2024-07-19

نحو اقتصاد قائم على خلق الثروة والنموّ الحقيقي : القضاء على اقتصاد الريع  يتطلب تغيير الخيارات والإجراءات 

ما يزال الملف الاقتصادي يثير الكثير من الجدل و هو من الملفات الحارقة و العاجلة التي تحتاج لمعالجة جدية و مستعجلة في وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية عمقت الصراعات الاقتصادية بين القوى العظمى إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها تونس منذ سنوات .هذه الأزمة التي تعددت أسبابها و تراكمت لسنوات  نتيجة خيارات إقتصادية لم تعد تعط أكلها و بات من الضروري المرور نحو الإصلاحات اللازمة و المستوجبة من أجل الترفيع في نسبة النمو التي تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة لتصل إلى مستويات سلبية .

و في واقع الحال شرعت الدولة التونسية في اتخاذ بعض الإجراءات و الخيارات لتحسين المؤشرات الاقتصادية منها البحث عن أسواق جديدة في اتجاه إفريقيا و شرق آسيا و تنقيح بعض القوانين على غرار الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بأحكام إصدار الشيك دون رصيد ذلك أن ما يناهز 10  آلاف صاحب مؤسسة من فئة المؤسسات الصغرى و المتوسطة  مفلسة فار من تونس بسبب قضايا الشيكات بالإضافة الى أكثر من 6 آلاف يقبعون داخل السجون من اجل صكوك بلا رصيد.

واعتبارا لأهمية هذه المؤسسات التي تلعب دورا هاما و محوريا في الاقتصاد الوطني إذ  تمثل حوالي 90 بالمائة من النسيج الاقتصادي شرعت الحكومة منذ سنة تقريبا في إتخاذ حزمة من الإجراءات لفائدة هذا القطاع المأزوم و عززتها بجملة من الإجراءات إثر مجلس وزاري عقد في 5 جويلية 2023.

و قد تجدد الاهتمام بهذا الملف الذي يمثل جزءا أساسيا من الملف الاقتصادي من خلال لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس بوزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي، وكاتب الدولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط المكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة سمير عبد الحفيظ. حيث أكد الرئيس خلال هذا اللقاء على جملة من الثوابت في مقدّمتها أن يكون الاقتصاد وطنيا قائما على اختيارات الشعب التونسي وعلى خلق الثروة وعلى نموّ حقيقي لا على اقتصاد ريعي تُحتسب على أساسه نسب نموّ خاطئة كاذبة، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية مشدّدا على دور المؤسسات الصغرى والمتوسطة وضرورة رفع شتى أنواع العقبات التي يتمّ في أكثر الأحيان افتعالها، ومن بينها عدم استجابة عدد من الإدارات المعنية لمطالب بعث عدد من المشاريع من بينها تلك في شكل شركات أهلية.

و لعل في حديث الرئيس عن العقبات الإدارية إشارة إلى البيروقراطية التي عطلت آلاف المشاريع و ساهمت بشكل من الأشكال في العطالة الاقتصادية و رغم الدعوات المتكررة لاختصار الإجراءات و التقليص من الشروط و الوثائق المطلوبة لبعث المشاريع إلا أن الوضع ما يزال على ما هو عليه و هو ما يستوجب قرارا نافذا من أجل التشجيع على بعث المؤسسات و تنشيط العجلة الاقتصادية المعطلة منذ سنوات و المرور بأقصى سرعة نحو تجسيد هذه الدعوات الإصلاحية التي بقيت حبرا على ورق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رغم التراجع الطفيف في التضخم : ارتفاع الأسعار يرهق المواطنين ويؤرق المسؤولينا

كشف المعهد الوطني للإحصاء عن تراجع طفيف في نسبة التضخم إلى مستوى 6,7 بالمائة في شهر أوت 20…