2024-07-13

رغم الزيارات الميدانية لرئيس الجمهورية : العبث بـ«السكك الحديدية» تجاوز الحدود..!

لن يكون من السهل على عدد من المواطنين من مختلف مناطق الجمهورية، من بنزرت ربّما وتونس الكبرى إلى قابس ومدنين وما بين هذه المناطق كلّها، من الذين رمتهم الأقدار فركبوا القطار في الليلة الفاصلة بين الاربعاء 10 جويلية والخميس 11 جويلية 2024، نسيان “المغامرة” والتسامح مع العبث الذي بلغ ذروته في واحدة من أعرق الشركات الوطنية ببلادنا وهي الشركة الوطنية للسكك الحديدية.

ولا نخال أن تلك الشابة القادمة من قابس والتي كانت تمنّي النفس باجتياز “مناظرة” صباح الخميس في العاصمة، والتي لم تتمالك نفسها عن البكاء والحسرة وهي ترى فرصة مهمّة في حياتها تُهدر، ستنسى بسهولة ما اقترفته في حقّها هذه “الكبّانية”.

ونفس الأمر بالنسبة الى ثلاثة شبّان، امتطوا القطار اللّعين من صفاقس، كانوا على سفر ثان للخارج، وكان لهم بطبيعة الحال ارتباط بموعد الطائرة أجهضته “سكة الحديد”.

هذا دون ان ننسى بقية المسافرين القادمين من العاصمة نحو الجنوب أو المتجهين من قابس نحو الشمال، فلكل حكايته والتزاماته ولكل معاناة بدأت في “كركر” ولا ندري الى أين ومتى ستستمر معه.؟

الحكاية ببساطة بدأت بقطار غادر محطة قابس في اتجاه العاصمة في حدود منتصف الليل، ليصل الى صفاقس في حدود الثالثة صباحا ويستقر به السير في كركر في حدود الخامسة صباحا، ولمن يعرف جغرافيا البلاد فقد يهوّن على نفسه ويقول ان الأمر أصبح عاديا في بلادنا خلال العشرية والنيف – كي نعطي لكل ذي حقّ حقّه – لكن الحكاية لا تقف عند هذا الحد ثمة قطار آخر غادر محطة العاصمة في حدود العاشرة ليلا في اتجاه قابس وأوصله سائقه عنوة على ما يبدو الى كركر، أجل كركر وبالتحديد قبل كركر ببضع كيلومترات في نفس التوقيت أي الخامسة صباحا ويعلن عجزه عن استكمال الرحلة.

والتشويق والعبث لا يقف عند هذا الحد في الشركة الوطنية للسكك الحديدية، فقد ارتأى المسؤولون في هذه الشركة -الذين أقلقهم المسافرون صراحة – ان الحلّ في فكّ “رأس” قطار الجنوب لجرّ قطار الشمال إلى محطة كركر لفسح المجال للقطارات للسير على السكة الواحدة الوحيدة اليتيمة منذ زمن فرنسا، لكن بمجرد إنجاز هذه المهمة تغيّر رأي المسؤولين الكبار أو الإدارة كما يقول العون المتواجد على عين المكان، وكان القرار ان يتمادى “رأس” قطار الجنوب في جرّ قطار الشمال على أن ينتظر مسافرو الجنوب قدوم القطار الموالي الذي يغادر محطة صفاقس عند السادسة صباحا..!

بعملية حسابية بسيطة، اذا قُدّر للمسافرين على متن خطوط الشركة الوطنية للسكك الحديدية الوصول الى وجهاتهم النهائية فلن يكون ذلك في أقل من تسع إلى 12 ساعة..!

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ألم يكن بمقدور “المسؤولين” في هذه الشركة توفير حافلات لنقل المسافرين وضمان حقوقهم ومصالحهم ؟

سؤال ثان لا يقلّ أهمّية، ألم يكن بمقدور هؤلاء “المسؤولين” الوقوف على حالة القطارات المزرية وإقرار جاهزية وصلاحية استعمالها من عدمه وإن لزم الأمر تعليق النشاط لفترة زمنية معيّنة حتى تتم إعادة بناء الأسطول. ؟

والسؤال الذي لا نريد طرحه لانه بديهي في تقديرنا وللأسف لا تجيب عنه ادارة الشركة الوطنية للسكك الحديدية، ما ذنب من فرّط في فرصة عمل ومن تأخر عن مناظرة ومن تخلّف عن رحلة خارجية أو موعد طبيب أو جلسة محكمة أو من أرهقه السفر لساعات طويلة على كراس متسخة وغير مريحة ومن دفع ثمن الرحلة مرتين مرة لـ”الكبّانية” ومرة لسيارة أجرة دون ان ننسى من مكث في مفترق الطرق يتوسّل أصحاب السيارات للتكفير عن ذنب الشركة.؟!

ان حياة العشرات من التونسيات والتونسيين ومن الأطفال وكبار السنّ على متن الرحلتين كانت في خطر في كركر ، صحيح أنها محطة قطار، لكن تعطل قطار بالليل وفي ساعات الفجر المظلمة في العراء ومكوث العباد الساعات الطوال دون مرافقة ولا إعلام الأمر الذي خلق في بعض الأحيان حالة من الاحتقان والتوتر بين بعض المسافرين وعون المحطة أمر لا يمكن السكوت عنه والتغاضي عن محاسبة من تسبب فيه أو أساء إدارته يفتح الباب أمام التمادي في العبث.

لقد زار رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة شركات النقل العمومي ببلادنا وخاصة الشركة الوطنية للسكك الحديدية، وعاين بنفسه خلال شهر مارس الماضي على سبيل المثال، الوهن والإهمال الذي يميزها، على أن العبث تجاوز الحدود اليوم ولا مناص من وقفة حازمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في تفاعل بعض الوزراء مع نواب المجلسين : شيء من الواقعية وشيء من المبالغة أيضا..!

تتواصل تحت قبة البرلمان هذه الأيام الجلسات العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الو…