2024-07-20

خطة عمل مشتركة لمزيد حوكمة توزيع المياه : هل تكفي وحدها لابعاد شبح العطش؟

في خطوة جدّية وعملية عقدت كل من وزارتي الفلاحة والداخلية بداية الاسبوع، جلسة عمل مشتركة “لتدارس سبل التّعاون بين هياكل الوزارتين، لوضع خطة عمل مشتركة لحوكمة استغلال وتوزيع المياه على المواطنين بصفة عادلة”، في ظل تراجع مخزون المياه بالسدود وارتفاع كميات المياه المتبخرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة مقابل تزايد الطلب على المياه.

واذا كان حضور ممثل عن وزارة الداخلية يبدو غريبا نوعا ما، عن اجتماع لحوكمة توزيع المياه، فان الغاية منه هو ان تقوم وزارة الداخلية بالجانب الردعي المنوط بعهدتها خاصة منه ما يتعلق بالاستيلاء على الملك العمومي وسرقة المياه واستنزاف المخزون دون وجه حقّ.

وهو اجتماع تنسيقي بين مصالح الوزارتين يهدف الى البحث في “كيفية العمل على مقاومة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه من سرقات وربط وحفر عشوائي للآبار واستنزاف للمائدة المائيّة في ظل تواصل الشح المائي”.

ذلك ان الندرة المائية التي تعيشها بلادنا في السنوات الاخيرة، لم تعد تسمح بمزيد التهاون مع كل اعتداء على المخزون المائي الشحيح، والعمل بيقظة تامة وحذر شديد في المحافظة على كل قطرة ماء، خاصة وان التوقعات الجوية لا توحي بتغير الاحوال في الاشهر والسنوات القادمة.

وهذا الشح المائي يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، خاصة وهو المرفق الذي يُصنّف كمسألة أمن قومي لا يمكن التهاون فيها، وهو المقوّم الاول والرئيسي لحياة البلاد والعباد، وبالتالي على كل هياكل الدولة، دون استثناء ان تكون مجندة للحفاظ على مخزون المياه والبحث عن بدائل اخرى، واندماج وزارة الداخلية في هذا الجهد الوطني، بداية مشجعة يجب على باقي المؤسسات والهياكل ان تنسج على منوالها وان تخصص حيزا من طاقتها وقدراتها للمساهمة في هذا المجهود الحياتي الذي بات يهدد جديا مستقبل تونس وحياة شعبها.

ووفق البلاغ الصادر عقب هذا الاجتماع عن وزارة الفلاحة، فقد أوصى الوزير “بمزيد إحكام التّصرف في الموارد المائية المتاحة، بما يمكّن من توزيعها بشكل متوازن وحسب الحاجيات والأولويات المطروحة بين مختلف المناطق والقطاعات لتفادي النقص الحاصل في مياه الشرب”.

وهي توصية من المفترض ان تسخّر لها كل الامكانات من أجل تطبيقها على ارض الواقع بكل عدل وبكل انصاف، لان تطبيق القوانين على بعض الفلاحين وحرمانهم من زراعة الخضر المروية، وفسح المجال امام مصانع وفنادق ومركبات سياحية وشركات ومؤسسات، لكي تعيث فسادا في المخزون وهدرا للماء دون حسيب ولا رقيب، فذلك لا يمكن بحال من الاحوال ان يحقق تطبيقا عمليا واقعيا لما قاله السيد وزير الفلاحة.

من هنا تبدو أهمية وضع شح المياه كبرنامج وطني فوق العادة، وإعطائه الاولوية العليا في كامل المجهود الوطني، باعتباره “حالة طوارئ” لا تتحمل مزيدا من السكوت ومزيدا من ترك الامور على عواهنها، بل لا بد من تحويل كل ما يتعلق بمياه الشرب في بلادنا الى مسألة أمن قومي، لان ذلك وحده يمكن ان يعدّل في مجالات هدره ويحافظ على البقية المتبقية من المخزون، في انتظار ايجاد الحلول البديلة، التي لا يعرف أحد كم سيستغرق البحث عنها وتوفيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

فرصة لإكثار البذور والعودة إلى الأصول : الحبوب أهم مقومات الأمن الغذائي

تنكب اطارات وهياكل وزارة الفلاحة هذه الأيام، وبمناسبة انتهاء موسم الحصاد، وبداية أمطار الخ…