2024-07-20

أستاذ الإقتصاد رضا الشكندالي: ترشيد التوريد له ايجابياته وله سلبياته أيضا..

سجلت واردات المواد الأولية والمواد نصف المصنعة انخفاضا بـ5,3%خلال السداسي الأول من 2024.وقد أثار هذا الانخفاض حفيظة عديد الخبراء والمختصين في مجال الاقتصاد بالنظر الى أهمية هذه الواردات لعملية الانتاج والاستثمار والتي تمثل 34%من الواردات الإجمالية. وعلى الرغم من أن هذا الانخفاض قد ساهم في تراجع العجز التجاري التونسي الذي مثل معضلة الاقتصاد التونسي وكان محور دعوات متكررة خلال السنوات الماضية دعت باستمرار الى ضرورة ترشيد الواردات التي تستنزف مخزونات البلاد من العملة الصعبة وجعلت البلاد في تبعية للمنتجات الاجنبية.

ولكن المتأمل في تركيبة المواد المتراجعة يجد المواد الأولية والمواد نصف المصنعة هي المواد التي مسها التراجع وهي ليست مواد كمالية يمكن التخلي عنها او استبدالها بل هي كلها مواد ضرورية لتحريك عجلة الانتاج واساسية للاستثمار.وكل تراجع أو نقص في هذه المواد ينتج عنه تراجع في حركة الإنتاج وفي الإستثمارات المرتبطة بها.وفي هذا السياق يرى أستاذ الإقتصاد رضا الشكندالي أن العجز التجاري للسداسي الأول يتحسن من سنة الى أخرى من 11.8 مليار دينار سنة 2022 الى 8.7 مليار دينار سنة 2023 الى 8 مليار دينار سنة 2024.لكن هذا التحسّن وفق تقييمه لم يكن نتيجة لتنامي الصادرات،حيث أن نسبة نمو هذه الأخيرة تتراجع من سنة الى أخرى.. بل كان نتيجة لسياسة التقشف على مستوى الواردات التي إستقرت في مستواها الضعيف لسنة 2023.واعتبر الخبير أن النقطة المفصلية والخطيرة هي تأثير هذه السياسة على واردات القطاع الخاص من مواد أولية ونصف المصنعة الضرورية لعملية الإنتاج.حيث واصلت هذه الأخيرة تراجعها بعد تراجع مهم السنة الفارطة وهو ما يهدد النمو الاقتصادي بمزيد الإنكماش الاقتصادي ومزيد التراجع للموارد الجبائية للدولة في نظره.

كما يعني ذلك أيضا المزيد من التداين الخارجي للسنة المقبلة.ولذلك لابد من وضع حدّ لهذه السياسة التقشفية على مستوى واردات المواد الأولية ونصف المصنعة نظرا لتداعياتها السيئة على الاقتصاد الوطني.وعموما هناك عديد الفوائد والجوانب الإيجابية في مسألة التقشف في التوريد من حيث تحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الطلب على المنتجات الوطنية مما يقلل من الإعتماد على الواردات وتقليص العجز التجاري والفجوة بين الواردات والصادرات وتحسين الميزان التجاري.كما أن ترشيد التوريد يساهم في تشجيع الصناعات الوطنية وتوفير الفرص لها لتطوير منتجات بديلة للمواد المستوردة.لكن في المقابل يمكن أن يكون له تأثير سلبي على بعض الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على المواد المستوردة وقد تواجه صعوبات في الإستمرار أو التكيف مع المواد المحلية. وقد يؤدي التقشف في واردات المواد الأولية ونصف المصنعة أيضا الى زيادة تكاليف الإنتاج مما ينعكس سلباً على الأسعار النهائية.وهذا يستوجب بالاساس تشجيع الابتكار والتكنولوجيا ودعم الأبحاث والتطوير لتحسين جودة المنتجات المحلية وجعلها تنافسية،زيادة على تحسين البنية التحتية من خلال الاستثمار فيها لدعم الصناعات المحلية.كما يتطلب ذلك خاصة دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتوفير الدعم المالي والفني لها لتطوير قدراتها الإنتاجية.وهي سياسة يجب أن تكون جزءاً من استراتيجية اقتصادية شاملة تأخذ في الاعتبار كافة العوامل الاقتصادية والاجتماعية لضمان تحقيق الفوائد المرجوة وتقليل المخاطر المحتملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …