خلال السداسي الأول من سنة 2024: تراجع الاستثمارات الفلاحية المصادق عليها مقابل تطور أداء الفلاحة
يكتسي الإستثمار في القطاع الفلاحي أهمية كبرى بالنظر الى أنه من القطاعات الحيوية التي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال الترفيع في الناتج المحلي الاجمالي وفي حجم وقيمة الصادرات، وبالخصوص في خلق مواطن الشغل من خلال بعث المشاريع الفلاحية التي تعمل على استقطاب اليد العاملة وتقليص البطالة في تونس حيث يستقطب قطاع الفلاحة والصيد البحري 15 % من المشغلين.علاوة على ذلك فإن القطاع يساهم ايضا في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الاستقلالية الغذائية وتحسين مستوى العيش للتونسيين.خاصة اذا ما اعتمد هذا القطاع على التقنيات والتكنولوجيا الحديثة والذكية واستخدام الطاقات المتجددة التي تزيد في الإنتاجية وتقلل من الكلفة.غير أن الارقام الاخيرة التي أصدرتها وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية المتعلقة بشهر جوان 2024 اظهرت تراجع الاستثمارات الفلاحية المصادق عليها خلال السداسي الأول من سنة 2024 بـ16,4% من حيث العدد و36,5% من حيث القيمة.حيث بلغت الإستثمارات المصادق عليها 1179 عملية استثمار بقيمة 145,7 مليون دينار مقابل 1411 عملية استثمار بقيمة 229,5 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2023.وبحسب الارقام ذاتها فإن الاستثمارات المصادق عليها ستمكن من احداث 1160موطن شغل قار مقابل 1483 خلال سنة 2023.
وقد شمل التراجع أيضا القروض العقارية المصادق عليها خلال السداسي الاول من سنة 2024 حيث تمت المصادقة على اسناد 17 قرضا عقاريا بقيمة 2,5 مليون دينار مقابل 26 قرضا بقيمة4,4 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2023.وستمكن هذه القروض من ادماج 132 هكتار من الأراضي ضمن الدورة الاقتصادية مقابل 286 هكتار خلال نفس الفترة من العام الماضي.وبالمقارنة مع الفترة 2018-2022 شهدت الاستثمارات الفلاحية الخاصة تراجعا بـ39,8% من حيث العدد وبـ53,4% من حيث القيمة.في مقابل ذلك تطورت الإستثمارات المصرح بها في الفلاحة والصيد البحري حيث تم التصريح بـ3640 عملية استثمار بقيمة 639,2 مليون دينار مقابل 2997 عملية بقيمة 685,2 مليون دينار خلال السداسي الاول من العام الجاري مسجلة بذلك تطورا بنسبة 21,5% من حيث العدد لكنها سجلت تراجعا بـ6,7% من حيث القيمة. وبخصوص أهمية القطاع الفلاحي في مستوى التصدير ابرزت الارقام الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تحسنا على مستوى الصادرات الجملية بنسبة 2,2% خلال السداسي الأول من سنة 2024، وذلك يعود بالأساس إلى مساهمة القطاع الفلاحي وارتفاع صادرات المنتوجات الفلاحية والغذائية بنسبة 45,7% نتيجة الزيادة الملحوظة المسجلة في مبيعات زيت الزيتون بـ3405,9 م د مقابل 1813,3م د خلال نفس الفترة من سنة 2023.
اما في خصوص مساهمة القطاع الفلاحي في النمو الاقتصادي وبحسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء خلال الثلاثي الأول من هذا العام الجاري فقد اظهر أن تحسن أداء القطاع الفلاحي الذي سجل تطورا بنسبة 1,6٪ خلال الأشهر الثلاثة الاولى لسنة 2024 ساند المنحى الإيجابي للنمو الإقتصادي مساهما إيجابيا بـ 0,1 نقطة مائوية في نسبة النمو المسجلة.
وهي نتائج يتم العمل على تعزيزها من خلال زيادة نسق الاستثمار في هذا القطاع الحيوي واستخدام التطور التكنولوجي وتعزيز قدرة القطاع على التكيف مع التغيرات المناخية المتواصلة التي تمثل تحديا كبيرا امام القطاع الفلاحي التونسي وخاصة منها الشح المائي بالنظر الى ان القطاع الفلاحي يستقطب قرابة 80% من الموارد المائية.
و من المؤكد ان الاستثمار هو أحد محركات النمو الاقتصادي،لكن تراجع الاستثمارات الفلاحية يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد من خلال انخفاض الإنتاج وعدم توفر المنتجات الفلاحية في الاسواق مما يجعل العرض أقل من الطلب وهو ما يؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الفلاحية التي تؤثر سلبا على القدرة الشرائية.كما أن القطاع الفلاحي يمثل مصدرا رئيسيا للتشغيل والتنمية في المناطق الريفية ويمكن أن يؤدي تراجع الاستثمارات في هذا القطاع إلى تقلص فرص العمل وتراجع الخدمات والبنية التحتية في هذه المناطق.وهذا يستدعي بلا شك الإسراع في مزيد تحسين مناخ الاعمال وخاصة إزالة العقبات وتقليص البيروقراطية في هذا القطاع من اجل إستحثاث نسق الاستثمار وجذب رؤوس الأموال إلى كافة مناطق البلاد، وخاصة مناطق التنمية الجهوية لإرساء المشاريع فيها وتوفير مواطن الشغل وتخفيف حدة البطالة والمساهمة الفعالة في ضمان الأمن الغذائي للبلاد.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …