‬وركلا‭ ‬ولكما‭ ‬قصد‭ ‬إرغامه‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالتخطيط‭ ‬النقلاب‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭  ‬وقد‭ ‬تواصل‭ ‬تعذيبه‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬مارس‭ ‬خلالها‭ ‬العونان‭ ‬التعذيب‭ ‬عليه‭ ‬بوحشية‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬بأية‭ ‬معلومة‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬موجودا‭ ‬أصلا‭ ‬لذلك‭ ‬تواصل‭ ‬تعذيبه‭ ‬رغم‭ ‬تغير‭ ‬لون‭ ‬جسده‭ ‬والدماء‭ ‬النازفة‭ ‬منه‭ ‬وتدهور‭ ‬حالته‭ ‬الصحية‭ ‬باعتباره‭  ‬كان‭ ‬يحضر‭ ‬حصص‭ ‬التعذيب‭  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬يوم‭ ‬5‭ ‬أوت‭ ‬1991،‭ ‬ففي‭ ‬مساء‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬همّ‭ ‬جل‭ ‬الأعوان‭ ‬بجمع‭ ‬الموقوفين‭ ‬وإيداعهم‭ ‬غرفة‭ ‬الإيقاف‭ ‬ولكن‭ ‬أحد‭ ‬العونين‭ ‬المشرفين‭ ‬على‭ ‬حصص‭ ‬تعذيب‭ ‬فتحي‭ ‬رفض‭ ‬إخلاء‭ ‬سبيله‭ ‬وقرر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬اعترافاته‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬قتله‭ ‬حسب‭ ‬شهادة‭ ‬أحد‭ ‬الموقوفين‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬بالفعل‭.‬

وخوفا‭ ‬من‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬العائلة‭ ‬وأقارب‭ ‬فتحي‭ ‬الخياري‭ ‬قرر‭ ‬النظام‭ ‬دفنه‭ ‬مباشرة‭ ‬بمقبرة‭ ‬الجلاز‭ ‬فحوصرت‭ ‬المقبرة‭ ‬بسيارات‭ ‬وأعوان‭ ‬الأمن‭ ‬ومنعت‭ ‬والدته‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬النظرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬جثمانه‭ ‬وهو‭ ‬ماتسبب‭ ‬في‭ ‬مرضها‭ ‬ووفاتها‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬الجلسة‭ ‬أجلت‭ ‬الدائرة‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتونس‭ ‬كذلك‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬عامر‭ ‬الدقاشي‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬الأبحاث‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وعبد‭ ‬الله‭ ‬القلال‭ ‬ومحمد‭ ‬علي‭ ‬القنزوعي‭ ‬وعلي‭ ‬السرياطي‭ ‬ورئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الاستعلامات‭ ‬زمن‭ ‬الحادثة‭.‬

وكان‭  ‬عامر‭ ‬دقاشي‭ ‬وهو‭ ‬طالب‭ ‬مرحلة‭ ‬ثالثة‭ ‬بكليّة‭ ‬الشريعة‭ ‬بتونس‭ ‬أصيل‭ ‬جهة‭ ‬الورديّة‭ ‬توفي‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬جوان‭ ‬1991‭ ‬تحت‭ ‬التعذيب‭ ‬حيث‭ ‬سقط‭ ‬من‭ ‬الطابق‭ ‬الرابع‭ ‬في‭ ‬مقرّ‭ ‬الاستعلامات‭ ‬نهج‭ ‬18‭ ‬جانفي‭ ‬بتونس‭ ‬العاصمة‭ .‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬أحد‭ ‬الشهود‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬بأنّ‭ ‬عامر‭ ‬الدقاشي‭ ‬لقي‭ ‬مصرعه‭ ‬إثر‭ ‬سقوطه‭ ‬من‭ ‬الطابق‭ ‬الرابع‭ ‬في‭ ‬مقرّ‭ ‬الاستعلامات‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الشاهد‭ ‬يخضع‭ ‬للتحقيق‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬بالطابق‭ ‬الثالث‭ ‬بمعيّة‭  ‬ثلاثة‭ ‬أشخاص‭ ‬آخرين‭ ‬ولم‭ ‬يلبثوا‭ ‬أن‭ ‬سمعوا‭ ‬صرخة‭ ‬قويّة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص‭ ‬وهو‭ ‬يسقط‭ ‬من‭ ‬الطابق‭ ‬الرابع‭.  ‬وحينها‭ ‬حصلت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬المنسوب‭ ‬إليهم‭ ‬الانتهاك‭ ‬والذين‭ ‬كانوا‭ ‬متواجدين‭ ‬بمكان‭ ‬الحادثة‭ ‬حينها‭  ‬ليتقدم‭  ‬مجموعة‭  ‬ممن‭ ‬يقومون‭ ‬بعمليات‭ ‬البحث‭ ‬حينها‭ ‬وأعطوا‭ ‬الأوامر‭ ‬بإرجاع‭ ‬الموقوفين‭ ‬الأربعة‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬الإيقاف‭ ‬ببوشوشة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

محاكمة رجل الأعمال ورئيس الملعب التونسي سابقا جلال بن عيسى

نظرت ظهر  أمس الخميس 21 نوفمبر  2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفسا…