أسقطت حرب الابادة التي أطلقها الكيان الصهيوني على غزّة وعلى الشعب الفلسطيني كل الأقنعة التي كانت تحجب وما تزال ازدواجية الخطاب الاعلامي الأوروبي الأمريكي الذي أعلن منذ اللحظة الأولى إنحيازه التام لاسرائيل تحت ذاك العنوان المضلّل الذي تصدّر كل المنابر: «من حقّها الدفاع عن نفسها» ردّا على ملحمة «طوفان الأقصى» التي هزّت كل الموازين في المنطقة وأسقطت أقنعة الزيف والخداع التي تَسِمُ ـ أيضا ـ الخطاب السياسي الأوروبي/الأمريكي اضافة الى تواطؤ عدد من الدول العربية المطبّعة زائد منظمات حقوق الإنسان التي تحوّلت الى شاهد زور أمام «إبادة جماعية» للسكان الأصليين وهي واحدة من الجرائم الأكثر فظاعة في تاريخ الانسانية.
ومع توسع دائرة الحرب وبعد ثبوت جريمة جيش الاحتلال ومع استعصاء الكيان الصهيوني واستمراره في إبادة الفلسطينيين رغم القرارات الدولية لوقف الحرب فقدت حكومة نتانياهو مصداقيتها أمام الرأي العام العالمي بحيث تراجعت أصوات داعميها الدوليين وانقلبت عليها شعوب العالم الحرّ.. إلاّ أنّ كل هذا لم يمنع بعض المنظمات «المتصهينة» من الاستمرار في ترويج الأكاذيب عبر تقارير مزيفة ومخجلة أمام فظاعة جرائم الكيان الصهيوني ومن بين هذه المنظمات التي كشفت مؤخرا عن وجهها الحقيقي منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية والتي نشرت مؤخرا تقريرا تبنت فيه كل الرواية الاسرائيلية منذ انطلاق «طوفان الأقصى» يوم 7 أكتوبر 2023 الى غاية اليوم وذهبت المنظمة الى أبعد من ذلك في تقريرها حيث تبنت ما تم تكذيبه ـ أصلا ـ من ذلك حديثها عن حالات اغتصاب وعنف جنسي واعمال تعذيب وسوء معاملة ارتكبها المقاتلون الفلسطينيون في حق الاسرى وهذه واحدة من «الأكاذيب الكبرى» كما جاء في توصيفات الاعلام الامريكي وهي الكذبة التي أطاح بها عدد من الأسرى ممن تم الافراج عنهم..
مقابل حديثها عن «الاسرى الاسرائيليين» لدى حماس فإن تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد غفل عن آلاف الأسرى الفلسطينيين المتروكين في سجون الاحتلال وسط أوضاع لا انسانية مذلة حيث يقتلون او يموتون في صمت وقد غفل عنهم الغافلون من مثل هذه المنظمة الحقوقية «المتصهينة» والتي تدعي الريادة في الدفاع عن حقوق الانسان دون تمييز جنسي او عرقي ودون فرز على أساس اللون او العقيدة وتقريرها الذي نشرته مؤخرا يؤكد انحيازها التام للجريمة الصهيونية في غزة وفي كل فلسطين بل هو «فضيحة» ضربت المنظمة في مقتل وخاصة عندما تحدث تقريرها عن «جرائم الحرب» التي ارتكبتها المقاومة في السابع من اكتوبر سنة 2023 اي صباح «طوفان الاقصى» المشهود..
لقد غفل تقرير «هيومن رايتس ووتش» عن كل الجرائم والمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال وغفل عن كل الفظاعات في حق الاطفال والنساء والشيوخ وغفل عن كمّ الخراب الذي اقتلع غزة وحوّلها الى جحيم ارضي وتحدث «باسلوب درامي مؤثر» عن امرأة مسنة تأثرت نفسيا جراء الهجوم بتاريخ 7 أكتوبر وان مواطنا اسرائيليا اصيب بجروح بليغة وفي المقابل لم تَرَ المنظمة الفلسطينيين وهم مكدسون في شوارع الجريمة «لكأن دمهم ماء» ـ على قول الشاعر ـ .
لقد سقطت منظمة «هيومن رايتس ووتش» سقطة مدوية بنشرها تقريرها الفضيحة والذي تبنت فيه الرواية الصهيونية بالكامل بل وروّجت لكل الأكاذيب التي اختلقها جيش الاحتلال دون ان تقدم دليلا واحدا يؤكد ما تبنته وما روّجت له وقد اعترفت المنظمة في «ديباجة» التقرير بأنها «لم تتمكن من جمع معلومات يمكن التحقق منها من خلال مقابلات مع ضحايا الاغتصاب أو شهود عليه من بين الأسرى المفرج عنهم كما اعترفت بان ليس لديها ما يؤكد ضلوع حماس أو المقاومة الفلسطينية بما أسمته جرائم حرب ضد جيش الاحتلال أو ضدّ مدنيين اسرائيليين ورغم هذه الاستدراكات الخطيرة التي وردت في التقرير فان المنظمة لم تتراجع عن نشر تقريرها بكل ما فيه من أكاذيب وادعاءات اسرائيلية بما في ذلك «الأكاذيب» التي فندتها تقارير الاستخبارات الأمريكية بل فندها الاعلام الاسرائيلي ذاته من مثل الادعاء باغتصاب الاطفال والنساء من بين الأسرى..!
لقد جاء تقرير «هيومن رايتس ووتش» ليكشف للعالم مدى ضحالة هذه المنظمات الحقوقية التي تدعي الريادة والحياد ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم مدى فظاعة الجريمة الصهيونية في حق الفلسطينيين فان هذه المنظمة وعبر تقريرها سعت الى تبرير جرائم جيش الاحتلال واعتبرتها من باب الدفاع عن النفس وبذلك تكون المنظمة شريكا في الجريمة وتقريرها في حد ذاته «جريمة موصوفة» في هذا التوقيت الذي وصل فيه عدد الشهداء والجرحى الى ما يقارب الـ120 ألف.. اضافة الى تدمير كامل لكل ما يدل على أنه كانت ثمة «حياة وحكايات» قبل الجريمة… وهذه مأساة لم ينتبه اليها تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» رغم الدم الذي يكاد يخرج من نشرة أنباء التلفزات…
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…