أمام الدائرة الجنائية المختصة : جلسة العدالة الانتقالية تنظر في ملف ثقيل تعلق بنهب المال العام
شرعت صباح أمس الاثنين 15 حويلية 2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في النظر مجددا في ملف قضية الفساد المالي باسمنت قرطاج والتجاوزات المالية بالشركة التونسية للبنك و9 بنوك اخرى.
وبالمناداة على المنسوب لهم الانتهاك تبين أن بن علي توفي في حين أحيل بلحسن الطرابلسي بحالة فرار وشملت الابحاث في الملف المتصرف القانوني للشركة، نور الدين فرشيو ورجل الأعمال لزهر سطا ورابح علواني وجمال الدين بن رمضان والرئيس المدير العام للشركة التونسية للبنك منصف بكار، ومسؤول ببورصة الاوراق المالية.
وقد قررت الدائرة تأجيل المحاكمة لجلسة نوفمبر المقبل لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة إثر التحاق بعض اعضائها للعمل بمحاكم أخرى إثر الحركة القضائية الأخيرة 2023-2024.
ويفيد ملف القضية أنه في 13 جوان 2006 وجه لزهر سطا مراسلة الى وزير الصناعة يعلمه فيها برغبته في تأسيس شركة «اسمنت قرطاج» بالشراكة مع شركة ألمانية بطاقة انتاج تبلغ مليون طن علما وأن الشركة الأجنبية «هيديلبرق» قد قامت منذ سنة 2006 بالأبحاث الجيولوجية والأعمال اللازمة لإعداد المقطع واقرت بإمكانية بعث معمل اسمنت باستعمال المواد الاولية المتوفرة بالمقطع وفي هذا الاطار تم الاتصال من قبل لزهر سطا بوزارة الصناعة لتقديم المستثمر وملامح المشروع.
وفي 19 سبتمبر 2007 قام لزهر سطا بتوجيه مراسلة جديدة الى وزير الصناعة يعلمه فيها بأنه قام بتأسيس شركة دراسات لتقوم بالدراسات اللازمة لتأسيس معمل الاسمنت وتأكيده أن انطلاق الإنتاج سيكون بداية من سنة 2009 وبطلب تدخل الوزير لدى وكالة النهوض بالاستثمار للحصول على التصريح بالاستثمار الذي طالب به منذ 26 ديسمبر 2006.
وفي ديسمبر 2007 قام وزير الصناعة بتوجيه مراسلة الى رئيس الجمهورية يعلمه فيها بأن القدرة الانتاجية لشركة اسمنت قرطاج يمكن أن تبلغ 5.2 مليون طن في سنة 2016 خصوصا وأن مشروع التمويل المالي لتمويل مشروع جبل الرصاص (اسمنت قرطاج) يتالف من 30 الى 35 بالمائة من شركاء أجانب ومن 30 الى 35 بالمائة من مؤسسات مالية عربية و30 الى 35 بالمائة تعود الى مجموعة «ماجوس» لصاحبها لزهر سطا ولمجموعة «كارطاجو» لصاحبها بلحسن الطرابلسي.
وفي 7 جانفي 2008 وجه وزير الصناعة مراسلة الى شركة المقاطع الكبرى بالشمال لصاحبها لزهر سطا يعلمه فيها بموافقة رئيس الجمهورية على طلبه لتأسيس شركة «اسمنت قرطاج» علما وان هذا المشروع كان إنجازه مبرمجا بولاية قفصة بالشراكة بين شركة فسفاط قفصة وبين مجمع اسباني.
وبتاريخ 15 فيفري 2008 وجه لزهر سطا رسالة مباشرة الى رئيس الجمهورية ودون المرور بوزير الصناعة يطلب فيها الترفيع في الطاقة الانتاجية لشركة «اسمنت قرطاج» من 1 مليون طن الى 1.76 مليون طن في السنة رغم أن قرار وزير الصناعة ووكالة النهوض بالصناعة ينص على انتاج مليون طن في السنة وفي 10 مارس 2008 صدر قرار عن وزير الصناعة بالترفيع في القدرة الانتاجية للشركة مع العلم ان شركة اسمنت قرطاج مازالت مجرد مشروع فكرة ولم تتأسس بعد في حين أن لزهر سطا يطالب بالترفيع في الطاقة الانتاجية.
والجدير بالذكر أنه ورد بتقرير الاختبار ان لزهر سطا قد تراجع عن مشروع شراكته مع الشركة الأجنبية «هيدلبيرق» نتيجة خوفه من بلحسن الطرابلسي الذي أملى عليه التخلي عن الشريك الالماني على أن ينجز المشروع مناصفة بينهما.
التحضير لإنشاء الشركة..
بعد حصول لزهر سطا على ترخيص إنشاء شركة «اسمنت قرطاج» قام هذا الأخير بتأسيس شركة «bina holding» بتاريخ 28 فيفري 2008 مناصفة بينه وبين بلحسن الطرابلسي وقد تحصلت هذه الشركة المحدثة على نسبة 58.62 بالمائة من رأس مال شركة المقاطع الكبرى بالشمال قبل تقييم أصولها ودون تقييم القيمة الحقيقية للسهم الواحد ثم قام بتأسيس شركة «bina corp» في 17 مارس 2008 برأس مال متأت بنسبة 99 بالمائة من شركة «bina holding».
وإثر انقسام شركة المقاطع الكبرى للشمال تم في أكتوبر 2008 احداث شركة « اسمنت قرطاج» برأس مال قدره 108.8 مليون دينار حيث قيم الخبير المنتدب من قبل المحكمة الابتدائية بتونس الاصول المرصودة لمشروع الاسمنت بـ146 مليون دينار علما وأن المقطع المسند الى الشركة قد قدرت قيمته الجملية بأكثر من 130 مليون دينار اعتمادا على مدخراته لمدة 20 سنة والتي وقع الترفيع فيها في ما بعد الى 25 سنة.
وقد بلغت جملة الخصوم المسلطة على هذه الاصول ما قدره 35.919.717 دينار تتمثل في ديون بنكية قيمتها 30.3 مليون دينار وديون جبائية بقيمة 5.6 ملايين دينار وبالتالي تكون القيمة الصافية للمساهمة في رأس مال الشركة 110.628.081 رصد منها 108.800.000 دينار بعنوان مساهمة في رأس المال علما وأن رأس مال شركة «اسمنت قرطاج» متأت من مساهمات عينية تتمثل في أصول وجزء من خصوم شركة المقاطع الكبرى للشمال.
وللاشارة فإن الشركة الاجنبية « هيدلبرق للاسمنت» قامت في 2007 بتقييم القيمة الجملية للاصول بما في ذلك العناصر غير المادية والمعدات وقبل تصفية كل الديون لشركة المقاطع الكبرى للشمال بـ64 مليون أورو أي ما يعادل 117 مليون دينار في ذلك التاريخ.
كما أن الترخيص الذي تحصل عليه لزهر سطا كانت مدته 6 اشهر فقط والسؤال المطروح كيف يمكن تقييم الاصول المحالة الى شركة «اسمنت قرطاج» اعتمادا على مقطع مرخص في استغلاله لمدة 6 اشهر فقط من ناحية وادراج الشركة بالبورصة باحتساب 20 سنة من ناحية ثانية.
وبالتوازي مع دخول بلحسن الطرابلسي في رأس مال شركة المقاطع الكبرى للشمال عن طريق «bina holding» تم الحط من التعهدات المالية للشركات التابعة الى لزهر سطا رغم وجود ضمانات لفائدة البنوك تفوق بكثير قيمة التعهدات وهو ما يؤكد تدخل بلحسن الطرابلسي لدى البنوك للحط من هذه الديون.
مستشار مقرر عام سابق بنزاعات الدولة امام الدائرة الجنائية
مثل امام انظار هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفساد المالي ،مستشار مقرر …